رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

مستشفى أوسيم.. الذباب يفترش الأسِرّة والمرضى يتسولون الاهتمام من الأطباء (فيديو وصور)

مستشفى أوسيم المركزي
مستشفى أوسيم المركزي

الذباب سيد الموقف في مستشفى أوسيم المركزي، يستقبلك بمجرد أن تطأ قدماك أروقته، فـ"الداخل مُعافى يخرج موبوءًا"، ولِمٓ لا فقد يكون ذلك ناقلًا رئيسيًا للأمراض والعدوى، ليُسطِّر المستشفى عنوانًا جذابًا للإهمال.

الفوضى والعشوائية تأخذنا لمشهد آخر، العُمّال يفترشون الأرض بمحاذاة معمل التحاليل، يتناولون الوجبات ويحستون أكواب الشاي، ويتبادلون أطراف الحديث.

غرفة الملاحظة دون تعقيم!.. رغم تأكد انتشار متحور كورونا الجديد EG5 في الآونة الأخيرة، وهو من أكثر المتحورات انتشارًا بالعالم، علاوةً على ذلك فالأسِرّة متسخة وأغطيتها بالية ولا مانع من أن يغادر المريض سريرًا ليستوطنه آخر على غير وعي دون تنظيف آثار السابق، فالمسألة فردية للحالة ولا رقيب في ذلك.

سرير في غرفة الملاحظة بمستشفى أوسيم المركزي

الذباب يُلوح للمرضى على الأسِرّة أيضًا وكأنه المرافق الملازم للمريض منذ دخوله حتى الخروج -إن خرج ومناعته لم تتأثر بذلك- وكأن العمال استساغوا وجوده فصار بالنسبة لهم أمرًا معتادًا لا يستحق التطهير أو التعقيم.

مشاهد عدة للفوضى والإهمال رصدتها "محررة الوفد" وهي تتوالى تترى فلا تزيد المتأمل والقارئ إلا وجعًا وقهرًا.. وتُبكي عصيّ الدمع نفسه.

 

جدتي من الطوارئ للملاحظة

جدتي عليلة وطاعنة في السن، طريحة الفراش، لا تقوى على الحركة، ذهبنا بها إلى المستشفى بخطىً وئيدة، طبيب واحد فقط موجود في الطوارئ فلا بأس من الانتظار، فهذا مصاب في شِجار وذاك مريض يتلوى يُكابد مرارة الألم ويتجرع علقم السّقَم، وبين هذا وذاك جدتي في انتظار دورها فوَعْيُها غير مستقر.

مرّت الدقائق كالدهر وفحصها الطبيب وطلب التحاليل والأشعة أجرينا اللازم وانتظرنا في غرفة الملاحظة- ناهيك عن الحشرات الموجودة بها والتي صورتها الطبيبة بهاتفها وقوبل الأمر بالضحك من قِبل التمريض والعمال وتحول الموقف إلى مشهد هزلي- لحين عرض الفحوصات على طبيبة الرعاية والتي نصحت بتركيب محاليل لها، وأثناء متابعة المحلول لاحظت توقفه فأسرعت لأُبلّغ التمريض لأعرف السبب، والتي جاءت في استياء شديد لبعض لحظات لتردد "لأ لأ شغال".. حتى دون النظر بإمعان للمحلول ولا اهتمام.. ناديتها ثانية ليزداد استياؤها، وتقوم باللازم رغمًا عنها.

سرير في غرفة الملاحظة

في مدخل المستشفى مقاعد يجلس عليها طاقم التمريض.. إذا كُلفوا بعمل يظهر استياؤهم ويردون بردود لا تليق بطبيعة عملهم، طلبت من الممرضات تركيب قسطرة بولية لجدتي لكن الأمر قُوبل بالرفض تحت طائلة "مش بنعرف".. في حين أن منهم من يعرف وفعل سابقًا وكأن الأمر يسقط بالتقادم، ويخبرونك بأن الطبيب هو المسؤول في الوقت نفسه الطبيب يُبدي عدم قدرته على تركيبها.. كل ذلك في مستشفى فأين يُمكن أن تقضى حوائج المرضى هل بها أم بالخارج؟!

عمال الأمن يتتبعون خطوات أهلية المريض، ويصطنعون تقديم الخدمات من أجل حصد الأموال إجباريًا.

وأثناء جولة "محررة الوفد" داخل أروقة المستشفى التقت الشابة "بسمة. خ" 26 عامًا والتي سردت عن موقف تعرضت له بالداخل شهدت عليه جدران المستشفى وقالت: "منذ شهر تحديدًا نشبت مشاجرة بيني وبين طبيب وممرضة بمستشفى أوسيم، حيث قاما بوضع كانولا بشكل خاطئ لأختي جعلت العرق نطر ونزفت على إثر ذلك، والدكتور رفض أن نضع الكانولا بأنفسنا، وبعدما نزفت نصحنا بالذهاب إلى معهد القلب ليخلوا مسؤوليتهم، في حين أن أختي كان من الضرورة أن تأخذ الجرعة في موعدها المحدد لها لأن عندها ميكروب والحقن بمواعيد..  ولكن للأسف الدكتور بصمجي، في ظل غياب الرقابة والإدارة".
"يوسف. ه" قال في استياء شديد: "لا أدرى هل التقصير في مستشفى أوسيم المركزي من وزارة الصحة أم الإدارة أم المرضى أنفسهم، أصبحنا في عداد الموتى بسبب إسعافات بسيطة للمريض قد تكون لا تُذكر ولكنها تسعف، فللأسف نقابل فيها إهمال ما بعده إهمال، كان معايا قريبي مريض طلبنا له الإسعاف، وأخصائي التحاليل ردّ على المسعف حين سأله عن التحاليل الخاصة بالمريض "هو أنا مواريش غيرك" وكأن أمر إنقاذ مريض في وقتنا هذا تسوّل".

وتابع: "ثم أقر دكتور الكشف المتواجد بأن حالة المريض تستوجب رعاية مركزة ومن هنا أدركنا من لا أذن سمعت ولا عين رأت.. فحالة قريبي كان تشخيصها نزيف على المخ ولا تتحمل أي تأخير، ورغم ذلك انتظرنا من الساعة الواحدة والنصف حتى الثالثة والنصف في انتظار رد الوزارة لإيجاد سرير خالٍ للحالة، أخبرني أن الأشخاص بالاتصال برقم 137 الوزارة وأمدهم بالبيانات وقد تم بالفعل، وأخبروا الدكتور، فكان رده عليهم "هرفع الإشاعات والتقرير"، والمريض ينزف على ترولي الإسعاف طيلة مدة انتظاره أمام باب الحمام دون أن يُنقل على سرير وحالته ساءت أكثر بسبب الإهمال قائلًا: هذا تسيب في حق الغلابة.. ومصير المريض في حالة احتياجه إلى رعاية أن ينتظر دون سؤال أو اهتمام حتى يتم دفنه وليس إسعافه". 
"أحمد. م" لم يستطع الإمساك بتلابيب عقله ليسدل الستار عن حالة استيائه الشديدة قائلًا: "مستشفى أوسيم المركزي لحد امتى هنفضل نعاني من إهمال الأطباء فيها، من المفترض أن يكون متواجد في قسم الاستقبال طاقم من الأطباء أو على الأقل تخصص أطفال وباطنة وجراحة وعظام ونسا، لكن وجود طبيب واحد فقط للكشف على كل الحالات أمر مبهم ويحتاج لتحقيق وتوضيح، أين باقي الأطباء! هل هم نائمون في السكن أم في عياداتهم الخاصة، أم يجلسون على الكافيتريا".
كما طالب من كل مسؤول في مدينة أوسيم بالاهتمام بأرواح الناس وخصوصًا غير القادرين على الكشف عند طبيب في عيادة خارجية ولا بد أن يلعب مستشفى أوسيم دوره المنوط به وأن يكون بيتًا لكل الناس بمختلف فئتهم".
التقط أطراف الحديث "جمال. س": "مستشفى أوسيم المركزي بلا أطباء ولا علاج الداخل مفقود والخارج مولود". وهذا ما أكده الشاب "أشرف. ط" قائلًا: "دكتور الاستقبال بيجيبوه بالإيجار يوميا علشان مفيش حد راضي يشتغل فيها للأسف"
"محمد. ال" أضاف: "في تمام الساعة الثانية صباحًا أصيبت ابنتي بكسر في ذراعها فذهبت فيها في الحال إلى مستشفى أوسيم قابلني دكتور الاستقبال وأخبرته بشكواها وكان رده: "تعالي يا عسل افردي إيدك كبشي إيدك" وصفق لها وأخبرنا أنها بصحة جيدة ولا يوجد كسر وما شابه، فذهبنا إلى المنزل ولكن الألم لم يفارق. ابنتي بل وتضاعف عن حده فاتصلت بطبيب آخر وأخبرني بحقيقة الكسر وهو ما أظهرته الأشعة وجبس يدها في الحال".

كل هذا وأكثر وما خفي كان أعظم شهدته الأسوار مُسارقة وكأن مسلسل الإهمال بالمستشفيات حلقاته أبدية ولم تنتهِ بعد، فالمدير والنائب والإدارة خارج الخدمة في مستشفى أوسيم المركزي مساءً، فلا رقيب على فعل.. أمور كثيرة وقفتُ أمامها شاردة الذهن مشدوهة أتفكر في الحال والمآل، في مستشفى يغيب دبيب الحياة عنها، لقد فاض بي الكيل فيها ولم يعد في جعبة الصبر منزع، مشاهدها مكررة مملة، مؤلمة الوقع، كأنك في مسرحية عبثية.. ولا يزال للحديث بقية حتى يُكشف اللثام عن المجهول ويُحاسَب المسؤول.