رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

على فكرة

على أعتاب العيد العاشر لثورة 30 يونيو، استضاف برنامج «المشهد» الذى يقدمه الإعلاميان «عمرو عبدالحميد» و«نشأت الديهى» فى قناة «تن» التليفزيونية نخبة من الخبراء والمثقفين لإلقاء الضوء على التأثيرات المحلية والإقليمية والدولية للثورة، التى أسقطت من قمة السلطة إلى سفحها، حكم جماعة الإخوان، حين فتحت لحظة طائشة من ديمقراطية الصندوق أمامها عاما من الفوضى وآخر من الحكم، وبعد أن كان قادتها قد توعدوا المصريين بالبقاء فى سدة الحكم خمسمائة عام على الأقل. أشار المتحاورون إلى جوانب تتسم بالعمق لتلك االتأثيرات، التى يعد الآن أحد أبرز تجلياتها التراجع الملحوظ للقبول المجتمعى بتيارات الإسلام السياسى سواء عبر الصندوق الانتخابى، أو فى الفضاء المجتمعى، الذى فقد الثقة فى قدرتها على مزاولة الحكم، بالإضافة إلى اضمحلال نفوذها فى الإقليم وحتى على المستوى الدولى، وتشرذم جماعة الإخوان وأذرعها الإقليمية، واشتداد صراعاتها الداخلية، لاسيما بعد أن أملت التطورات الدولية التى تمهد لعالم ما بعد الحرب الأوكرانية، فضلا عن بحث الأطراف الإقليمية عن المصالح المشتركة، التحسن فى العلاقات المصرية مع كل من تركيا وإيران، أبرز الجهات التى كانت تدعمها.

وفى البرنامج طرح الدكتور «عبدالمنعم سعيد» قضية هامة تتمثل فى إشكالية الفجوة القائمة بين المواطنين وبين المشروع التنموى والتحديثى والبنائى لسلطة الثلاثين من يونيو، باعتبارها أحد التحديات الكبرى القائمة الآن. معنى الكلام أنه برغم أن مشروع يونيو الملهم لجيرانه، يقوم بإنجازات غير مسبوقة فى التاريخ المصرى المعاصر على المستويين الداخلى والخارجى، من شأنها أن تغير شكل الواقع المصرى، إلا أنه يفتقد للرضا المجتمعى العام. وبدلا من البحث عن أسباب لذلك، وطرح الحلول لتلمس الوسائل الممكنة لتخطيها، انبرى بعض المتحدثين للبحث عن كبش فداء لتحميله مسئولية تلك الفجوة، فلم يجد سوى النخب العابسة التى تحرض المواطنين، والأحزاب التى لا تقدم أى بدائل. وما أسهل أن تقدم الوقائع على الأرض، ما ينفى ذلك التكبيش الأجوف والهزيل، الذى لا يضلل الجمهور فحسب، بل هو يتنافى مع اعتراف خلاق لسلطة ثورة يونيو بوجود تلك الفجوة، ودعوتها لحوار وطنى للتوصل إلى مشتركات وطنية بين القوى السياسية والحزبية المتباينة لحل أزمات المجتمع المصرى السياسية والاقتصادية المتراكمة، لإدراكها الواعى بأن الاعتراف بالأزمة هو نصف الطريق إلى حلها!

والنخب االموسومة بالعبوس، هى التى ساهمت فى تنمية الوعى العام بضرورات التغيير والاصلاح وصاغت برامجها وخططها، وقادتها فى كثير من الأحيان، منذ ثورة القاهرة الأولى ضد الغزو الفرنسى، وحتى ثورة يونيو ضد الغزو الإخوانى، وقدمت طوال الوقت أفكارا ونماذج وبدائل قانونية ودستورية واجتماعية واقتصادية للوصول إلى التغيير. وكان فى مقدمتها النخب الحزبية التى تقاوم منذ عودة التعدد الحزبى قبل 47 عاما ضد تيار الاستبداد والتخلف والتأسلم السياسى والانتهازية السياسية، والتدين الشكلى وافتقاد العدالة الاجتماعية، فلا تجنى سوى التشكيك الدائم، فى جدوى وجودها، ممن يجيدون نسج العلاقات العامة عبر ابواقهم الدعائية، التى تعوق الكشف عن الحقائق، وتضخ بدائل شعبوية مغلوطة يسهل ترويجها بحكم غيبة العقل النقدى لدى قطاعات واسعة من الجمهور. ومع ذلك فإن هذا الجمهور هو نفسه، وبفضل دور تلك النخب، الذى رفض الاستجابة لحملات لا تتوقف للتحريض على الفوضى والتظاهر من قبل جماعة الإخوان والمتعاطفين معها.

نعم هناك فجوة كبيرة بين المواطنين وبين السياسات التنموية لسلطة ثورة يونيو، دون أن ينتقص ذلك من حقيقة الإعزاز والمحبة الغامرة والاحترام، الذى يحظى به بينهم، قائد تلك الثورة «عبدالفتاح السيسى». والأزمة الاقتصادية الخانقة التى تضرب حياة المواطنين فى كل اتجاه، وتجعل نضالهم اليومى هو من أجل البقاء وتلبية متطالبات الحياة اليومية، وقد تخفف منها المسكنات، لكنها لا تمنع من تفاقمها. ومن غير الإنصاف مطالبة الجوعى والمجهدين من الركض وراء لقمة الخبز بالعقلانية، ولومهم على عدم الرضا.