رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

حكاية وطن

من أهم ما حققه حزب الوفد الذي ولد من رحم الحركة الوطنية، أنه استطاع أن يجمع بنجاح بين المسلمين والأقباط في حزب واحد يسوده التفاهم والوفاق. ولقد نشأت فكرة ظهور هذا الحزب العريق في العهد الملكي، وبالتحديد إبان إرهاصات ثورة 1919.

كان إبراهيم فرج في السادسة عشرة من عمره عندما توهجت أحداث ثورة 1919، وكانت الثورة بمثابة الشعلة التي أضاءت الطريق القويم للشباب ومنهم إبراهيم فرج من أجل وطن حر مستقل يتحرك فيه الشعب العظيم كتيبة واحدة رافعًا شعار «الدين لله والوطن للجميع» ذلك الشعار الذي نعود إليه حتى الآن إذا ما عبثت في صفوف الشعب قوى الفتنة والظلام.

عثر في ملف الطالب «إبراهيم فرج مسيحة»، على طلب التحاق بكلية الحقوق جامعة فؤاد الأول، به تاريخ ومحل الميلاد 1903، سمنود محافظة الغربية، وفي خانة ولي الأمر: مصطفى محمد النحاس، والمقصود به بلدياته من مدينة سمنود، الزعيم مصطفى النحاس.

تخرج إبراهيم فرج في كلية الحقوق عام 1925 وعمل محاميا في مكتب مصطفى النحاس المحامى، ثم عمل سكرتيرًا برلمانيًا لرئيس الوزراء مصطفى النحاس، واختير وكيلًا للنائب العام، واشتغل بالقضاء، ومديرًا للإدارة التشريعية بوزارة الداخلية. وكان أستاذًا للقانون بكلية الشرطة، وعين مديرًا لإدارة المستخدمين بوزارة الداخلية، ومديرًا للتفتيش، واختاره مصطفى النحاس وزيرًا للشئون البلدية والقروية، وعين عضوًا في مجلس الشيوخ، وشارك في وضع إجراءات إلغاء معاهدة 1936، وحكم عليه بالأشغال الشاقة المؤبدة عام 1953 أمام محكمة الثورة. وأفرج عنه عام 1956، وأعيد اعتقاله مرة ثانية عام 1957، وتم الإفراج عنه. واعتقل عام 1961، ووضعت أمواله تحت الحراسة، وصدر قرار بعزله سياسيًّا، وظل إبراهيم فرج مخلصًا ومحبًّا لولي أمره وزعيمه «مصطفى النحاس» حتى رحل الزعيم في 23 أغسطس 1965.

ووقف إبراهيم فرج إلى جانب زعيمه ورفيق دربه محمد فؤاد سراج الدين الذي أعاد بتخطيط محكم حزب الوفد إلى الساحة السياسية. ومعه كوكبة من أفضل المناضلين الوفديين الذين أبوا أن تسقط راية الوفد. وكان إبراهيم فرج وكيل المؤسسين للوفد، وأعلن في فبراير من عام 1978 أمام الدكتور مصطفى خليل أن الوفد لا يريد مساعدة مالية من «الاتحاد الاشتراكي» ومعنى هذا استقلال لإرادة الوفد في مواجهة النظام ومواجهة الحكومة. وبعد عودة الوفد اختار فؤاد باشا سراج الدين رئيس الوفد، إبراهيم فرج سكرتيرًا عامًا للوفد ورئيسًا للجنة الشئون الخارجية. هذا النضال ليس جديدًا على إبراهيم فرج الذي عاش فترة النضال الحقيقي ضد طغيان القصر الملكي وسيطرة الاحتلال والحكومات الأقلية.. وتحت زعامة مصطفى النحاس عاش أيضا معركة الدستور ضد إسماعيل صدقى حتى سقط دستور 1930، وعاد دستور 1923.

تميز إبراهيم باشا فرج بقدرته على التحليل السياسى الواعي، فقد ذكر في شهادته حول حريق القاهرة الذي وقع في 26 يناير 1952، أن الذي حرق القاهرة المخابرات الأمريكية والمخابرات البريطانية، لكن الأساس في العملية هو المخابرات المركزية الأمريكية، على أساس أن أمريكا في ذلك الحين كانت هي القوة الرئيسية المحركة للأحداث في تلك الفترة.. ولم تكن راضية عن سياسة حكومة الوفد برئاسة النحاس باشا، ولذلك قد أدت كل عمليات الضغط التي مورست على الحكومة.. فهم «الأمريكان» الذين قادوا عملية الحلف الرباعي، وكانوا القوة الأساسية فيه وحركوا بقية الدول.. وبذلوا ضغوطًا شديدة علينا لكي نحارب معهم في كوريا، لكن النحاس باشا والحكومة رفضوا، وقال النحاس احنا لا نحارب لصالح أمريكا. وأضاف «فرج»: هذه الحرائق كانت مرتبة من المخابرات المركزية الأمريكية والانجليزية قاصدين رضا الملك، لكن أفلت الزمام، فقد كانوا يريدون ألا تصل إلى هذا الحد.. وإنما إلى حد يكفي لإقالة حكومة الوفد!

عاش إبراهيم فرج مسيرة الوطن من خلال الوفد برؤسائه الثلاثة: «سعد والنحاس وسراج الدين»، وكان في كل تلك العهود ابنًا صلبًا من أبناء الوطن، ومستقيمًا في ولائه للوفد، ومحبًا للزعماء الثلاثة: «سعد والنحاس وسراج»، لقد كان رمزًا للوطنية، بعيدًا عن الانتهازية والتطلعات السياسية والمصالح الشخصية التي تبعد المناضلين عن جادة الدرب.

كان من الطبيعي جدا أن يكون يوم رحيل إبراهيم فرج عام 1994 يوما تعود فيه الأمجاد الوطنية، والكاتدرائية بالعباسية امتلأت عن آخرها ووقفت صفوف أخرى خارجها، وكان يومًا مشهودًا للوطن والوفد بعد دعم قداسة البابا شنودة الثالث للمسيرة العطرة للزعيم سعد زغلول والمواقف الوطنية للزعيمين مصطفى النحاس وفؤاد سراج الدين، والتاريخ الوطني للوفد ومواقف الوفد الخالدة من أجل دعم الوحدة الوطنية. وكان من الطبيعي أيضا أن يحمل شباب الوفد تابوت الراحل الكبير إبراهيم فرج، وقد التهبت الحناجر بهتافات «الدين لله والوطن للجميع» و«عاش الهلال مع الصليب».