رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

أوراق مسافرة

دفعت ثمن خطأ موظفة التذاكر، وتراجعت بدافع إنسانى عن تمسكى بعدم دفع ثمن التذكرة مرة أخرى، لأجنب كمسارى القطار مواجهة مشكلة، وقلت لنفسى هذا درس كى لا أثق فى الجالس خلف الحاجز الزجاجى بأنه سيحجز لى تذكرة وفقًا لليوم والساعة التى طلبتها، وأن أراجع موعد التذكرة قبل مغادرة شباك التذاكر مهما كانت متعجلة، كان هذا ما ذكرته المقال الماضى، عندما حجزت لى الموظفة تذكرة قبل الموعد الذى طلبته بيوم، وعدت من رحلتى وقوفًا داخل القطار وأنا فى قمة الإجهاد لعدم وجود مقاعد خالية، بجانب دفعى ثمن تذكرة أخرى بالغرامة، ولم يغادرنى هذا السؤال «هو مين الغلطان؟» أنا، أم الموظفة التى حجزت لى موعدا بمزاجها؟

بسم الله ما شاء الله أم الدنيا بلدنا اتجهت إلى الخدمات الفورية والإلكترونية للمواطنين، ليس عليك سوى أن تدخل على الموقع الإلكترونى لتسجل طلبك، لتحصل على خدمتك، أو تأتيك الخدمة إلى منزلك بالبريد مع فرق تكلفة مناسب مقابل الراحة التى سيتمتع بها المواطن بقضاء خدمته وهو فى منزله، لا زحام مواصلات، ولا تضييع وقت وجهد فى طوابير.

ولكن انتظر، لا تفرح أيها المتعجل، حاول أن تدخل إلى الموقع الإلكترونى للخدمة، ستجده يعتذر لك بالخط الأحمر أو الأسود، إنه للأسف معطل، أو تجد جملة تقفز فى وجهك «عذرًا هناك خطأ ما، من فضلك أعد المحاولة».

«وابقى قابلنى بقى»، لو اتحلت العقدة، وانتهى الخطأ واشتغل الموقع، وستحاول عشرات المرات، وفى كل مرة ستكون أكثر دقة معتقدًا أن الخطأ منك، تحاول ويحدوك الأمل أنك ستنجح، ولكنك بعد أن يضيق صدرك، ويضيع وقتك وجهدك، وتبرطم باللعنات وتردد جملة «حسبى الله ونعم الوكيل» ستكتشف أن الخدمة وهمية، والصفحة غير مفعلة للتفاعل والاستجابة لطلبات المواطنين غير متاحة غالبًا، وأن الخبر الذى تم نشره بالصحف، مجرد تصريح من وزير أو مسئول، هم فى الواقع غير مسئولين، لأنهم روجوا كذبًا تقديم الخدمات إلكترونيًا عبر تلك المواقع، وعليك أن تدندن مثلى لتقفز فوق حالة اليأس»فخبيئة طلبك يا ولدى ساكنة فى قصر مرصود، من يدخل موقعها، من يطلب خدمتها، من حاول فك طلاسمها مفقود.. مفقود.. مفقود».

وعليك أن تنسى تلك المواقع العبقرية الإلكترونية ذات الطلاسم، وتتأبط رزمة أوراقك، وتهرول لتقصد المصلحة أو الجهة المطلوبة، لتمارس طقس العذاب البيروقراطى فى إنهاء طلبك، وتذييل أوراقك بعشرات التوقيعات من عدة موظفين وشبابيك، وإياك أن تتذمر، أو يلمح موظف منهم نظرة تأفف على وجهك، وإلا سيزداد لون يومك سوادًا، وستتعقد أوراقك، عليك أن ترتدى وجه «مهرج» وتفغر فمك بابتسامة بلهاء لا معنى لها أمام كل شباك، وينطلق لسانك بالشكر والدعوات لكل من يتفضل ويخط ورقك بتوقيعه.

وإذا وجدتهم يفطرون الفول والطعمية الساعة العاشرة وهم يتحلقون حول مكتب أحدهم، ولم يبدأوا عملهم فعليًا والمفترض أنه فى الثامنة، عليك أن تنتظر، ليس ليفطروا على مهل فقط وهم يتبادلون الفكاهات والحكايات، لا، بل حتى ينتهوا من أكواب الشاى بعدها، واحذر أن تعكر مزاجهم، بل قل لهم مع كل قضمة «بالهنا والشفاء» وبعد شرب الشاي»هنيئا « ولا تغضب وهم يذهبون تباعا بعدها إلى دورة المياه ربع أو حتى نصف ساعة، إنه حقهم الطبيعى، وملعون أبو حقوقك كاملة.

أما لو كنت مطالبًا بسداد مبلغ ما فى خزانة تلك المصلحة، عليك أن تعمل حسابك أنها ستغلق فى الثانية عشرة، وستسأل لماذا؟، سيقال لك حتى يورد أمين الخزنة المبالغ للبنك، ولا تسأل لماذا تتحمل أنت تلك الإشكالية؟ أن يتم تشغيل الخزنة ثلاث ساعات فقط، وعليك أن تشعر بفخر التميز؛ لأنك لن تجد هذا النظام العبقرى إلا لدينا، فى مصالحنا ومؤسساتنا الحكومية وحتى غير الحكومية.

أما خدمات الخط الساخن، السبوبة العبقرية.. فللحديث عنها بقية.

[email protected]