رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

على فكرة

ربما تكون محض مصادفة أن تحط طائرة وزير الخارجية الأمريكى «أنتونى بلينكن» فى جدة، فى نفس الوقت الذى تجرى فيه مراسم افتتاح السفارة الإيرانية فى الرياض، بعد الوساطة الصينية التى نجحت فى إعادة العلاقات بين الدولتين. ولعلها تكون من المصادفات، أن تأتى زيارة الوزير الأمريكى للمملكة، بعد وقت قليل من إعلان الرياض قرارها تخفيض انتاج النفط فى يوليو القادم، بما يترتب عليه من ارتفاع أسعاره فى الأسواق العالمية، وهو ما لا ترغب فيه الإدارة الأمريكية. وقبل يومين من زيارة بلينكن، كانت المملكة تشارك فى العاصمة النمساوية فيينا فى اجتماع تكتل أوبك + الذى يضمها مع 35 دولة، والذى تنظر له واشطن بعين الريبة، ليس لمجرد أن روسيا بين أعضائه فقط، بل لأنه بات كذلك تكتلا يحدد قرارته النفطية وفقا لمصالح الدول المشاركة فى عضويته، وليس لشروط وإملاءات خارجية.

وقبل خمسة أيام من زيارته، كان وزير الخارجية السعودى يشارك فى كيب تاون بجنوب أفريقيا فى اجتماع وزراء خارجية دول البريكس التى تضم روسيا والصين والهند والبرازيل وجنوب أفريقيا، وهى دول تشكل نحو 23% من الاقتصاد العالمى، وتضم 42% من سكان العالم، وتسعى لتدويل العملات المحلية، واستخدامها فى المعاملات التجارية بين دولها.وفى هذا الاجتماع كشف الوزير السعودى أن بلاده هى أكبر شريك تجارى لمجموعة بريكس، حيث بلغ إجمالى التعاون التجارى مع دوله أكثر من 160 مليار دولار خلال العام الماضى. ومن المعروف أن السعودية ومصر ودولة الإمارات وغيرها من الدول العربية ترغب فى الانضام إلى تلك المجموعة، التى لا تفرض شروطا متعسفة فى سياق مساعدتها التمويلية للدول النامية. وفى هذا الاجتماع حدد وزير الخارجية الهندى أهداف بريكس بقوله إن «اجتماعنا يجب أن يبعث رسالة قوية، مفادها أن العالم متعدد الأقطاب، وأنه يعيد توازنه، وأن الطرق القديمة لا يمكنها معالجة الأوضاع الجديدة.. نحن رمز للتغيير، ويجب أن نتصرف على هذا النحو». وكانت السعودية قبل نحو شهرين من زيارة بلينكن قد انضمت إلى منظمة شنغهاى للتعاون الاقتصادى والأمنى التى تقودها الصين، وقبولها بعدم قصر تعاملها التجارى الدولى على الدولار.

لا تريد الإدارة الأمريكية أن تصدق، أن المملكة التى يزورها بلينكن قد تغيرت، وصارت رقما صعبا فى الإقليم وفى السياسة الدولية. لا تريد أن تصدق أن الملفات التى حملها بيلنكن إلى الرياض ستظل الاجابات بشأنها مرهونة بالمصلحة السعودية، سواء كانت تتعلق بمطالب واشنطن تخفيف النفوذ الصينى فى الخليج، أو التحكم فى أسعار النفط، أو الضيق من الانفتاح السعودى على إيران، أو بتطبيع العلاقات بين السعودية وإسرائيل فيما اعتبره الوزير الأمريكى مصلحة أمنية وطنية أمريكية!

لا تريد واشنطن أن تعترف أن إشهار ملف حقوق الإنسان فى وجه الرياض لفرض أى شروط لم يعد مجديا. فالزيارة هى إعلان بإنزعاج واشنطن الواضح من النزعة الاستقلالية فى السياسة الخارجية السعودية، ومن الصدف السعيدة التى أحاطت بها من كل جانب. وهى مسعى خاب أمله لإدراج المملكة فى الإتفاق الإبراهيمى لتحسين فرص الرئيس الأمريكى بايدن وهويستعد لخوض الانتخابات الرئاسية العام المقبل. إجابة الرياض قالها وزير الخارجية فيصل بن فرحان «لا نستجيب للضغط. عندما نفعل أى شىء، نفعله من أجل مصلحتنا.. والتطبيع يصب فى مصلحة المنطقة، ولكن يجب معالجة القضية الفلسطينية أولا».

تحيى الدبلوماسية السعودية التى يضع خطوطها العريضة الأمير «محمد بن سلمان» سياسة الحياد الإيجابى ورفض التخندق فى سياسات الاستقطاب الدولى الساعية للهيمنة وفرض النفوذ، التى كلفت دول المنطقة أعمارا من التراجع والعجز عن التنمية، كما هى تعيد بذكاء وحذر، رسم تحالفها الاستراتيجى مع الولايات المتحدة على أساس من تبادل المصالح، واحترام القرار السيادى للدول. وهى سياسة باتت تشكل دعما للقضايا العربية، وقوة مساندة لها فى المحافل الدولية.