رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

زادت بنسبة 40%: أسعار الكتب الخارجية.. أولى صدمات العام الدراسى الجديد

بوابة الوفد الإلكترونية

 

صدمة كبيرة تعرضت لها ملايين الأسر المصرية بسبب ارتفاع أسعار الكتب الخارجية بشكل مُبالغ فيه، ففى شهر أغسطس من كل عام، يبدأ موسم الدروس الخصوصية ومن ثم يبدأ معه موسم شراء الكتب الخارجية، ولكن المفاجأة غير السارة للجميع هى ارتفاع أسعار الكتب بشكل مبالغ فيه، ما زاد من أعباء أولياء الأمور الذين يتكبدون آلاف الجنيهات فى الدروس الخصوصية، بعدما تحول الكتاب المدرسى إلى مجرد ديكور على مكتب الطالب أوعلى التابلت، بينما عجزت منصات الوزارة والقنوات التعليمية عن فرض نفسها كبديل للكتاب الخارجى الذى كان وما زال يحتل صدارة المشهد التعليمى حتى الآن.

المفاجأة أن كثيراً من الخبراء الذين يرسمون خطة تطوير الكتب الخارجية تابعين لوزارة التربية والتعليم، فلماذا لا تخرج هذه الطاقات والأفكار فى الكتاب المدرسى، ليكون كافياً للطالب بدلاً من تكبده وأسرته آلاف الجنيهات خاصة فى المرحلة الثانوية؟ وبالتالى يستفيد الطالب من الكتاب المدرسى الذى تتكبد فيه وزارة التربية والتعليم ملايين الجنيهات سنوياً بسبب الورق والأحبار والطباعة. 

ما بين 140 جنيهاً إلى 400 جنيه، تختلف أسعار الكتب الخارجية فى منطقة الفجالة الأشهر فى ترويج المستلزمات الدراسية، وهو ما كشفته جولة «الوفد» على بعض المكتبات، حيث يتراوح سعر أحد كتب اللغة العربية للمرحلة الإعدادية بين 190 إلى 220 جنيهاً، كما وصل سعر كتاب اللغة الإنجليزية إلى 230 جنيهاً، والدراسات الاجتماعية يتراوح بين 145 إلى 160 جنيهاً

أما المرحلة الثانوية، فكتاب اللغة العربية يصل سعره إلى 300 جنيه والتاريخ بـ160 جنيهاً والجغرافيا بـ135 جنيهاً، بينما سجل كتاب آخر أسعاراً متفاوتة حسب كل مكتبة، ففى مادة الفلسفة وصل سعره إلى 140 جنيهاً وهناك بعض التجار يعرضونه بـ135 جنيهاً، وفى مادة الكيمياء وصل إلى 230 جنيهاً، والتاريخ ما بين 190 إلى 200 جنيه، والجيولوجيا 225 جنيهاً والأحياء بـ140 جنيهاً، بينما سجل العربى الجزء الأول ما بين 295 إلى 320 جنيهاً والجزء الثانى منه سجل 200 جنيه. 

أما كتاب اللغة الفرنسية فتراوح سعره بين 45 و50 جنيهاً، وكتاب الجيولوجيا يباع بـ135 جنيهاً، وكتاب آخر فى اللغة العربية يباع بـ220 جنيهاً.

الإقبال مستمر 

وعلى الرغم من ارتفاع الأسعار، فإن هناك إقبالاً كبيراً من أولياء الأمور على الشراء، وقال حمدى جمال، أحد البائعين، إن الكتاب الخارجى سيظل هو أساس الدراسة وطريق الطالب للنجاح، مشيراً إلى أن ارتفاع أسعارها هذا العام يرجع إلى ارتفاع تكلفة الإنتاج من أوراق وطباعة بالإضافة إلى تكلفة التوزيع. 

«كتير بشوف أولياء الأمور بيبقوا محتارين يراضوا مين من عيالهم».. قالها صابر هريدى، بائع كتب خاجية، متذكراً موقفاً لأحد الآباء ومعه 3 من أبنائه فى مراحل تعليمية مختلفة، موضحاً أنه اشترى كتب بـ4500 جنيه ورغم ذلك لم يقم بشراء جميع الكتب المطلوبة لهم بل قام بشراء المتطلبات الضرورية فقط. 

ومن التجار لأولياء الأمور، حيث قال سالم فتحى: «دائماً الثانوية العامة تعتمد على الدروس الخصوصية والكتاب الخارجى وأى كلام غير كده مش فى مصلحة أبنائنا». 

يستكمل ولى الأمور حديثه ويقول إن ولى الأمر ليس لديه استعداد أن يغامر بمستقبل ابنه أو ابنته لما يقال فى الاعتماد على الكتاب المدرسى الذى يقال إنه يعتمد على طريقة معينة فى تطوير الطالب حتى يعتمد على نفسه فى الابتكار وتابع: «الثانوية العامة بالنسبة لنا مش حقل تجارب.. دى حياة أو موت.. ومعنديش فرصة أغامر بمستقبل ابنى». 

من جانبه، قال رفعت كامل، إنه مثل غيره من أولياء الأمور الذين يحرصون على توفير كافة سبل الراحة لأبنائهم لتحصيل أكبر قدر من الدرجات الدراسية فى الثانوية العامة، ولهذا نعتمد دائماً على الكتب الخارجية لما فيه من إمكانية تدريب الطالب على كافة أشكال الأسئلة وطرق طرح الامتحانات. 

أزمة الكتاب المدرسى 

تساؤلات عديدة تحتاج لأجوبة.. منها لماذا لا يقوم الخبراء الذين يضعون الكتاب المدرسى بتطويره مثل الكتب الخارجية؟، خاصة أن مؤلفى للكتب الخارجية أنفسهم تابعون للوزارة؟، ولماذا يحرص الطالب على شراء الكتاب الخارجى رغم تكبد الدولة ملايين الجنيهات سنوياً لتطوير الكتاب المدرسى؟ 

ردت على هذه التساؤلات الدكتورة ولاء شبانة، الخبيرة التربوية، مؤكدة أن الدولة تتكبد مبالغ طائلة لطباعة الكتاب المدرسى بمواصفات خاصة تتبع أحدث الطرق لتطوير فكر الطالب.

وأكدت الدكتورة ولاء أن الكتاب الخارجى يمتاز فقط بمهارات تنوع الأسئلة وتدريب الطالب على كافة طرق وضع الامتحانات، وعلى الرغم من ذلك، فهذه الطريقة غير صحيحة تربوياً وسيكولوجياً، فلا بد من تطوير الطالب على الإبداع ولهذا من الصعب أن تقوم الوزارة بتطبيق ذلك فى الكتاب المدرسى.

وأشارت الخبيرة التربوية إلى أن ثقافة أولياء الأمور بضرورة تدريب الابن على جميع أنواع الأسئلة هى السبب فى استمرار ترويج الكتب الخارجية وبقاء الكتاب المدرسى مجرد ديكور فى منازلهم، مشيرة إلى أن الكتب الخارجية من الصعب أن تبنى عقلية متطورة قادرة على الابتكار إنما تبنيها على الحفظ والتلقين. 

منصات بلا جدوى

السؤال الذى يطرح نفسه: أين تكنولوجيا التعليم من أزمة الكتب الخارجية، فمنذ سنوات تسعى وزارة التربية والتعليم إلى تطوير الكتاب المدرسى وتوفيره إلكترونياً، فى الوقت نفسه دشنت الوزارة عدداً من القنوات والمنصات التعليمية كبديل للكتب الخارجية والدروس الخصوصة، ومع ذلك لم تؤت كل هذه الجهود ثمارها المرجوة، فما زالت آفة الدروس الخصوصية تنخر فى جسد العملية التعليمية، وما زال الكتاب الخارجى هو المرجع الأول والأخير.

وتعليقاً على ذلك، قالت الدكتورة منى طمان، محاضر واستشارى دولى فى تكنولوجيا التعليم وتطبيقات الذكاء الاصطناعى، إن جميع المنصات التعليمية الخاصة بوزارة التربية والتعليم لم يتم الترويج لها بالقدر الكافى كما أنها ليست تفاعلية، موضحة أن المواقع التعليمية لا بد أن تكون تفاعلية لخلق تواصل بين المعلم والطالب، وألا تكون مجرد تسجيلات صوتية على الموقع يسمعها الطالب بدون جدوى، لذلك تصبح الكتب الخارجية أفضل من المواقع التعليمية الأون لاين. 

وأشارت خبيرة التعليم الإلكترونى إلى أن اليونيسكو كانت قد حذرت من قبل من «الأسلوب الجامد» فى التعامل مع التلاميذ والمقصود بالأسلوب الجامد: الاكتفاء بالتسجيلات فقط، وتابعت: هناك فارق كبير بين التربوى والخبير التكنولوجى، فالذين صمموا المواقع الإلكترونية التعليمية ليسوا خبراء بالقدر الكاف فى التكنولوجيا ولكنهم تربويون فقط، ومن هنا كان اللجوء للكتب الخارجية أمراً طبيعياً لما فيها من أنماط متعددة للاسئلة التى يتفاعل معها الطالب.

مبادرات الخير لاستبدال الكتب الخارجية 

 

الحاجة أم الاختراع.. ومع حالة الغلاء التى تعانيها ملايين الأسر أمام غول الكتب الدراسية خرج العديد من مبادرات الخير، ومنها مبادرة «كتاب الخير» وكانت من فكرة مروة الدالى وعدد من المتطوعين من شباب مدينة البدرشين.

تهدف المبادرة إلى توفير الكتب المدرسية والخارجية والملخصات الدراسية للطلاب غير القادرين من مختلف المراحل التعليمية دون أى مقابل لتخفيف عبء المصروفات الدراسية على أولياء الأمور، وحث أبنائهم على مواصلة التعليم دون أن تقف المصروفات عائقاً أمامهم إلى جانب نشر ثقافة التطوع وفعل الخير.

ووصل عدد الأسر المستفيدة من المبادرة إلى 10 آلاف أسرة، وذلك بعدما حققت المبادرة نجاحاً كبيراً بفضل مشاركة قرابة 200 متطوع من مختلف الفئات العمرية والمراحل الدراسية فيها.

وقالت مروة فى حديثها إن الفكرة تعود لـ5 سنوات مضت حيث سيجمع القائمون على المبادرة الكتب الدراسية التى انتهى أصحابها من استخدامها، والتى فى الأغلب يتم إهدارها والتخلص منها أو تركها على الأرفف أو بيعها لتجار الخردة، وإتاحتها فى مكان مجهز لغير القادرين مجاناً، لتكون فرصة لمن منعتهم ظروفهم المادية من اقتناء ما يحتاجونه من كتب ومستلزمات دراسية وتوسيع نطاق الاستفادة منها.

مروة الدالى تابعت حديثها وقالت إن الفكرة ولّدت من داخل أسرتها بتشجيع أبنائها وأشقائها وأصدقائها على التبرع بما لديهم من كتب، ومع مرور الوقت اتسع نطاق المبادرة وبدأ الكثيرون من محبى الخير المشاركة فيها والتبرع بما لديهم من كتب لمختلف المراحل التعليمية بداية من الروضة وصولاً للجامعة، وتابعت: «الفكرة بدأت بسيطة وتوسعت خلال السنوات الماضية وأفادنا من خلالها مئات الطلاب فى أكثر من 20 قرية». 

وأضافت صاحبة المبادرة: «بعد أن اتسع نطاق عمل المبادرة، قمنا بتجهيز مقر ثابت يفتح أبوابه سنوياً قبل بدء العام الدراسى لاستقبال جميع الطلبة من مختلف المراحل التعليمية»، مشيرة إلى أن المكان يجمع كماً كبيراً من الكتب المدرسية وملازم لأكبر المدرسين وأساتذة الجامعة لمختلف المراحل التعليمية (الروضة، الابتدائى، الإعدادى، الثانوى العام، جميع مراحل التعليم الأزهرى، جميع مراحل اللغات، جميع مراحل التجريبى، وكتب الجامعات).

وأكدت مروة الدالى أن المبادرة نجحت فى تحقيق صدى واسع وساهمت فى تشجيع الكثيرين على العمل التطوعى، قائلة: «المبادرة نجحت فى تغيير الكثير من العادات السلبية للطلاب، فبعد أن كانوا يسيئون التعامل مع الكتب بالكتابة على صفحاتها أو تمزيقها أصبحوا يحافظون عليها حتى يقوموا بإهدائها لغيرهم من الطلاب فى نهاية العام الدراسى، كما أقبل الكثيرون على المشاركة فى أعمال المبادرة لدعم ومساندة أكبر عدد ممكن من الأسر غير القادرة». 

مجلس النواب ينتفض 

بعدما تعالت أصوات أولياء الأمور صراخاً بسبب ارتفاع أسعار الكتب الخاجية انتفض مجلس النواب رحمة بأولياء الأمور، وطالب النائب أحمد عبدالسلام قورة، عضو المجلس الدكتور رضا حجازى، وزير التربية والتعليم والتعليم الفنى، إعطاء أولوية قصوى لملف تطوير جميع المناهج التعليمية بمختلف مراحل التعليم الأساسى بما يجعل الطلاب ليسوا فى حاجة إلى شراء الكتب الخارجية بعد ارتفاع أسعارها بصورة جنونية وأصبحت تمثل مشكلة مالية كبيرة للتلاميذ وأسرهم.

وقال «قورة» فى سؤال قدمه للمستشار الدكتور حنفى جبالى، رئيس النواب، لتوجيهه إلى الدكتور رضا حجازى، وزير التربية والتعليم والتعليم الفنى، إن حالة من الغضب والاستياء تسود بين أولياء الأمور نتيجة لارتفاع أسعار الكتب الخارجية، للعام الدراسى الجديد 2023/2024م، حيث زادت الأسعار على العام الماضى بنسبة 40%.

وتساءل: «هل فشل خبراء وأساتذة الجامعات المصرية فى تطوير المناهج التعليمية بما لا يؤدى إلى استعانة تلاميذ التعليم قبل الجامعى بالكتب الخارجية؟ ومَن المسئول عن انتشار هذه الظاهرة الخطيرة التى تهدد أى تطوير وتحديث فى المناهج التعليمية لأن استمرارها يؤكد فشل سياسات تطوير وتحديث المناهج التعليمية؟».

كما تساءل النائب: «هل يتم مراجعة الكتب الخارجية من قبل وزارة التربية والتعليم والتعليم الفنى؟ ومن الذى يقوم بتحديد أسعار الكتب الخارجية؟»، مطالباً بضرورة الرقابة الحقيقية على المواد العلمية داخل هذه الكتب.

ووصف النائب ظاهرة الكتب الخارجية بـ«السوق السوداء»، وهذا بسبب سياسات وزارة التربية والتعليم والتعليم الفنى، لأن كتب الوزارة بمجرد أن يستلمها التلاميذ من الصف الأول الابتدائى وحتى الصف الثالث الثانوى يتم وضعها داخل المنزل ولا يتم استخدامها على الإطلاق، ويلجأ الجميع إلى الكتب الخارجية وحتى المعلمين أنفسهم يعتمدون فى تدريس المناهج عليها، مقترحاً ضرورة التواصل بين مؤلفى الكتب الخارجية والوزارة لعقد بروتوكول تعاون لتطوير المناهج التعليمية والاتفاق على وجود الكتب المدرسية فقط وغلق باب الكتب الخارجية.

الأسباب

وكشف بركات رضا، عضو مجلس إدارة شعبة الأدوات المكتبية بغرفة القاهرة التجارية أن زيادة أسعار الكتب الخارجية بنسبة تجاوزت الـ40% تعود لعدة أسباب منها: ارتفاع أسعار الطباعة والورق والأحبار، بالإضافة إلى زيادة تكلفة الشحن دولياً، مشيراً إلى أن الإقبال على الشراء كما هو مثل العام الماضى لا يختلف كثيراً خاصة أن ملايين من الأسر يعتمدون على الكتاب الخارجى بشكل أساسى فى كل مراحل التعليم، وأشار إلى أن المدرسين أنفسهم يعتبرون أحد أسباب ارتفاع الأسعار، خاصة أن كل مدرس يتعامل مع دار نشر معينة تطبع كتاب يلزم الطالب بشرائه.