رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

قريباً.. إنشاء أول منطقة صناعية خضراء فى مصر:

الصناعة.. أول طريق الاقتصاد الأخضر

بوابة الوفد الإلكترونية

 

 

خبراء: لا بد من تحويل المصانع التقليدية لمصانع خضراء

زيادة الإنتاج الصناعى وتحسين الكفاءة الاقتصادية والقدرة التنافسية.. أبرز النتائج

القوانين والطاقة والملوثات أهم المعوقات

 

فى بادرة أمل للتوجه نحو الصناعات الخضراء، أعلنت الهيئة العامة للتنمية الصناعية خلال الفترة الماضية عن عزمها إقامة أول منطقة صناعية خضراء تعتمد على الطاقة النظيفة وإعادة تدوير كامل لمخلفات عمليات التصنيع بشكل يتسق مع مبدأ الاستدامة وحماية البيئة.

وقبل التطرق لأهمية هذا الموضوع، دعونا نستعرض جهود مصر للتحول إلى صناعات الاقتصاد الأخضر، حيث قامت مصر فى عام 2016 بوضع استراتيجيتها الوطنية الخاصة بالاقتصاد الأخضر على هامش مؤتمر الوزراء الأفارقة المعنى بالبيئة وتهدف هذه الاستراتيجية للانتقال التدريجى إلى الاقتصاد الأخضر بالشراكة مع برنامج الأمم المتحدة للبيئة ومركز البيئة والتنمية للمنطقة العربية وأوروبا. 

وخطت مصر خلال سنوات قليلة خطوات مهمة فى طريق التحول إلى صناعات الاقتصاد الأخضر وإلى الشراكة مع المؤسسات الدولية لإتاحة التمويل اللازم لهذا التحول، حيث بدأت مصر فى التركيز على الاقتصاد الأخضر باعتباره وسيلة مهمة وأساسية لخطط التنمية الشاملة، حيث تستهدف «رؤية مصر 2030» البعد البيئى كمحور أساسى فى جميع القطاعات التنموية والاقتصادية.

 وفى ضوء الاهتمام بقضية التحول إلى الاقتصاد الأخضر أكد الدكتور مصطفى مدبولى، رئيس الوزراء، فى أبريل الماضى أنه بنهاية العام المالى الجارى سيستفيد نحو 165 مصنعاً من برنامج تطوير التكنولوجيا، وذلك ضمن خطة الحكومة لدعم الصناعة الخضراء وتشجيع التحول نحو الصناعة المستدامة، بالتوازى مع التركيز على مشروعات التحسين البيئى والالتزام بالتطبيق الدقيق لمعايير الاستدامة البيئية فى كل المشروعات والقطاعات.

 كما تقوم الحكومة بدعم الصناعة الخضراء وتشجيع التحول نحو الصناعة المستدامة، حيث عملت فى خطتها للعام الجارى على تأهيل وتطوير 20 مصنعاً لتطبيق المنظومة الخضراء، مع تقديم 1430 استشارة فنية ودعماً فنياً، وحسب خطة التنمية الاقتصادية والاجتماعية المقدمة من وزارة التخطيط والتى وافق عليها البرلمان بغرفتيه فإنه جارٍ العمل على الوصول إلى ترشيد الموارد وتقليل الانبعاثات والمخلفات بنسبة 25%، كما أنه من المقرر أن يبلغ عدد اختبارات وتطوير جودة المُنتَج سنويا نحو 18.3 ألف اختبار.

ومن جانبه، رحب المهندس محمود عصام، عضو مجلس النواب، بإقامة أول منطقة صناعية خضراء، قائلًا: «إن هذا التوجه يتماشى مع استراتيجية الحكومة المصرية للتنمية المستدامة «رؤية مصر2030»، كما أن الانتقال إلى التنمية الصناعية 

الخضراء بات توجهًا عالميًا بهدف الحد من انبعاثات الغازات الدفيئة الناتجة عن الصناعة، والتى تؤدى إلى ارتفاع وتيرة التغيرات المناخية، حيث تشير التقديرات الدولية إلى أنه بحلول عام 2030 سيصل حجم انبعاثات غاز ثانى أكسيد الكربون الناتج عن القطاع الصناعى والكهرباء لنحو 14 جيجا طن، موضحًا أن عمليات التصنيع الخضراء تضمن الاستغلال الأمثل لكافة الموارد الطبيعية، وإعادة استخدام الهوالك الناتجة عن عمليات التصنيع، والاستفادة من الحلول التكنولوجية المتطورة فى العمليات الإنتاجية وعمليات التخلص الآمن من المخلفات، فضلًا عن تعزيز عملية الاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة للحد من الانبعاثات الكربونية.

ونوه عصام لحجم العوائد الاقتصادية التى يمكن تحقيقها، منها تحقيق مبدأ «الإنتاج الرشيد» من خلال تحسين كفاءة استغلال الموارد ما يسهم فى زيادة الإنتاجية، وفتح آفاق تصديرية للمنتجات المتوافقة بيئيًا بعدما أصبح هذا المبدأ مطلبًا دوليًا لا يمكن إغفاله، والحصول على تمويل من المؤسسات الدولية التى أصبحت تتبنى استراتيجيات تربط تمويل المشروعات الصناعية بمدى الالتزام بمنظومة الضوابط البيئية، داعيًا إلى ضرورة إقرار مجموعة من الحوافز ضمن الاستراتيجية الوطنية للتنمية الصناعية الجارى إعدادها حاليًا، لضمان التحول من الصناعات التقليدية إلى الصناعات الخضراء التى تلتزم بضوابط بيئية محددة، والعمل على تشجيع الصناعات المرتبطة بمكونات إنتاج الطاقة الجديدة والمتجددة.

الصناعات الخضراء أفضل

وأضاف محمد جمال كفافى، رئيس مجلس الاقتصاد الأخضر العالمى، وكبير مستشارى الطاقة والتنمية المستدامة بالصندوق العالمى للتنمية بالأمم المتحدة، قائلًا: «إن إقامة المنطقة الصناعية الخضراء أمر هام ولكن إنتاج منتجات خضراء أهم، وذلك يأتى من خلال تطوير مشروع قائم بالفعل بدلًا من إنشائه من الصفر، مثل استغلال المدن الصناعية الحالية مثل العاشر من رمضان والمدن الصناعية فى أكتوبر والعبور وتحويلها لمناطق خضراء، وتحفيز الاستثمار بها وتنمية الصناعات الخضراء فهذا أفضل من إنتاج الصناعات التقليدية، مشيرًا إلى أن تنفيذ هذا الأمر يتطلب إرادة سياسية وخطة وموازنة تحضيرية للمشروع، وذلك لأن العائد منها أضعاف ما يتم إنفاقه، لأن المنطقة الصناعية ستعتمد على مصدر للطاقة الشمسية وطاقة للرياح وإعادة تدوير المخلفات، والأفضل من ذلك تصميم مدينة صناعية خضراء ولن توجد صعوبة فى التنفيذ أو التحول الأخضر فى نظام قائم بدلاً من إنشاء نظام أخضر من جديد.

ولفت «كفافي»، إلى أن أنواع المنتجات والصناعات الخضراء ثلاث: هى منتجات لا تلوث البيئة عند استخدامها وأثرها البيئى أقل، ومنتج له أثر بيئى ولكن استهلاكه للطاقة أقل مايمكن مثل السيارات الكهربائية أو «اللمبات الليد» والنوع الثالث منتج غير ملوث للبيئة ومصنوع من مواد صديقة للبيئة وعند الانتهاء من استخدامه يمكن إعادة تدويره، مثل بعض المنتجات التى ظهرت فى كوب 27 ومنها أكواب وتيشرتات من منتجات زراعية، فعند الانتهاء من استخدامها يمكن إعادتها للأرض وتحويلها إلى سماد.

 وأكد رئيس مجلس الاقتصاد الأخضر العالمى، أن المنتجات الخضراء باتت مطلوبة فى السوق الإقليمى والدولى، والدول الأوروبية والعربية تبحث عنها لأنها غير ملوثة للبيئة، مشيرًا إلى أنه إذا كنا نريد تحقيق حلم الـ100 مليون دولار تصدير علينا التوجه أكثر إلى الاعتماد على الصناعات الخضراء سواء فى إنتاجها أو فى مراحل تصنيعها أو استخدامها أو التخلص منها.

 وعن سبب عدم وجود المنتجات الخضراء فى الأسواق، أكد أننا مازلنا نعيش فيما وجدنا عليه أباءنا، والدول النامية تلجأ دائمًا لاستخدام ما هو تقليدى.

ضريبة بيئية

والتقط أطراف الحديث الدكتور محمد أحمد العدوى خبير الهندسة الكيميائية قائلا: أن الطاقة الخضراء هى طاقة المستقبل، وتعنى الاعتماد على طاقة من الطبيعة وخالية من الملوثات، موضحا أن أكبر ملوثات البيئة هى نواتج حرق الوقود مثل البنزين والغاز، ولكن مصر لديها الإمكانيات والقدرات التى يمكن البناء عليّها للتحوُّل إلى الصناعة الخضراء، وكل ما تحتاجه هو الدعم والتمويل فقط، وذلك لأن تلك الصناعات تعتمد على الطاقة النظيفة مثل الطاقة الشمسية، وتكلفة تصنيع الخلايا الشمسية مازالت مرتفعة، وفى بعض الأحيان تحتاج لمساحات كبيرة، وأغلب محطات الطاقة الشمسية تكون معززة بطاقة رياح، موضحا أن مصر من أوائل الدول التى استخدمت الطاقة الخضراء، فكان لدينا محطة للطاقة الشمسية فى ثلاثنيات القرن الماضى فى منطقة المقطم، وأعتقد أن بقاياها مازالت موجودة حتى الآن، وهناك محطة الرياح بمدينة الزعفرانه ولكن لا يتم استغلالها، مطالبًا بتحويلها لمنطقة صناعية خضراء.

وأشار «العدوى» إلى أن مصر تدّعم التحوّل للأخضر، وهو ما شهدته مدينة شرم الشيخ التى أصبحت أول مدينة مصرية صديقة للبيئة، كما أن هناك عدداً من التحديّات التى تواجه الصناعة الخضراء يأتى على رأسها غياب الحوافز الحقيقية لرؤوس الأموال بالإضافة إلى التعاقد على خطوط إنتاج ذى تلوُّث منخفض للبيئة، مشددًا على أن تحسين كفاءة وفاعلية استخدام الموارد الطبيعية سيسهم فى زيادة الإنتاجية الصناعية، وتحسين الكفاءة الاقتصادية والقدرة التنافسية.

واستطرد قائلًا: «من أهم التحديات التى تواجه تلك الصناعات إنتاج الطاقة وخاصّة الكهربائية المنتجة من التوربينات المدارة بمشتقات البترول»، يُضاف إلى ذلك الصناعة التى تتسبب فى انبعاثات ثانى أكسيد الكربون وخاصّة صناعة الحديد والصلب والأسمدة، والسيراميك والأسمنت، ووسائل النقل بأنواعها، وملوّثات الهواء الأخرى كحرق قش الأرز والقمامة ما يضاعف من تلوث الهواء»، مشددًا على ضرورة التوسع فى فرض ضريبة بيئية على المصانع الملوثة للبيئة، وإحياء مشروعات تشجير الشوارع والطرق لما لها من بُعد بيئى بامتصاص ملوثات الهواء، والتوسع فى تطبيق التكنولوجيا البيئية النظيفة كالمصانع التى تعمل على إنتاج وحدات الاستفادة من الطاقة الشمسية، وتفعيل عمليات الرقابة الصناعية الجادّة ونشر ثقافة الاقتصاد الأخضر، ووضع تشريعات وأطر تنظيمية وحوافز تشجّع على الاستثمار فى الصناعات الخضراء. 

تحديات وآليات

فيما يرى مصطفى أبوزيد، مدير مركز مصر للدراسات الاقتصادية والاستراتيجية أن التنمية الخضراء تعتبر عنصراً رئيسياً فى التصدى لانبعاثات الغازات الناتجة عن الصناعة، والتى تؤدى إلى تلوث المناخ، لافتًا إلى أن الصناعة الخضراء لا تهدف إلى كسب المال فقط، وإنما تهدف إلى الجمع بين تأمين الإنتاج مع الحفاظ على صحة الإنسان والبيئة معاً، ولهذا يتطلب الأمر اتخاذ التدابير اللازمة للتخفيف والتكيف مع تغير المناخ والتحول نحو الصناعة الخضراء.

وأضاف أن القطاع الصناعى يعتبر من أهم مسببات انبعاثات الغازات الدفيئة، وهناك وسائل للحد من هذه الانبعاثات منها: حسن الاستفادة واستغلال الموارد المتجددة والتدوير وإعادة استخدام الموارد، وتقليص النفايات، واستخدام تقنيات متسقة مع البيئة فى الصناعة، مشيرا إلى أنه يمكن تنفيذ الصناعة الخضراء باستخدام الأساليب والممارسات التى أثبتت جدواها فى الحد من التلوث واستهلاك الموارد فى جميع القطاعات وزيادة المعروض من السلع والخدمات البيئية المبتكرة ذات الأسعار المعقولة والتى يمكن الوثوق بها.

وأوضح «أبوزيد» أن الصناعة الخضراء تعمل على الحد من ظاهرة التغيرات المناخية المتطرفة والحد من انتشار النفايات الصلبة والسائلة وتوفير بيئة صحية للأجيال الحالية والمستقبلية وفتح مجالات جديدة فى استثمارات الاقتصاد الأخضر وعمل توازن بين الموارد الطبيعية والتطور الصناعى المنشود.

 وأكد الخبير الاقتصادى أن أهم متطلبات التحول للصناعة الخضراء، هى وضع تشريعات وأطر تنظيمية وحوافز لتشجع الاستثمار فى الصناعات الخضراء، موضحا أن تدوير النفايات يسد ثلاث حاجات أساسية فى المجتمع هى تراجع نسبة الفقر وتقليل تكلفة الصناعات وحماية البيئة من التلوث وتلافى الإضرار بالثروة الشجرية التى تعد الركيزة الأساسية لحياة الإنسان، مشيرا إلى أن الصناعات الخضراء تعمل على زيادة الإنتاجية وخفض تكاليف التشغيل وتحسين الاستثمارات، وفتح المجال للأسواق الجديدة.

وعن أهم التحديات التى تواجه تلك الصناعة قال: إنها تتركز فى الاستخدام غير المستدام للموارد الطبيعية، بالإضافة لعدم وجود قوانين لحماية البيئة والحث على احترامها والالتزام بتنفيذها والتخلص من النفايات. 

ويكمل الخبير الاقتصادى حديثه حول آليات النهوض بقطاع الصناعة الخضراء مؤكدا أن أهمها إصلاح دعم الطاقة وتحويله للفئات المستفيدة منه، مثلما حدث فى إندونيسيا التى قامت بتخفيض دعم الطاقة وتحويله إلى دعم نقدى بعد رفع أسعار الوقود فى أكتوبر 2005، وتحديد الأولوية للاستثمار فى القطاعات الخضراء، من خلال دعم الأسعار والحوافز الضريبية لتشجيع الصناعات الخضراء مثل: مشروعات الطاقة المتجددة، واستخدام السياسة الضريبية لتشجيع الاستثمار فى الصناعة الخضراء

وفى ختام حديثه أكد أن مشروعات الاقتصاد الأخضر كانت تمثل 30% من الخطة الاستثمارية لمصر فى العام المالى 2021/2020، ثم تراوحت هذه النسبة بين 38 إلى 40% فى العام المالى 2022/2021، ومن المستهدف الوصول إلى 50% فى خطة 2025/2024، كما قامت وزارة المالية بطرح أول سندات خضراء فى مصر والشرق الأوسط وشمال أفريقيا بقيمة 750 مليون دولار بأجل 5 سنوات وعائد يصل إلى 5.25%؛ مما يسهم فى وضع مصر على طريق التمويل المستدام، كما اتخذت الدولة المصرية الكثير من الإجراءات التى تهدف إلى تعزيز الاقتصاد الأخضر، منها التوسع فى الاعتماد على الطاقة المتجددة بنسبة 42% بحلول عام 2035 بناء على التوسع الكبير لطاقة الرياح والطاقة الشمسية، كما تستهدف مصر التحول إلى مركز إقليمى للصناعات الخضراء على مستوى منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا فى ضوء مواكبة التطور التكنولوجى والمتطلبات العالمية فى صناعة السيارات الكهربائية، بالإضافة إلى العوائد الاجتماعية والبيئية والاقتصادية التى تنتج عن استخدامها.