رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

حكاية وطن

في برلمان فترة التسعينيات والألفية الثانية حتى عام 2010، كانت التغطية الصحفية لجلسات مجلس الشعب مختلفة، كنا نعرض مختلف الفنون الصحفية في كتابة الجلسة من السياسة العميقة، إلى «اللايت»، إلى الفيتشر، إلى جانب الصور التي لا تحتاج إلى شرح لأن القارئ كان يقرأ الصور من قوة تعبيرها عن الحدث.

مثلا في جلسة فض دور الانعقاد البرلماني كنا من خلال تقرير إنجازات المجلس، وبحسبة بسيطة نعرف ونحدد عدد النواب الذين لم يتحدثوا طوال مدة الدورة البرلمانية وكانت في ذلك الوقت محددة بسبعة أشهر وكنا نطلق عليهم نواب «أبوالهول» وكانوا تقريبا معروفين بالاسم، لكن التقرير طبعا لم يشر إليهم ولم يكن يقصدهم ولكن كان يذكر عدد النواب الذين تحدثوا خلال الجلسات العامة التي عقدها المجلس طوال الدورة البرلمانية، وإذا طرحنا عدد المتحدثين من عدد النواب المكون منهم المجلس يكون ناتج الطرح هم نواب «أبوالهول».

بعض هؤلاء كان يحضر الجلسات للتوقيع في الكشف المعلق على سبورة أمام باب القاعة الرئيسي للاستفادة من بدل الجلسة، ويهرول سريعا إلى سيادته التي تكون بانتظاره في «البارك»، وبعضهم لا يدخل المجلس نهائيا إلا يوم استخراج بطاقة العضوية وأيضا كان يتقاضى بدل حضور الجلسات لأن هناك من كان يوقع لهم في الكشوف قبل تطبيق النظام الإلكتروني، وبعض النواب كانوا يحضرون وقت إلقاء الحكومة بيانها السنوى، أو يوم افتتاح الرئيس لدور الانعقاد، حضوراً منقطعاً أو حضورًا ولكن بدون كلام، على رأي البرنامج الذي كان يقدمه الممثل البارع حسن مصطفى.

منطق نواب «أبوالهول» هو إذا كان الكلام من فضة فالسكوت من ذهب، سألت أحدهم مرة قال اللي اتكلموا خدوا إيه! كنت أرتب لإجراء حوار معه عندما عاتبني على الإشارة إليه بالتلميح لأنه كان يرى أن هناك ريشة على رأسه من مجرد ذكر نواب أبوالهول لأسأله عن أسباب خوضه الانتخابات إذا كان ليس لديه وقت للحضور إلى مجلس الشعب، سؤالي كان مهذبا لأنني لم أربطه بالشق الثاني وهو حصوله على مكافأة وبدل جلسات لا يستحقها، وتعتبر من قبيل الاستيلاء على المال العام، ومن جانب المجلس تعتبر تسهيلا للاستيلاء عليه، وأن حضرة النائب يعتبر ارتكب جرمين، الجرم الأول انه خان أبناء دائرته، وحنث بالقسم ولم يمثلهم تحت القبة، ولم يؤد دوره في رعاية مصالح الشعب رعاية كاملة ولم ينفذ أي كلمة جاءت في اليمين الذي أداه الذي بموجبه يمارس دوره في استخدام آليات الرقابة على الحكومة ومساءلتها واستجوابها وسحب الثقة منها إذا وجد منها اعوجاجاً، والجرم الثاني أنه حصل على مال دون أن يؤدي عملا، ولم يلحق حتى بالأجير الذي يحصل على أجره قبل أن يجف عرقه! اكتفيت بإجابة نائب «أبوالهول» اللى اتكلموا خدوا إيه، هو خد، حصل على مكافآت وبدلات جلسات ولجان، وأحيانا بدلات تمثيل للمجلس فى زيارات خارجية وزيارات ميدانية من خلال رحلات الشتاء والصيف التى كانت تصرف عليها الوزارات التى كان يطلق عليها وزارات الكعب العالى ذات الإيرادات العالية!

من خلال تقرير نهاية دور الانعقاد والذى يطلق عليه تقرير الإنجازات الذى يشمل عدد الجلسات التى عقدها المجلس خلال دور الانعقاد، وعدد طلبات الإحاطة والأسئلة والبيانات العاجلة والاقتراح برغبة التى ناقشها ومشروعات القوانين التى ناقشها ووافق عليها، وعدد ساعات العمل فى اللجان والجلسات العامة، من خلال كل ذلك كنا نحسب ميزانية مجلس الشعب السنوية وكم من الملايين حصل عليها النواب فى صورة بدلات ومكافآت، وكنا نعرف كم استجوابا ناقشها المجلس، وكم طلب حصانة عرض عليه ضد النواب.

طبعا كانت استجوابات بالمئات ولكنها كانت تشبه طلقات الفشنك تدوش ولا تصيب، كان النواب يستجوبون الحكومة ويصوتون لصالحها، على طريقة «زيتنا فى دقيقنا» و«علم عليه وسيبه ربنا يهديه».

نواب «أبوالهول» فهموا الفولة بدرى، تركوا الكلام لأصحابه واستمسكوا بالحصانة البرلمانية التى كانت تدر عليهم  الذهب والفضة الحقيقيين، عرفوا من بدرى من أين تؤكل الكتف، كانوا يحضرون كل قسمة على طريقة إذا حضرتم القسمة فاقتسموا، هم النواب المزوغون وهم الحاضرون، وهم الغائبون، وهم الذين يلتفون حول الوزراء للحصول على تأشيرات، وهم الذين تجدهم فى المصالح الحكومية والوزارات، حصلوا على شىء من شىء، وحافظوا عى لقب «أبوالهول»، لا الحكومة زعلت منهم ولا المجلس عاتبهم، ولا أهالى الدائرة حاسبوهم لأنهم باختصار تربية الحزب الوطنى، «هو بابا وهو ماما وهو أنور وجدى!».