رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

حكاية وطن

انتهت الدورة البرلمانية الثالثة لمجلس النواب ولم ينته الكلام عن المخرجات المنتظرة من الحوار الوطنى بين القوى السياسية المختلفة والتى ستحال إلى «النواب» لترجمتها إلى قوانين تواجه الاستحقاقات السياسية القادمة، ومنها انتخابات الفصل التشريعى الثالث لمجلس النواب، يتبقى على نهاية الفصل التشريعى الثانى دورتان: الرابعة والخامسة ومدة كل منهما تسعة أشهر، فمع بداية الدورة الجديدة التى ستنطلق فى شهر أكتوبر المقبل يبدأ العد التنازلى للانتخابات البرلمانية الجديدة من برلمان 30 يونيو والذى كان ميلاده حجر الزاوية الثالث فى بناء الجمهورية الجديدة مع انتخاب الرئيس وإصدار الدستور.

بناء جمهورية ديمقراطية جديدة تنعم بالأمن والاستقرار وتترعرع فيها الوحدة الوطنية لن يتم إلا بوجود أحزاب سياسية نعمل على تفعيل المادة الخامسة من الدستور التى تؤكد قيام النظام السياسى على أساس التعددية السياسية والحزبية، ولن تكون هناك أحزاب حقيقية إلا إذا ترجمت نفسها إلى مقاعد برلمانية أو محلية، وخضعت لحكم الشارع على أدائها بأنها نشطة أم خاملة ولن تتصل الأحزاب السياسية بالشارع لبحث مشكلات المواطنين إلا إذا تركت الغرف المغلقة، وقدمت برامج طموحة تخاطب بها المواطن، وتعمل على أرض الواقع لدعم القضايا الوطنية.

لا شك أن التعددية الحزبية هى الركيزة المهمة التى تتمحور حولها عمليات الإصلاح السياسى فى الدولة، وهى الآلية المحركة لعجلة الديمقراطية التى وصلت بجميع أطراف القاعدة السياسية إلى مصارحة تستهدف مصلحة الوطن والمواطن، لكن التجارب السابقة أثبتت أن معظم الأحزاب السياسية الموجودة على الساحة مجرد رخص وليس لها تأثير على أرض الواقع، ولا يشعر بها المواطن، ولا تقدم رؤى أو مقترحات تخدم الدولة، عدد كبير من هذه الأحزاب التى تتجاوز الـ106 أحزاب كرتونية، لا تواجد، لا رؤى، لا تمثيل نيابى، لا مقار، بعضها أنشئ للوجاهة الاجتماعية فقط!

ماذا تفعل الأحزاب السياسية وهى تعلم أنها لن تنال البر إلا إذا التحمت بالشارع لبلوغ مبادئها وأهدافها فى السعى إلى تداول السلطة، الإجابة مطروحة كمفردات واقتراحات أمام الحوار الوطنى من قادة الأحزاب أنفسهم ولكل المتصلين بالمحور السياسى، الإصلاح يتم من خلال تعديل قانون تنظيم الأحزاب الصادر عام 1979، واعتباره الأساس فى التعديل، هناك اقتراحات بوضع مبادئ الحوكمة فى الأحزاب من خلال لوائحها والأسس الموضوعة لتداول السلطة داخلها، بعيدا عن التزكية والتعيين وتكون الانتخابات داخل الأحزاب من القاعدة للقمة بما يسمح بعدم تركيز السلطة فى يد شخص ووضع آلية لبعض النزاعات الداخلية مع التأكيد على أهمية استقلالية الحزب السياسى فى إدارة شئونه الداخلية وألا تتدخل الدولة فى الإدارة الداخلية للأحزاب وفى ممارستها لأنشطتها المختلفة وألا تكون صلاحية القرارات التى تتخذها مجالس إدارتها مشروطة على موافقة الحكومة.

هناك اقتراحات قديمة - جديدة بدمج الأحزاب السياسية على أساس أن المرحلة الراهنة تحتاج إلى وجود حزبين أو ثلاثة أحزاب رئيسية فقط، تكون لها رؤى ومقترحات لحل مشكلات المواطنين والنهوض بالحياة السياسية والتواصل مع الحكومة لعرض رؤيتها وحل مشكلات الناس، وأن يتحقق من خلالها التنافسية، لكن هذه الاقتراحات بالدمج لا تتم من خلال قانون وتصطدم بالدستور الذى جعل إنشاء الأحزاب بالإخطار لكنها تتم بالتوافق، حتى التوافق يجد صعوبة شديدة ولن يحدث الدمج بسبب اختلاف الأيديولوجيات، كما يواجه الاندماج حساسية شديدة فى إلغاء حزب بكامله وانصهاره داخل حزب آخر أو كيان مختلف، كما أن هناك اقتراحات بالتحالف بين الأحزاب والتى تحافظ على شخصية كل حزب وتجعلها قائمة وتحتاج فقط إلى تطابق الفكر والرؤى بين الأحزاب المتحالفة، وبعيدا عن قانون الأحزاب هناك معضلة طريقة إجراء الانتخابات البرلمانية للوصول إلى طريقة ديمقراطية تحقق أهداف الأحزاب فى الحصول على مقاعد فى غرفتى البرلمان، فهناك ميول نحو تطبيق القائمة النسبية غير المشروعة التى تكون فيها قواعد الدوائر مقسمة على عدد الأصوات التى تحصل عليها الأحزاب، وهناك انتقادات للقائمة المطلقة التى أقلعت عنها معظم الدول.

كل الحلول مطروحة للتعايش ولن يتوقف البحث عن صياغة جديدة لتقليل عدد الكيانات الحزبية الموجودة على الساحة حتى تكون أكثر تأثيرا وقوة عما هى عليه، لأن الحزب الذى لا يترجم إلى مقاعد برلمانية هو والعدم سواء، وقد يترك الأمر للشارع الذى يحكم على أداء الأحزاب سواء كانت نشطة أم لا، وأن تتيح الدولة الفرص المتكافئة لكل الأحزاب للعمل فى الشارع حتى تستطيع عرض برامجها على الناس وترك الشارع يحكم على الأحزاب، حتى تختفى الكيانات الهشة، ويذهب الزبد جفاء ويمكث ما ينفع المواطن. وقد تستفيد الأحزاب من تجارب الدول الكبرى مثل الولايات المتحدة الأمريكية، التى بها عدد كبير من الأحزاب يفوق عدد الأحزاب المصرية بكثير، وينافس حزبان فقط على السلطة، وكذلك الأمر فى فرنسا وعدد كبير من الدول الأخرى. إنعاش الحياة الحزبية لابد أن يتم قبل الانتخابات القادمة، من أجل المنافسة الشريفة، وأن يكون للأحزاب دور فاعل ومساند ومهم مع الدولة فى الجمهورية الجديدة، لا يجب أن تستمر الأحزاب العائلية والوجاهة الاجتماعية والأحزاب الورقية، وأحزاب اليفط، الأحزاب الحقيقية منظمات جماهيرية لابد أن تكون مؤثرة فى المشهد السياسى.