رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الصورة تكون فى كثير من الأحيان أبلغ من الكلام، والصورة يمكنها أن تعكس عشرات الدلالات والأفكار، وهو ما يغنينا عن الكلام والبحث عن مفردات لتوضيح رؤيتنا، لذلك كانت صورة الرئيس عبد الفتاح السيسى إلى جانب الرئيس الروسى فلاديمير بوتن، وهما يتوسطان القادة الزعماء الأفارقة فى القمة الإفريقية الروسية الثانية التى عقدت بمدينة سان بطرسبرج الروسية، دليلًا دامغًا على مكانة مصر إقليميًا وعالميًا، وما وصلت إليه من خلال سياستها الخارجية الحكيمة القائمة على احترام سيادة الدول وإرادة الشعوب وعدم التدخل فى الشئون الداخلية للدول، والعمل المخلص الجاد نحو إحلال السلام وإنهاء الصراعات والأزمات فى العالم من أجل التفرغ للقضايا التى تهدد العالم، خاصة ما يتعلق بملف التغيرات المناخية الذى وضعته الدولة المصرية على رأس أولوياتها، باعتباره أهم القضايا التى أصبحت تشكل تهديداً لمسارات التنمية داخل القارة الإفريقية وتسببت فى خسارة قارية فادحة.

كما تؤكد هذه الصورة التى وقف فيها الرئيس السيسى فى مركزها وحوله 49 من زعماء القارة، إلى جانب حفاوة الاستقبال من جانب الرئيس بوتين، أهمية مصر فى القارة الإفريقية باعتبارها بوابة رئيسية للدول والكيانات العالمية للعبور إلى القارة الأفريقية، فضلا عن أن انشغال مصر الدائم والمخلص بقضايا وهموم القارة فى جميع المحافل الدولية، مما عكس جانبًا أصيلًا فى السياسة الخارجية المصرية، وهو التوجه نحو القارة السمراء، حيث عقدت مصر العديد من اللقاءات بين الرئيس السيسى وقادة الدول الإفريقية، سواء على مستوى العلاقات الثنائية، أو على مستوى جماعى، وكان على رأسها قمة دول جوار السودان والذى استضافته القاهرة للعمل على نزع فتيل الأزمة السودانية، إضافة إلى قمة نيروبى، وهو ما يدلل على الدور المصرى النشط فى القارة الإفريقية، فقد تولت مصر رئاسة الاتحاد الإفريقى فى 2019، كما تولت رئاسة الكوميسا وهو التجمع الاقتصادى لدول شرق وجنوب القارة الإفريقية، وتتولى مصر حاليا رئاسة النيباد، وهو تجمع إفريقى يهتم بالقضايا الاقتصادية والاجتماعية، كما تشارك مصر فى قوات حفظ السلام فى القارة الإفريقية.

ودلالة جديدة تضيفها الصورة التى أعتبرها صورة العام لأنها تحمل فى طياتها سنوات من العمل الدؤوب والجهد المتفانى من أجل وضع مصر فى مكانتها الطبيعية بعد سنوات من التراجع، لكنها أيضا تؤكد أن مصر وروسيا تمتلكان علاقات متميزة لها أبعاد تاريخية ممتدة، لكن هذه العلاقات اكتسبت زخما وقوة غير مسبوقة فى السنوات الأخيرة، وانعكس على حجم التعاون بين مصر وروسيا فى مختلف المجالات العسكرية، والاقتصادية، والتنموية، بالإضافة إلى جود تقارب مصرى روسى فى العديد من القضايا الإقليمية والدولية، وضرورة إيجاد حلول جذرية للقضايا والنزاعات الدولية، والعمل على دعم القارة الإفريقية فى مجال الأمن الغذائى، ومواجهة المجاعات، والفقر، والعمل على تحقيق التنمية المستدامة، وخصوصا فى هذه الفترة التى يواجه فيها العالم تحديات متعددة، والتى يتشكل فيها النظام الدولى على نحو جديد هو ما يتطلب وجود قضايا وهموم القارة بشكل دائم على مائدة المجتمع الدولى لتكون أفريقيا رقمًا فاعلًا دوليًا خلال المستقبل القريب.

ومن أهم المكاسب التى تحققت فى القمة الإفريقية الروسية، هو الإعلان عن إطلاق خط شحن مباشر بين مصر وروسيا، ليكون جسرا بين الاقتصادين الروسى والإفريقى، بما فى ذلك دول المغرب العربى وشمال إفريقيا ككل، والإعلان عن افتتاح خدمة الحاويات التجارية البحرية المباشرة ما بين ميناء دمياط المصرى وميناء نوفوروسيسك الروسى، فمصر بحكم موقعها الاستراتيجى ستصبح مركزا للشحنات من وإلى روسيا، وهو ما سيكون له أهمية كبيرة فى مواجهة قضية الأمن الغذائى فى القارة، خاصة بعد تعليق اتفاقية تصدير الحبوب الأوكرانية عبر البحر الأسود، وفى ظل عرض الرئيس الروسى تزويد الدول الإفريقية بملايين الأطنان من الحبوب والأسمدة خاصة القمح، وبما أن مصر مستورد أساس للقمح فإن روسيا تسعى من خلال تدشين هذا الخط لتزويد مصر باحتياجاتها من القمح وتعويض النقص من القمح الأوكرانى، ومن ثم سيكون لهذا الخط مردود إيجابى من ناحية أمن مصر الغذائى، فضلاً عن تعزيز مجالات الصادرات والواردات المصرية من وإلى روسيا، ومن المتوقع أن تشهد السنوات القادمة زيادة حجم التبادل التجارى بين مصر وروسيا، لتتخطى 18 مليار دولار، وهو حجم التبادل الفعلى بين البلدين، بالإضافة إلى ما تعكسه القمة من ضرورة دعم الدول النامية خاصة فى إفريقيا، واهتمام مصر بهذا الملف فى كافة المحافل الدولية.

عضو مجلس الشيوخ - عضو الهيئة العليا للوفد