رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

نبض الكلمات

حين أتحدث عن الموت لابد لى أن أطلب لى ولكم وكل من أحب لحظات من التضرع إلى الله لنحظى برضاه قبل أن تقبض أرواحنا ونحن فى سبات عميق، ولا تتعجب عزيزى القاريء أننى أجد متعة حول أحاديث القبور، واسمح لى أيضا أن أتمنى لك طول العمر وامتداد الحياة، ولك ولأحبتى التمتع بروعة هذا الموت! فهو الحقيقة الثابتة منذ نشأة الكون حتى تقوم الساعة.

وفى مشهد الجنازات يعتصر قلبى ألمًا على فراق الناس حتى ولو كانوا أغرابًا، فكيف نكون لو قدر الموت للمقربين لدينا! ينتابنى الفزع من لحظة إغلاق القبر وتسارع الناس لترك ميتهم، خارج القبر أحدهم يبكى، والآخر حزين وآخر هناك لا يُبالى، وفى داخل القبر أحدهم يقول: ربى الله ودينى الإسلام ونبيى محمد صلى الله عليه وسلم، وآخر يقول: «هاه هاه لا أدري».. مش فاكر ذكرنى. لسانه شل لعدم ذكر الله طيلة حياته، فى الخارج يُحكمون إغلاق القبر من هنا وهناك وكأنهم يخشون خروجه. الحقيقة أن الروح التى ذهبت إلى خالقها تتمنى العودة ولو لحظة واحدة لذكر الله، وفى داخل القبر أحدهم يقول: رب أقم الساعة، وأحدهم يُنادى: رب ارجعونِ لعلى أعمل صالحاً فيما تركت.  

فى الخارج يتأفف أحدهم من التراب، وترهقه حرارة الشمس أو برودة الجو، ويمل من طول الدعاء، وفى داخل القبر لا يملك أحدهم إلا مترين فى متر من كون فسيح، وقطعة قماش، وعمله ودعوات صالحات، أو شوية «قرص» على روح المرحوم. 

فى الخارج لا تكاد تمضى ربع ساعة إلا وقد فرغ المكان وساد السكون، وخيم الصمت تماما ورحل الزوار، وفى الداخل ضجيج، أحدهم ينعم ويرى مقعده من الجنة، وآخر يصرخ من ضيق المكان وظلمته فزعًا، فى الخارج أناس قد انتقلوا من بيت مكيف لمسجد مكيف، بسيارة مكيفة، ويتعجلون الرحيل من الحر أو البرد، وفى داخل القبر يسمعون قرع نعال أحبتهم وهم يغادرون، أحدهم فى سعة ولطف ورحمة، وآخر فى ضيق وحر ونكد، روايات رواد القبور تنفطر لها القلوب، أفى النعيم المقيم نحيا، أم فى العذاب نشقى، والله أعلى وأعلم. جميعنا فى الانتظار، يمر قطار العمر سريعا يأخذ معه مشاعرنا وأحلام صبانا وشبابنا، وحياتنا كى تكون وقودا يسير به، وفى كل محطة يمر عليها نفقد على رصيفها جزءاً من أنفسنا، لا يمكننا أبدا أن نستعيده فيما بعد، ولا يمكن أن نلتقى به مرة أخرى إلا كطيف من الماضى، يمر أمام أعيننا كحزمة من الضوء نراها ولا نستطيع أن نلمسها، وفى كل مرة يقف الواحد منا وقفة طويلة مع نفسه، يتساءل فى حيرة: من أنا؟ وإلى أين أنا ذاهب؟ نحن لا نكبر عندما يشير التاريخ بسبابته إلى يوم ميلادنا البعيد، لا نكبر عندما ينهش الشيب فروة رأسنا، نحن نكبر حين يمر عزيز فى حياتنا ولا يلبث أن يسرقه الموت منا، نكبر عندما يعصف فصل الخريف بعلاقاتنا ويتساقط البشر من حولنا فجأة، نكبر عندما نتمسك بأذيال ضحكة زائفة مع شخص زائل. يارب عاملنا برحمتك وكرمك ونسألك حسن الخاتمـة لنا ولمن نحب. 

رئيس لجنة المرأة بالقليوبية وسكرتير عام اتحاد المرأة الوفدية

[email protected]