رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

على فكرة

لم يكن من المتوقع، أو بالأحرى من المفروض، أن تستخدم الحكومة كما هى عادتها، أغلبيتها البرلمانية لتمرير تعديلات تشريعية لقانونى ضريبة الدمغة ورسوم تنمية موارد الدولة لكى تتفاجأ الجلسات المنعقدة للحوار الوطنى بصدور مجموعة جديدة من قرارات فرض رسوم وجمارك وضرائب، على أنشطة وسلع استهلاكية، قد تكون ضرورية لتسديد عجز هنا أو تصحيح أخطاء هناك، لكن المؤكد أنها تقود فى الوضع الهش لأسواق لا رقيب عليها، إلى ارتفاع جديد فى الأسعار، وإلى أعباء جديدة على غالبية المواطنين. وهى تقدم أدلة على أن من يجأرون بالشكوى ليل نهار من موجات غلاء غير مسبوقة، تعجزهم عن تلبية احتياجات حياتهم اليومية، لا يسمعهم أحد. فضلا عن اختيار التوقيت الملائم لإعلانها  الحوار ساحة للفضفضة، يعبر من خلالها المجتمعون به عن مقترحاتهم، بينما الحكومة تعمل ما يحلو لها بعيدا عما يجرى من نقاش  على موائده!

الحكمة والرشادة مطلوبان، إذا كانت النية صافية لإنجاح تلك التجربة التى تعد ضرورة فى مجتمع بات مثقلا بالمشاكل والأزمات.

كنت من البداية أتمنى أن تناقش كل جولة من جولات الحوار ملفا لقضية واحدة فقط، يجرى الحوار حولها والنظر فى كل  وجهات النظر والبدائل التى يطرحها المتحاورون، للتوصل إلى مشتركات مجتمعية بشأن أفضل السبل للتعامل معها. لكن ما حدث، أن القضايا كلها تناقش بالتوازى، وفى وقت ضيق لا يسمح للمتحدث بأكثر من أربع دقائق فقط، وبضغط فى الوقت أرهق أمانة الحوار والمشاركين به، الذين فرض عليهم البقاء فى القاعات نحو 12 ساعة من التاسعة صباحًا حتى التاسعة مساء، وهو ما أجهد كل الأطراف بمن فيهم من يتابعونه عبر الشاشات. والمجهدون لا ينطقون عادة لا بالصواب ولا بالحكمة !

من جهة أخرى ظهر بجلاء أن نقاط الحوار يتم تحديدها سلفًا، وبشكل  يختصر فى الوقت ويفتقد أحيانا للمنطق. وعلى سبل المثال، ما الذى يجعل قضية الهوية والثقافة تشتركان فى محور واحد. ومما  لا يخفى على أحد أن المشاكل فى الأوضاع الثقافية لا حصر لها، سواء تلك التى تتعلق بأوضاع السينما والحركة المسرحية وقضايا النشر والثقافة الجماهرية، وغير ذلك  من الأمور التى تحتاج لحوار وطنى منفصل وممتد، إذا كنا جادين فى استرداد قوة مصر الناعمة التى تم العبث بها من قبل قوى الهدم والفساد التى سادت وتمكنت، ونجحت فى التشويش على الهوية المصرية، والتلاعب بقضية الوعى.

ولعل القرار الذى اتخذه مجلس أمناء الحوار بعقد جلسات مصغرة من خبراء ومتخصصين للبحث فى مقترحات لجان الحوار بشأن كل قضية،  كما حدث فى قضية التعليم، أن يكون مدخلًا لمعالجة ذلك الخلل.

كان للتنبيه الذى ساقه المستشار «محمود فوزى» رئيس الأمانة الفنية للحوار الوطنى مغزاه المهم، حين أكد أن كلام الحكومة خلال جلسات الحوار، هى للإيضاح لما تمتلكه من معلومات للبرامج التى تنفذها. ومعنى الكلام أنها طرف كغيرها فى الحوار، وليست جهة لفرض الرأى وتوجيه دفة الحوار، كما حاول ذلك بعض ممثليها.

ولأن الحوار سمة من سمات النضج المجتمعى، وهو فضيلة فى حد ذاته لضمان الاستقرار والسلم الأهلى ، فقد يكون من الضرورى، أن تظل الأمانة العامة للحوار قائمة بشكل دائم، حتى بعد انتهاء جلسات الحوار، يتم استدعاؤها للنقاش حول ما يستجد من قضايا مختلف بشأنها، ليبقى الحوار هو الطريق الأمثل  للتقريب بين السياسات وبين المختلفين بشأنها.