رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

تتكرر بين الحين والحين مقولة إحياء الخلافة الإسلامية من خلال طرح خادع ترفعه جماعة الإخوان وباقى تنظيمات الإسلام السياسى، وهو أن الإسلام دين ودولة.

وأتصور أن كتاب الشيخ على عبدالرازق «الإسلام وأصول الحكم» والصادر قبل نحو قرن من الزمن يبقى من أهم الكتب المفصلية التى تصدت لإشكالية خلط الدين بالسياسة بدلائل عقلية، وخطاب هادئ، ونقاش موضوعى عميق.

وفى رأيى، فإن ترسيخ قيم المواطنة فى بلادنا يدفعنا دفعا إلى أن نفكر بجدية فى تدريس هذا الكتاب للطلبة فى المدارس خاصة فى مرحلة التعليم الأساسى، والتى يتشكل فيها وعى الفرد. وهذا الاقتراح ليس قاصرا على مصر وحدها، وإنما يمكن تطبيقه فى باقى الدول العربية، التى عانت ومازالت تعانى من مخاطر عديدة بسبب التطرف الدينى، ومزج للسياسة بالدين.

ومثل هذا الكتاب يقطع الطريق تماما على أطروحات الجماعات الأصولية المتطرفة بمختلف درجاتها، ويمثل ردا مبسطا وقويا على فكرة الخلافة واعتبارها أصلا من أصول الدين الإسلامى.

لقد صدر هذا الكتاب عام 1925 وامتلك صاحبه الجرأة ليعلن للناس أن اعتبار الخلافة أصلا من أصول الدين الإسلامى أساء للإسلام وأساء للسياسة نفسها.

وذكر المؤلف أن الخلافة هى ابتكار دنيوى بحت، وليست فرضا إلهيا، والدليل على ذلك أن مصطلح «خليفة» لم يرد فى القرآن الكريم باعتباره حاكما، وإنما ظهر عقب وفاة النبى (ص) للإِشارة إلى خليفته أبى بكر الصديق. لكن المشكلة  تولدت بعد أن اقتضت مصلحة الخلفاء أنفسهم تصوير الخلافة باعتبارها أمرا دينيا لا دنيويا لتحصين سلطانهم أمام محكوميهم، وللأسف الشديد فقد تحولت الخلافة إلى محور أساسى فى العقائد الإسلامية. 

ويرى على عبدالرازق أن الإسلام برىء من هذا الشطط، والذى تسبب فى استبداد كثير من الحكام وتجبرهم وفسادهم. فالإسلام لم يحدد شكلا محددا للحكم، ومعظم ما دونه الفقهاء من أحكام وتصورات فى هذا الشأن اعتمدت على التاريخ ولم تعتمد على نصوص دينية بعينها. ومن هنا يخلص الرجل إلى أنه لا يوجد فعليا ما يمنع الناس من اتباع النظم المدنية الحديثة للديمقراطية وتداول السلطة واتباع أفضل ما توصلت له العقول البشرية من نظم تتحقق معها التنمية ويسود فى ظلها الاستقرار.

ويقول الكتاب «إنّ الحكم والقضاء ومراكز الدولة هى خطط سياسية صرفة لا شأن للدين بها، فهو لم يعرفها، ولم ينكرها، ولا أمر بها ولا نهى عنها، وإنما تركها لنا لنرجع فيها إلى إحكام العقل، وتجارب الأمم».

ولقد أثار الكتاب غضب المتاجرين بالدين، فهاجموا صاحبه واتهموه بالضلال، ونشروا عنه الشائعات، لكنه ظل ثابتا وقويا لتثبت الأحداث فيما بعد صحة تصوراته بشأن نشر الفوضى والإرهاب تحت باب دعوات إحياء الخلافة. 

لقد دفع الشيخ على عبدالرازق ثمن عقلانيته وتحضره، وتعرض للمحاكمة والفصل من العمل والتشنيع عليه، وأقل ما يجب تكريما له أن يُقرر كتابه على طلبة المدارس، لإقامة حصن مبدئى ضد أخطر الدعوات الضالة التى تطرحها كل حين الجماعات المتطرفة. 

وسلامٌ على الأمة المصرية.