رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

أوراق مسافرة

عندما ظهرت خدمة الخطوط الساخنة فى مصر، فرح الشعب و«زقطط». و«زقطط» كلمة قبطية معناها ابتهج جدًا وتوقع الإبداع الأفضل، إذ يمكن لحضرة المواطن أن يتصل بالخط الساخن المختصر للجهة أو المصلحة الحكومية من مؤسسات وهيئات، ويستفسر حول الخدمة التى يطلبها، أو الأوراق المطلوبة لتلك الخدمة، أو يطلب أن تصل إليه الخدمة إلى عقر داره، بالطبع دقيقة الخط الساخن أعلى فى التكلفة من دقيقة المكالمة العادية، لأنها خدمة سوبر، تتعاقد من خلالها المؤسسة مع شركة الاتصالات، ويكون الدخل كبيرًا للاثنين وفقا للاتفاق المبرم بين شركة الاتصالات والمؤسسة.

المهم حضرة المواطن رضى مرغمًا بزيادة تكلفة مكالمته من الخط الساخن والتى تبدأ بـنصف جنيه للدقيقة الواحدة إلى ما هو أكثر، وذلك فى مقابل توفير الجهد والوقت، والمواصلات، ليذهب بنفسه إلى الجهة الكائن بها خدمته، لكن عندما يبدأ فى الاتصال بالخط الساخن، يصدمه الواقع، فللأسف معظم تلك الخطوط الساخنة باردة، وباردة جدًا، فهى واحدة من اثنتين، إما لا ترد ومعطلة تمامًا، وإما ترد ولكنها بالبلدى كده « تلت وتعجن»، أى تعرض عليك عروضًا وخدمات، و...و.. وتسمعك موسيقى مملة وسخيفة لتأخذ منك فى المتوسط خمس دقائق إلى ما هو أكثر، وكله فائدة للمصلحة الحكومية ولشركة الاتصالات.

ثم تجد الخط يقطع فجأة، فلا تصل لموظف، ولا لخدمة عملاء، ولا لنتيجة تفيدك من الأصل، ولو كنت من المحظوظين نوعًا ما، فستصل إلى المسئول ليجيب عن تساؤلاتك، ولكن «غراب البين» سيأخذ فرحتك ويطير حين تفاجأ بالمكالمة تفصل أيضا فى المنتصف، أو تفاجأ بتلك الرسالة السخيفة بالإنجليزى «سورى يوجد عطل تقنى، أعد المحاولة لاحقًا»، وطبعا مسجلة بالإنجليزى للدلالة على التطور الهائل فى الخدمة التى لن تنالها إلا بشق الأنفس، فتبسمل وتحوقل، وتستعيذ بالله من الشيطان، تطلب الرقم من أول وجديد، وتعاود نفس الكرة مرة وعشرات المرات حتى تنفد باقتك، أو كارت الشحن دون أى فائدة، وبديهى ستيأس من الخط الساخن وبرودته واستنزافه لجنيهاتك، فتتأبط أوراقك وتهرول إلى الجهة الحكومية بنفسك، وأنت ساخط ناقم، ولسانك لا يتوقف عن ترديد «حسبى الله ونعم الوكيل».

وقِس على هذا، نفس الحال البائس للخطوط الساخنة فى معظم البنوك، وخدمات الطوارئ الخاصة بانقطاع الكهرباء، الماء، مشاكل الغاز، بلدنا الحبيب به أكثر من 42 جهة رفعت مؤخرًا شعارات دعمها لحل مشاكل المواطنين، من خلال الخط الساخن، وتضم معظم الوزارات، من بينها وزارات الصحة، التأمين، والداخلية، التعليم، البيئة، الدفاع، بجانب مؤسسات وهيئات، منها البريد، المركز القومى لنقل الدم، الهيئة العامة للتأمين الصحى، وهكذا.

وحالهم لا يقل سوءًا عما ذكرته، ولعلى أراهن أن الخط الساخن الحقيقى المتفاعل مع المواطنين هو خط دار الإفتاء، ولعل الله حافظه وحاميه لدلالته الدينية، أما باقى الخطوط الساخنة فحدث ولا حرج راكبها شيطان، وتخرج المواطن عن شعوره وحتى أدبه،  فهى مضيعة للوقت والجهد واستنزاف للأموال، وحرق للأعصاب. 

لقد تم ابتكار الخطوط الساخنة لنجدة أوضاع المواطنين وسرعة الاستجابة لمطالبهم، أو الإجابة عن تساؤلاتهم، وقبل المواطن دفع ثمن هذه الخدمة، فلماذا لا توفى له خدمته بما دفع؟!

أما أنظمة الكمبيوتر والأجهزة نفسها التى يتم الاستعانة بها لتأدية الخدمات السريعة أو المميكنة للمواطنين، فهى أعجوبة الأعاجيب، وللحديث عنها بقية.

[email protected]