رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

اﻟﻠﺤﻮم واﻟﺪواﺟﻦ اﺧﺘﻔﺖ ﻣﻦ ﻋﻠ المﻮاﺋﺪ:

ﺿﺒﻂ ﻣﻴﺰاﻧﻴﺔ اﻷﺳﺮة.. المهمة المستحيلة ﻟﺴﻴﺪات ﻣﺼﺮ

بائعة الخضراوات
بائعة الخضراوات

عقارب الساعة تشير إلى السادسة صباحًا. تستيقظ «جمالات» مُسرعة لتحضير وجبة الإفطار لأبنائها، وتخرج من منزلها الكائن فى منطقة إمبابة مستقلة عربية ربع نقل مع بعض السيدات لشارع سليمان جوهر بالدقى. 

مع بداية الساعة السابعة تبدأ السيدة الأربعينية يومها الشاق على الرصيف لبيع الخضراوات، ما إن تقترب منها حتى تجد سنوات الشقاء رسمت ملامح وجهها.. ابتسامة صافية تحاول أن تلفت أنظار المارة والزبائن بها حتى يكرروا العادة بالشراء منها مرة أخرى. 

حياتها مليئة بالمتاعب وزاد الأمر تفاقمًا مع ارتفاع الأسعار خلال الفترة الأخيرة، هذا هو حال معظم المصريين، بسطاء وأسر متوسطة الحال وجدوا أنفسهم فجأة فى أدنى السلم الاجتماعى، طحنهم الغلاء فأصبحوا غير قادرين على شراء احتياجاتهم اليومية، ليبدأوا فى إعادة صياغة حياتهم ومصادر إنفاقهم من جديد، فاختفت أطعمة معينة من على موائدهم كانت من الأساسيات إلى أنهم اعتبروها رفاهيات لا يقدرون عليها، ومن ثم وجدت المرأة المصرية نفسها فى مهمة شاقة جديدة لتوفير احتياجات المنزل بإمكانيات محدودة لا تسمن من جوع

«يعنى إيه جبنة رومى؟». . قالتها «جملات» بسخرية، مشيرة إلى أن هناك بعض المأكولات لم تعد تدخل منزلها على الإطلاق منها الجبنة الرومى والحلاوة الطحينية والشيبسى وغيرها من الرفاهيات على حسب وصفها. 

تستكمل بائعة الخضراوات حديثها قائلة: إنها مثل غيرها من السيدات المعيلات يكتفين بشراء المتطلبات الأساسية للمنزل من طعام وشراب، وتابعت: «كنت بجيب كيلو اللحمة كل أسبوع دلوقتى بجيبه مرة كل شهر وبقضيها بأى حاجة». 

تخرج السيدة منديلاً من جيبها وتزيل العرق من على جبينها، وتعود لحديثها قائلة: إنها تقضى قرابة 9 ساعات على الرصيف يومياً من أجل بعض الجنيهات التى تشترى بها بعض المتطلبات الأساسية لمنزلها، وتابعت: «عيالى كبار شغالين وبيساعدونى ويادوب بنعرف نعيش». 

محتاجة معجزة

استكملت «الوفد» جولتها داخل السوق، وتتبعنا خطوات سيدة تترقب فى صمت أسعار الخضراوات والفاكهة لنجدها تجلس بشكل مفاجئ على الرصيف، اقتربنا منها لسؤالها عما إذا تعرضت لأزمة صحية، وبسؤالها: «مالك يا حاجة.. محتاجة أى مساعدة؟». 

ردت السيدة بصوت ساخر وابتسامتها على وجهها وقالت: «آه يا ابنى محتاجة معجزة من ربنا تعينى على الأسعار دى مش عارفة أشترى حاجة بالـ 100 جنيه اللى معايا». 

 

«عفاف»: الـ 100 جنيه لا تشترى شيئاً... وبائعة خضراوات: البيع بالكيلو راحت عليه

 

«عفاف» أم لـ 5 أبناء جميعهم فى مراحل تعليمية مختلفة اعتادوا مساعدتها فى إجازة الصيف لتوفير مصاريف المدرسة.

قالت «عفاف»: «إيه الزمن اللى 100 جنيه مش عارفه أجيب بيها خضار ولحمة؟»، تشير إلى أنها كانت تشترى فراخ وخضراوات وفواكه بـ 100 جنيه منذ عام أو أكثر قليلاً، واليوم تتجول السيدة لساعات فى السوق وتستطلع الأسعار ولا تجد ما تشتريه بـ 100 جنيه. 

تشير السيدة الخمسينية إلى أن هناك بعض المأكولات اختفت من على المائدة منها «اللحمة» التى كانت من طقوس يوم الخميس، إلا أنها أصبحت حلماً صعب المنال فكيلو اللحمة وصل لـ 300 جنيه، «الأكلة دى دلوقتى عايزة 600 جنيه على الأقل».. وتستكمل السيدة حديثها قائلة: إنها تكتفى بشراء الفراخ مرة كل أسبوعين لأنها أصبحت غالية أيضا، فضلاً عن اختفاء بعض المأكولات الأخرى مثل المحشى، وقالت: «المحشى أصبح ذكريات».  

ومن عفاف لبائعة الخضراوات التى قالت إن الزبائن حاليًا يتبعون سياسة الشراء بالعدد مش بالكيلو، واختفى الزبائن الذين يقومون بشراء 3 أو 4 كيلو للمنتج الواحد. 

«الزبون من دول يبقى معاه 15 جنيه يقولى عايز يشترى بطاطس وطماطم وفلفل وخيار». . تستكمل بائعة الخضراوات حديثها قائلة: نخفف عن الناس ونبيع لهم ما يريدون بأى سعر، وكله «جبر خواطر».

تصف بائعة الخضار أحوال المواطنين خلال الفترة الأخيرة وهى من ضمنهم قائلة: إن ارتفاع الأسعار المستمر بشكل مبالغ فيه جعلها مثل الكثير من المواطنين تستغنى عن بعض الأطعمة المحببة مثل البامية والملوخية يوم الخميس وتكتفى فقط بالباذنجان والفلفل، وتابعت: «أمى زمان كانت بتقول لى لما ماتعرفيش تاكلى لحمة كلى باذنجان علشان فيه حديد كان قلبها حاسس».

«فين لمة الأسرة على الأكل زى زمان؟» بشجن شديد قالتها صابرين، سيدة فى العقد الخمسين من عمرها وقالت إن مشاغل الحياة ومتاعبها أجبرت الأسرة على طقوس قاسية منها عدم القدرة على التجمع فى وقت واحد على الطعام، فالجميع فى دوامة الحياة ومشاغل العمل. 

تستكمل السيدة الخميسينة حديثها مشيرة إلى أن أبنائها الثلاثة يعملون فى القطاع الخاص، ونادرًا ما تتجمع الأسرة فى وقت واحد لتناول الطعام، مؤكدة أن هناك أكلات اختفت من على مائدتها مثل «كباب الحلة» والذى كانت تشتهر بها السفرة، ولكن مع انشغال الجميع بلقمة العيش ومحاولة الاقتصاد فى الطعام اختفت. 

«علشان نعمل أكلة زى دى محتاجين ألف جنيه». . تستكمل صابرين حديثها قائلة: إن كيلو اللحمة وصل لـ380 جنيهاً، ومع الخضار وبعض متطلبات الطبخ وما يكفى عدد أفراد الأسرة تكلفنا الوجبة الواحدة ألف جنيه. 

الأم العجوز: أعيش على البيض والطعمية 

تستكمل «الوفد» جولتها فى أرجاء المحروسة، فعلى بعد خطوات من مترو جامعة القاهرة، وأسفل كوبرى صفط اللبن وجدنا سيدة عجوز تقوم بجمع بعض اللقيمات من القمامة، مشهد تقشعر له الأبدان، تبادرت فى أذهاننا تساؤلات عديدة: لماذا وصل حال سيدة عجوز يبدو عليها العز أن تصل لهذا الحال؟.. اقتربنا منها وسألناها «بتجمعى الأكل ده لمين؟».  

 

ربات البيوت: استبدلنا اللحوم بالباذنجان.. والفراخ «حين ميسرة»

ردت السيدة العجوز بحزن شديد قائلة: «للفرختين اللى عندى، عايشة عليهم بفطر وأتغدى وأتعشى من البيض، ومش معايا فلوس اشترى لحمة ولا فراخ ولا حتى ذرة لأكل الفراخ فبجيب لهم أكل من الشارع». 

السيدة العجوز أم لـ6 أبناء تركوها جميعا بمفردها وانشغلوا بحياتهم وأبنائهم، تعيش بمفردها داخل غرفة بالبدروم، وتدفع 400 جنيه إيجار شهريًا يتولى أبنها الكبير دفعها. 

ارتفاع الأسعار حرم المصريين من الطعام.. والرفاهيات أصبحت من الأحلام

أشهر لن تتذوق فيها السيدة العجوز طعم اللحمة وتعيش على البيض والطعمية، وتابعت: «ما برضاش أتقل على عيالى وأكل عندهم علشان ظروفهم». 

تصمت السيدة للحظات وتدمع عيناها بعض الشىء وتكمل حديثها بصوت حزين: «خايفة أموت لوحدى فى البيت.. الجوع ميهمنيش على قد ما بخاف من الوحدة».  

 

الطفلة خلود تسأل: هى اللحمة لونها إيه؟ 

جسد نحيل ووجه بشوش وملابس رثة تقف الطفلة خلود بجوار منزل والدها بمنطقة زنين ببولاق الدكرور، وتساءلت ببراءة قائلة: «هى اللحمة لونها إيه؟».  

«بابا على طول بيجيب لينا فول وطعمية وبيقولنا العيشة غالية». . قالتها الطفلة واصفة حال أسرتها التى ظلت على مدار عام لم تذق طعم اللحمة. 

وأشارت الطفلة إلى أنها تعانى من الأنميا الشديدة، وكثيرًا ما تتعرض لحالات إغماء، وتحاول والدتها أن تعوض لها ذلك فى الباذنجان بدلاً من البيض بعد ارتفاع سعره، وتابعت: «حتى البيض اللى كنا بنصبر نفسنا بيه مش قادرين عليه».  

سيدات الأرياف: السمن البلدى ممنوع الأكل 

عقارب الساعة تشير إلى السادسة مساءً وفى ختام جولة «الوفد» وجدنا تجمع من السيدات يرتدين جلابيب فضفاضة ينتظرن عربة ربع نقل تقلهن إلى محافظاتهن.

وبسؤالهن عن أكثر المنتجات التى أصبحت لا تشهد إقبالاً، أجمعن على رد واحد وهو «السمن البلدى»، فبعد وصول الكيلو منه لـ200 جنيه أصبح من الصعب البيع بسبب غلاء الأسعار، وقالت إحداهن: «حتى فى الأرياف البيوت بطلت تاكل سمن بلدى علشان نار الأسعار وبنفضل البيع عن أكله وصحتنا راحت وعليه العوض». 

ترتيب الأولويات 

قالت الدكتورة وسام منير، استشارى العلاقات الأسرية، أن المستوى الاقتصادى أثر بشكل كبير على الأسرة المصرية خاصة تلك التى يزيد عدد أفرادها عن 5 أفراد، فلا يستطيعون تلبية احتياجاتهم اليومية ولذلك تندلع المشكلات الأسرية يومياً بين الأزواج. 

وأضافت الدكتورة «وسام»: أن دخل الفرد أصبح ضئيلاً جدًا لا يستطيع أن يلبى احتياجات الأسرة ولذلك يجد رب الأسرة نفسه فى موقف حرج أمام أبنائه.

 

وأشارت الدكتورة وسام إلى أن الخلافات قد تصل فى بعض الحالات إلى الطلاق وخير دليل على ذلك ما نشاهده من قضايا داخل أروقة محاكم الأسرة. 

 واستكملت: على أولياء الأمور أن يدركوا أن ارتفاع الأسعار ظاهرة عامة يعانى منها الجميع على جميع المستويات والطبقات الاجتماعية. 

 

استشارى علاقات أسرية: المشكلات بين الأزواج زادت بسبب الأسعار.. وترشيد الإنفاق  أهم الحلول

وحول روشتة العلاج، قالت استشارى العلاقات الأسرية على الأسرة تحديد أولويات الإنفاق والحد من الرفاهية وشراء الأشياء غير الأساسية، وينبغى أيضا مشاركة أطفالهم فى ذلك من خلال الحديث معهم عن الوضع الاقتصادى الراهن الذى تمر به البلاد وما تمر به الأسرة حتى لا يتطلع الأطفال لشراء أشياء أو متطلبات زائدة.

ووجهت استشارى العلاقات الأسرية بعض النصائح للأسر منها الاقتصاد من تناول اللحوم والأسماك والدواجن والاكتفاء بها مرة واحدة فى الأسبوع، وأيضا صنف واحد من كل نوع: خضراوات أو فاكهة أو بقوليات أو نشويات أو بروتينات.

وشددت على أهمية كسر الروتين والخروج من المنزل ولو مرة شهريًا وممارسة أى نوع من الرياضة كالمشى لتفريغ الضغط النفسى.

وتابعت: الأجيال السابقة من الأمهات أمتلكن القدرة على تدبير شئون المنزل حسب مقدرة الزوج المادية أكثر من الجيل الحالى صغير السن، إذ إن مرور المرأة المصرية بأزمات هو أمر تكرر فى الماضى وكانت المرأة المصرية لديها القدرة على إعادة هيكلة مصروفات المنزل وعبور الأزمة بسلام.