عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

أوراق مسافرة

«العرض أقل من الطلب» مبدأ للـ«تعطيش» يعتنقه بعض المسئولين عن قصد أو جهل، رغم أن كم العرض لهذا الشيء يكون متاحًا لديهم، وسيتحقق من ورائه للوزارة أو الهيئة الحكومية المزيد من الدخل المالى، فقط عليهم التنفيذ والتوسع فى العرض، فمثلا تتمسك وزارة الخارجية بوجود عدد محدود جدًا من مكاتب التصديق فى جميع الأرجاء، رغم أن ملايين من أبناء الشعب والضيوف على مصر من رجال أعمال ومستثمرين، وأيضًا لاجئين يحتاجون إلى تصديق العديد من الأوراق، والقيمة العالية المقررة على تصديق كل ورقة يتيح للخارجية فتح المزيد من مكاتب التصديق للتيسير على «خلق الله»، وتحقيق المزيد من الدخل اليومى للخزانة، وتوفير الخدمة بصورة آدمية محترمة، بدلا من هذه «البهدلة» والمهانة التى يواجهها طلاب التصديقات من زحام، ساعات انتظار طويلة، عدم وجود أماكن لائقة للانتظار.

أيها السادة، إذا كان المقصود تكديرنا، فمناحى الحياة الصعبة كدرتنا بما يكفى، وإذا كان المقصود تعقيدنا، فقد عقدتنا الظروف الاقتصادية وطحنتنا بما يكفى، وإذا كان المقصود أن نفقد انتماءنا ونبحث عن وطن آخر ييسر لنا الحياة والخدمات، فلن نفقد انتماءنا ولا هويتنا المصرية مهما تفنن هؤلاء فى محاصرتنا بأسباب النفور ودوافع الفرار، لن يكون لنا وطن غير وطننا، والمصريون الشرفاء الذين عانوا كثيرًا، وتمسكوا بحبال الصبر والإيمان ببلدهم وبأن القادم أفضل، لن يفقدوا أبدا إيمانهم، ولن ينجح أحد فى القضاء على أملهم بأن تصبح مصر بالفعل أم الدنيا، لأنهم يستحقون ذلك بما صبروا، وأقصد بهؤلاء الجماهير العريضة باستثناء الحيتان والغيلان والمنتفعين من دماء الغلابة.

ولا يمكن تجاهل وجود 14 مليون مصرى بالخارج، منتشرين فى شتى بقاع العالم، لهم أبناؤهم وأحفادهم تباعًا، وهؤلاء يقارنون يوميًا بين الحياة هنا وحياتهم هناك، بين يسر الخدمات فى تلك البلدان وبين البيروقراطية والتعقيدات فى وطنهم، ولا يمكن لباقى الشعب أن يهجر وطنه بحثًا عن حياة أفضل ومعاملات أرقى، وخدمات حياتية ميسرة، ومسئولين يقدرون مسئوليتهم، ويراعون الله فى مهامهم، وموظفين يتعاملون باحترام وآدمية مع المواطنين بعيدًا عن التعقيد والعجرفة والتلاعب بأوقات العمل، وإهدار وقت وجهد المواطنين.

وكارثة الكوارث أن تنتقل تلك التعقيدات إلى المصريين فى الخارج، حتى لا ينسوا، فحدث ولا حرج، فى سفارتنا المحترمة، على أى مصرى أن ينتظر من ثلاثة إلى ستة أشهر لاستخراج جواز سفر مصرى، فإذا فقد مصرى جواز سفره أو تلف منه، عليه الانتظار تلك الأشهر حتى يتم إرسال طلبه بجواز سفر جديد إلى مصر فى الحقيبة الدبلوماسية وفقًا لهم، ومن يسمع ذلك سيعتقد أن الموافقة ستأتى سريعًا بعودة الحقيبة الدبلوماسية، ولكن لا،  لا تأمل فى ذلك، فستعود عشرات الحقائب الدبلوماسية لمقر السفارة بلا جواز سفرك، وستظل الموافقة رهينة فى القاهرة بضعة أشهر.

سيسألنى أحدكم، وإذا اضطر المصرى المغترب للعودة لمصر أو السفر لبلد آخر لضرورة حرجة ماذا سيفعل؟ هل يبقى سجينًا فى هذا البلد الغريب؟، لا تتعجب حين تجيء الإجابة: سيتم استخراج وثيقة سفر مؤقتة له للسفر بها، وستسأل مرة أخرى: الله، طالما بإمكان السفارة استخراج وثيقة سفر عاجلة للمصرى، لماذا لا تستخرج له جواز سفر بالمرة؟، سيرد عليك المسئول بالسفارة: لا، الوثيقة المؤقتة شيء وجواز السفر شيء آخر، فليس لدينا الصلاحيات، يجب أن تأتى الموافقة من القاهرة، وستسأله وهل الموافقة تستوجب كل هذه الأشهر؟، سيرد عليك: إنها إجراءات وليس لنا دخل بها.

يا عالم، يا هو، «النافوخ بتاعى سيضرب»، أى أجنبى فى مصر إذا فقد جواز سفره، يتجه إلى سفارته أو القنصلية التابع لها، ويتم استخراج جواز سفر جديد له فى غضون ساعات أو ثلاثة أيام كأقصى حد، لأن بيانات كل مواطن مسجلة لديهم على الكمبيوتر ويتم استخراج الوثائق وكل الأوراق الأخرى التى تخص رعاياهم فى دقائق، فما بالنا برعايانا.. للحديث بقية.

 

[email protected]