رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

حكاية وطن

حوّلت مصر هزيمة يونيو 1967 من العدو الإسرائيلى إلى حجر الأساس فى مرحلة إعادة تنظيم وتدريب وتسليح الجيش المصرى.

وكانت أبرز لحظات تسليح الجيش وإعداده عسكرياً حين وصل القاهرة الرئيس السوفيتى «نيكولاى بودجورنى» لبحث المطالب من الأسلحة والمعدات لإعادة بناء الجيش، وتنظيم قواته، ورفع كفاءته القتالية.

ثم خاض الجندى المصرى حروب الاستنزاف بـ«عمليات استثنائية» كبّد فيها العدو الإسرائيلى خسائر كبيرة فى الأفراد، والمعدات. ولإيقاف حرب الاستنزاف، بدأت إسرائيل منذ منتصف عام 1969 فى استخدام أحدث أسلحة الجو العالمية ذات القدرات القتالية المتقدمة لاستهداف العمق المصرى، خاصة الأهداف المدنية والاقتصادية.

كان الرئيس جمال عبدالناصر قد خرج على الشعب المصرى فى مساء 9 يونيو 1967 وهو اليوم الخامس للعدوان الإسرائيلى على مصر وسوريا والأردن، ليعلن عن مسئوليته الكاملة عن وقوع الهزيمة وتنحيته عن رئاسة الجمهورية. 

قال «عبدالناصر» فى خطابه: «أقول لكم بصدق، وبرغم أية عوامل قد أكون بنيت عليها موقفى فى الأزمة، فإننى على استعداد لتحمل المسئولية كلها، ولقد اتخذت قراراً أريدكم جميعاً أن تساعدونى عليه.. لقد قررت أن أتنحى تماماً ونهائياً عن أى منصب رسمى، وأى دور سياسى وأن أعود إلى صفوف الجماهير، وأؤدى واجبى معها كأى مواطن آخر».

لكن خطاب تنحى «عبدالناصر» كان الدافع لخروج ملايين المصريين فى الشوارع، فى اليوم التالى للبيان، رفضاً للهزيمة والاستسلام، ورغبة على الاستمرار فى الكفاح ضد العدو الإسرائيلى، من أجل إزالة آثار العدوان وتحقيق النصر.

وأمام رغبة الجماهير، تراجع «عبدالناصر» عن التنحى، فى اليوم التالى من إعلانه، واستمر فى منصبه، وبدأ أولى خطوات رحلة استعادة الأرض، بتعيين الفريق أول محمد فوزى قائداً عاماً للقوات المسلحة، والفريق عبدالمنعم رياض رئيساً للأركان، وإعادة تسليح الجيش، لتنطلق فى مارس 1969 حرب الاستنزاف.

كانت خطة «الأعماق الثلاثة» أولى خطوات استعادة الأرض من العدو، فبعد عدة أيام من تعيين عبدالمنعم رياض رئيساً لأركان الجيش، استقبله الرئيس عبدالناصر فى منزله بعد عودته من قيادة الجبهة فى الأردن، واستمع منه لخطة «الأعماق الثلاثة» فى حضور القائد العام الجديد للقوات المسلحة، الفريق أول محمد فوزى.

قسّمت خطة الفريق سماء مصر إلى 3 أعماق، الأولى «منطقة الصعيد الأعلى» التى تمتد من جنوب أسوان حتى جنوب القاهرة، والثانية «القاهرة وشمالها» وتشمل الدلتا حتى الساحل الشمالى، والثالثة «منطقة قناة السويس وطول الشاطئ الموازى للبحر الأحمر». 

وهدفت الخطة إلى دفع كتائب الصواريخ وبطاريات الدفاع الجوى إلى الأعماق الثلاثة لحماية سماء مصر، على أن تكون البداية من المنطقة الأولى، كما عزز الفريق محمد فوزى مقترح رئيس أركان الجيش، بضرورة توفير شبكة رادار قوية متعددة المهام والقدرات.

وفى أواخر الشهر نفسه، حقق الفريق عبدالمنعم رياض انتصاراً عسكرياً فى معركة رأس العش، حينما منعت فيها قوة صغيرة من المشاة سيطرة القوات الإسرائيلية على مدينة بورفؤاد، وتوالت الانتصارات بإسقاط بعض الطائرات الحربية الإسرائيلية بين عامى 1967، 1968، بالإضافة لتدمير 60٪ من تحصينات خط بارليف.

وتوالت انتصارات الجيش المصرى على العدو الإسرائيلى فى فترة حرب الاستنزاف، وتوج المصريون كفاحهم بعد هزيمة 1967 بواحد من أهم الانتصارات العسكرية فى العصر الحديث فى حرب السادس من أكتوبر 1973، وهدم الجيش المصرى أسطورة الجيش الإسرائيلى الذى لا يقهر، وأصبح عبور المصريين فى 6 أكتوبر 1973، مرجعاً أساسياً لكل الجيوش العالمية الحديثة، ووصفه المؤرخون العسكريون بأنه معجزة عسكرية «مكتملة الأركان».