رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

تأملات

بمعايير السياسة، ومعايير الأزمة التى تواصلت أكثر من عشر سنوات حتى الآن، فإن الموقف الإثيوبى الجديد بشأن سد النهضة يمثل اختراقا ليس لنا سوى أن نستقبله بارتياح باعتباره تحقق بعد تعب السنين.

التطورات التى حدثت وبدت فى الموقف الإثيوبى وعبرت عنها تصريحات آبى أحمد رئيس الوزراء الإثيوبى وبيانه تثير الدهشة لأى متابع للأزمة وتدفع للفرحة والاستغراب فى آن واحد. فبعد مفاوضات ماراثونية على مدار سنوات كانت كلها تبوء بالفشل، وبعد أن ركن الجميع إلى أن طريق المفاوضات أصبح مسدودًا وأن السد أصبح حقيقة واقعة شاء من شاء وأبى من أبى، جاء موقف أديس أبابا المؤكد على أنها لا تنوى الإضرار بدول حوض النيل، وفى الوقت ذاته التوافق مع القاهرة على مفاوضات حُدد لها إطار زمنى بأربعة شهور يتم خلالها التوصل إلى اتفاق.

هذا التطور أو الاختراق بمعنى أصح قوبل بأشكال مختلفة من المواقف على الصعيد المصرى ما بين مرحب ومتشائم، وإن اتفق الجميع على أن ما جرى لا يمكن سوى الترحيب به باعتباره بادرة أو نقلة نوعية فى الموقف الإثيوبى يراها المرحبون علامة على انفراجة يفسرونها على نحو إيجابى بشأن تأثير الدبلوماسية المصرية وحنكتها فى الصبر على التعنت الإثيوبى وعدم الانجرار وراء صراع لم يكن له أن يتجاوز حجمه الذى هو عليه الآن. فيما يتخوف المتحفظون من أن يكون وراء الأكمة ما وراءها خاصة فى ضوء العديد من المعطيات التى تقرر أن الطرف الإثيوبى ربما لم يكن لديه ما يسلكه سوى هذا النهج.

أبرز هذه المعطيات أن عملية الملء الرابع للسد سلكت طريقها إلى التنفيذ منذ أيام وستستمر لمدة تتجاوز الشهر، وهى أكبر عملية ملء تصل إلى نحو 24 مليار متر مكعب، وهى كمية تتجاوز بمراحل تلك التى تمت على مدار العمليات الثلاث السابقة وهى 17 مليارًا، وقفت مصر خلالها بالمرصاد لإثيوبيا وتم خلالها –عملية الملء الأولى والثانية– اجتماع لمجلس الأمن لبحث الأزمة، ما عنى رفع الموضوع إلى مستوى كونه أزمة دولية. بمعنى آخر أن إثيوبيا تريد تمرير هذه العملية فى هدوء ودون مشاكل كبرى، هذا فضلا بالطبع عن مجموعة تحفظات أخرى تتعلق بالتزام إثيوبيا بتعهداتها.

فى كل الأحوال وفى ضوء قراءة مواقف الأطراف المختلفة.. السودان الذى ليس له صوت بحكم انخراطه فيما يقرب من حرب أهلية، ومصر التى يبدو أنها قررت التعامل بلغة مختلفة عن التصعيد للمستوى الدولى، وهو ما بدا فى الملء الثالث، لا يبدو ما حدث من تطور اختراقا كما سارعنا إلى التوصيف، وإنما هو تحصيل حاصل لوضع محدد، ربما يعزز هذا الطرح حقيقة أن التراث الطويل للتعاطى مع أزمة السد اتسم بقدر من الغياب المعلوماتى الذى يتيح للمراقب التوصل إلى التحليل السليم لما يحدث من تطورات. ورغم كل ما سبق يحدونا الأمل أن يمثل العمل بما جرى من «انفراجة» تطورًا حقيقيًّا فى المستقبل يقضى على مخاوف واضعى أيديهم على قلوبهم من المفاجآت الإثيوبية.

 [email protected]