رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الدمار الذى حل فى أوكرانيا أكثر قتامة ورعباً ؛ فقد أدى إلى إطلاق كتلة من المياه الضخمة لدرجة أنه من الأفضل تخيلها ليس كخزان بل بحيرة كبيرة. والنتيجة كانت فيضاناً أغرق مساحات شاسعة من الأراضى، ما أجبر الآلاف على ترك منازلهم والفرار للنجاة بحياتهم. لكن الأخطار يذهب إلى أبعد من التأثير الفورى والمدمر على الأشخاص الذين يعيشون بالقرب منهم. لقد أصابت هذه الكارثة منطقة من الأراضى الزراعية الخصبة والغنية، نفس التربة التى جعلت أوكرانيا لفترة طويلة سلة غذاء للعالم: خامس أكبر مصدر للقمح على هذا الكوكب، مصدر الغذاء الذى يوجد فيه الكثير من إفريقيا ودول أخرى؛ وبالأخص منطقة الشرق الأوسط. الآن هناك تحذيرات من أن حقول جنوب أوكرانيا يمكن أن «تتحول إلى صحارى» بحلول العام المقبل، لأن المياه التى احتجزها السد واللازمة لرى تلك الحقول آخذة فى التلاشى. وسيكون لذلك تأثير على الإمدادات الغذائية وأسعار المواد الغذائية، مع تأثير بدوره على التضخم والاقتصاد العالمى.

لا يعنى ذلك أن التأثير الدولى يمكن قياسه بالدولار والسنت فقط؛ أن مياه الفيضانات الملوثة تحمل الآن مياه الصرف الصحى والزيوت والمواد الكيميائية وحتى الجمرة الخبيثة من مواقع دفن الحيوانات. وهذه المادة السامة ستسمم الأنهار وبعد فترة طويلة حوض مياه البحر الأسود. كل شىء مترابط فى العالم. انفجار السد يلحق أضراراً جسيمة بالجهود المستمرة لتحديد مواقع الألغام الأرضية وإزالتها فى المنطقة. أنها «قنبلة بيئية للدمار الشامل»، كاخوفكا فى نفس السياق مثل تشيرنوبيل. 

بطبيعة الحال، تصر موسكو على أن هذا لم يكن عملاً روسياً: وتقول إن الأوكرانيين فعلوا ذلك بأنفسهم. ومع ذلك، وعلى الرغم من استمرار التحقيقات، يجدر الانتباه إلى أن «روسيا كانت تمتلك الوسائل»، حيث كانت روسيا تسيطر على الجزء ذى الصلة من السد عندما بدا وكأنه ينفجر. وكان الدافع وراء ذلك هو أن روسيا تخشى هجوماً مضاداً أوكرانياً يستهدف استعادة الأراضى، والأرض المغمورة هى الأرض التى لا تستطيع الدبابات التقدم فوقها.

وهناك نمط السلوك، سجل الجرائم الماضية. فلم تمنع روسيا نفسها من استهداف البنية التحتية المدنية الأوكرانية على مدار الخمسة عشر شهراً الماضية؛ كاخوفكا مجرد أحدث مثال وأكثرها وحشية. فى الواقع، فإن تدمير السدود لإحداث فيضانات جماعية لم يكن أكثر مما طالب به رؤساء روسيا الناطقون القوميون المتطرفون وطبقة النقاد التليفزيونيين منذ فترة. وللأسف اقترح أحد هذه الأصوات على موسكو أن تمنح سد كييف معاملة كاخوفكا وأن « تدمر المدينة بالأرض ».  

ينبغى ألا يؤخذ النفى الرسمى على محمل الجد، بالنظر إلى تاريخ الكرملين فى المعلومات المضللة والأكاذيب الصريحة. ومن الأفضل الحكم على روسيا من خلال أفعالها، وليس من أقوالها. إذن ما الذى فعلته روسيا لمساعدة أولئك الذين جعلتهم الفيضانات يائسين؟ كانت الإجابة سريعة وجاءت من وحدات المدفعية الروسية، التى أطلقت النار على ما يبدو على عمال الإنقاذ الأوكرانيين والأشخاص الذين تم إجلاؤهم أثناء محاولتهم الفرار إلى بر الأمان. إنها استراتيجية مألوفة من حرب موسكو فى سوريا؛ بذلك ألم يتراكم على الألم، وبؤس على البؤس.