رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

حكاية وطن

يوم الثلاثاء 28 يونيو 2011، أصدرت محكمة القضاء الإدارى، حكما تاريخيا بحل المجالس الشعبية المحلية على مستوى الجمهورية. قالت المحكمة إن هذه المجالس فقدت أصل شرعية بقائها فى نظام الحكم بمصر كأثر مباشر لنجاح ثورة 25 ينايرأو نتيجة حتمية لتعطيل العمل بالدستور الذى كان ينص عليها ويجعلها من أجهزة نظام الحكم وجزءا من السلطة التنفيذية.

وأكدت المحكمة أن هذه المجالس كانت إحدى أدوات النظام السابق فى تنفيذ سياساته وأفكاره التى دمرت وأفسدت كل شيء جميل فى هذا الوطن!

حكم حل المجالس الشعبية جاء بعد ثلاثة أشهر من الدعاوى التى أقيمت أمام القضاء الإدارى والتى أكدت أن المجالس المحلية جاءت نتيجة انتخابات مزورة وباطلة استولى فيها الحزب الوطنى البائد على ما يقرب من 98٪ من مقاعدها على مستوى الجمهورية وتبلغ 1750 مجلسا على مستوى المحافظات والمدن والقرى يديرها 54 ألف عضو وكانت هذه المجالس من أدوات النظام السابق الذى كان ينفذ بها سياساته وأفكاره التى أدت إلى الاضرار بمصالح الوطن ونهب وسلب ثرواته والتفريط فيها بأبخس الأثمان.

وعلى ضوء هذه الدعاوى كشفت حيثيات الحكم التاريخى لمحكمة القضاء الإدارى، أنه يثبت باليقين أن المجالس الشعبية المحلية، أخلت اخلالا جسيما بمصلحة هذا الوطن، وقصرت فى أداء مهامها، وتقاعست عن ممارسة الاختصاصات التى حددها لها المشرع فى القانون رقم 43 لسنة 1979، وهى الرقابة على المرافق والأعمال التى تدخل فى نطاق المحافظات والتأكد من تنفيذ خطط التنمية المحلية والاقتصادية والاجتماعية، واقرار مشروعات خطط التنمية، والمشروعات العامة بما يعنى بمتطلبات الإسكان والتشييد، واقتراح مشروعات التخطيط العمرانى واعداد الخطط والبرامج الخاصة بمحو الأمية وتنظيم الأسرة فى نطاق المحافظات، واقرار القواعد العامة لنظام تعامل أجهزة المحافظة مع الجماهير فى كافة المجالات.. وعلى الرغم من أن هذه الاختصاصات «هكذا قالت المحكمة» بالغة الأهمية فى حياة المواطنين كافة، فإن واقع حال البلاد يشهد على أن تلك المجالس لم تنهض بما هو مطلوب منها تجاه هذا الوطن، لذلك دب الفساد فى جنبات كافة وحدات الإدارة المحلية، وانتشرت الرشاوى لانجاز المصالح الخاصة بالمخالفة للقانون، وعم الجهل والفقر والمرض الغالبية العظمى من الشعب بعد أن أهملت تلك الجهات انجاز أية أعمال ترفع من شأن المواطن وتحفظ عليه بدنه وعقله ووقته وجهده، وفشلت سياسة المحافظات فى توصيل خدمات مرافق الدولة إلى المواطن فقدمت تعليما رديئا لا يستفيد منه المواطن أو الوطن، وتوارت جامعات مصر بعيدا عن ركب العلم والعلماء، وانتشرت العشوائيات فى كافة مدن مصر وأصبحت تمثل خطرا داهما يهدد الوطن بمن فيه ومن عليه، وانهارت أسس التخطيط العمرانى فى المدن والقرى والشوارع والأحياء، وضرب الطامعون عُرض الحائط بخطوط التنظيم وأصول البناء، وحصلوا عن طريق فساد هذه المحليات على موافقات تبرر لهم مخالفاتهم أو ارتكبوها دون أن يحاسبهم أحد، وضربت فوضى المرور والمركبات كل أمن أو هدوء ينشده أبناء هذا الوطن.

وأكلت التعديات الظالمة أكبر ثروة يملكها هذا الوطن وهى أرضه الزراعية التى عاش على خيرها وسقاها بدمه ومياه نيلها العظيم عبر العصور والأيام، وترك كل من يريد أن يفسد فى الأرض بأن يشيد عليها ما يشاء من أبنية بحجج واهية فى وقت تشكو فيه صحراء مصر الواسعة الثرية والوحدة وتنشد من يستصلحها أو يستزرعها أو يسكنها ولا مجيب، كل هذا التدمير والإهمال لثروات هذا الوطن وخيراته ما كان ليحدث أو يكون بهذا القدر الهائل «هكذا قالت المحكمة» لو كانت المجالس المحلية التى شكلت فى ظل النظام السابق وباعضاء ينتمون لحزبه البائد قد قامت بمهمتها التى حددها لها القانون أو راعت بها حق هذا الوطن عليهم، ولكن هذه المخالفات حدثت ليلا ونهارا وعلى مدى الأيام والسنين تحت بصر وأعين النظام السابق وأدواته ومنها المجالس الشعبية المحلية التى كانت يفترض أن تكون الجهاز الرقابى الأول الذى يقف حائط صد أول فى وجه الفساد وأهله فى كافة المحافظات والمراكز والمدن والأحياء والقرى وتسهر على رقابة عمل الحكومة وتصرفاتها فى نطاق هذه الوحدات وتحرص على التأكد من حسن قيام أجهزتها المختلفة بأداء مهامها على نحو يتفق وصحيح القانون حتى تقدم للمواطنين خدمات ترفع من قدرهم وتحقق آمالهم فى كافة المجالات، ولكن هذه المجالس نكلت بكل ذلك حتى وصلت البلاد إلى ما هى فيه من أوضاع مزرية وفساد إدارى ومالى فى كل ما يتصل بأداء هذه الأجهزة التى يفترض أن هذه المجالس كانت تراقب أداءها وسلوك القائمين عليها!!