عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

رسالة حب

نجا ماكرون.. وسقطت فرنسا.. نجا ماكرون بمنصبه الرئاسى.. وسقطت فرنسا فى مستنقع العنصرية والفوضى.

إن ما حدث فى فرنسا من أحداث كادت تعصف بأمنها واقتصادها واستقرارها لم يكن وليد اللحظة ولا مجرد رد فعل لمقتل الشاب الجزائرى نائل الذى لقى مصرعه على يد أحد أفراد الشرطة الفرنسية، ولكن الأمر له جذور عميقة، فالعنصرية تمكنت من هذا البلد بعد أن اختار الرئيس الفرنسى ماكرون لنفسه سياسة تسببت فى تقسيم الشعب الفرنسى لطائفتين؛ الأولى الطائفة المدللة التى تتمتع بدعم وتأييد شخصى منه وطائفة أخرى مهمشة يعيش أغلبها فى الضواحى وينتمى معظمها إلى العرب والأفارقة.. هذه الطائفة تعرضت إلى حرب ممنهجة من الرئيس وحكومته والإعلام الموالى له ومن مؤيديه ومناصريه.. ومن هنا ظهر الوجه الآخر لفرنسا. 

لم يدرك ماكرون خطورة السياسة التى ينتهجها لأنه ببساطة ينقصه خبرة وحنكة الرؤساء الكبار أمثال الرئيس الأمريكى الأسبق ميشيل أوباما مثلا.

ففى إحدى مقابلاته التلفزيونية قال أوباما قولته المشهورة: إن ما يهدد الأمة الأمريكية العنصرية وحمل السلاح، فقط حدد الرئيس الأمريكى مكمن الخطر فى العنصرية التى وصفها بأنها أخطر ما يهدد كيان الأمة الأمريكية واستقرارها، فالرجل كان يدرك من أول يوم فى حكمه أن تقسيم الأمريكان بين أصحاب بشرة بيضاء وأخرى سوداء يهدد السلام الاجتماعى.. وأن التفرقة بين الأمريكيين على أساس الجذور والأصول ما بين أوروبى وعربى وآسيوى هو أمر يهدد بانفجار الأوضاع ويعصف بحالة الاستقرار.  

كان أوباما يدرك أن أبجديات حفظ كيان الدولة تتمثل فى عدم التفرقة بين المواطنين فى العرق أو الجنس أو اللون، وأن هذا المبدأ الذى يعد من أبجديات حقوق الإنسان لا يجب أن يكون مجرد شعار ولكن منهج عمل.  

مشكلة فرنسا تكمن فى رئيسها.. فالفارق كبير بين رئيس مثل أوباما الذى حارب العنصرية بكل قوة، ورسخ لمبدأ المساواة فى الحقوق والواجبات.. وبين ماكرون الذى يرسخ للعنصرية كل يوم ويمهد الطريق لحرب أهلية بين اليمين المتطرف من ناحية وأصحاب البشرة السوداء والأصول العربية والإفريقية من ناحية أخرى.  

هناك فارق بين رئيس يهتم بجميع المواطنين على حد سواء وبين آخر يمارس العنف والتهميش والازدراء ضد فئة من أبناء وطنة.  

هناك فارق بين رئيس يقدر حجم مسؤولياته مثل أوباما، وبين ماكرون الذى ظهر فى حفل راقص وبلادة تغرق فى الفوضى والماء.  

إن ما حدث فى فرنسا يدفعنا لأن نقول لأوروبا لا نريد منكم حديثا بعد اليوم عن حقوق الإنسان والمساواة.. ولا نريد منكم تصريحات حول عنف الشرطة وتعاملها مع المواطنين.. فما حدث عندكم من ضرب وسحل فى الشوارع للنساء والمعاقين أثناء الاحتجاجات يمثل وجهًا آخر راسخ عندكم تحاولون تجميلة بكل الطرق.  

وفى النهاية تبقى كلمة.. لا أحد يؤيد العنف والخراب والدمار الذى حل بفرنسا مؤخرا.. ولكن لا أحد يؤيد العنصرية والقهر والذل والانتقام من العرب والأفارقة سكان الضواحى المهمشة.. الأمر يحتاج إلى عقد اجتماعى جديد فى فرنسا الآن وليس غدا.