عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الناصية

مع بداية السبعينيات ظهر الفنان عبدالحليم حافظ بشكل مختلف عن شكله التقليدى الذى اعتاد أن يراه عليه جمهوره فى الحفلات السابقة.. يرتدى آخر موضة للبدل ومنها بنطلونات الشارلستون والخواتم والسلاسل الذهبية وقام بتغيير تسريحة شعره لتكون على الموضة كذلك.. واستقبل الجمهور نيولوك حليم الجديد بدون انزعاج!

وكان المطرب الشاب وقتها هانى شاكر أحد العوامل التى شجعت عبدالحليم للتغيير لمواكبة العصر.. وانتقلت الملابس العصرية وتسريحات الشعر للرجال والسيدات من الشارع إلى السينما.. وبعد أن كان نجوم مثل عماد حمدى ويحى شاهين وكمال الشناوى لا يرتدون سوى البدلة الرسمية والروب دى شامبر طوال الفيلم أصبحنا نرى نجومًا مثل محمود ياسين وحسين فهمى ومحمود عبدالعزيز بالشعر «المسبسب» والبنطلونات «المحزّقة» والقمصان «المشجرة».. حتى وصلنا إلى أحمد السقا وكريم عبدالعزيز ومحمد هنيدى الذين أصبحوا لا يظهرون فى كل أفلامهم سوى بـ «شورت وفانلة وكاب»!

ومؤخراً.. تسببت إطلالة الفنان أحمد سعد فى حفله الأخير بالمملكة العربية السعودية ضمن فعاليات موسم جدة 2023، فى إحداث ضجة كبيرة، حيث ظهر المطرب خلال الحفل مرتديا «حلقًا» فى أذنيه، وقميصا شفافا من الشبك، ما جعله يتعرض لانتقادات واسعة من قبل رواد مواقع التواصل الاجتماعي.. وهو ليس أول مطرب يتعرض لهذا الانتقاد بسب ملابسه، فقد حدث نفس الشيء مع عمرو دياب ومحمد رمضان ومغنى الراب ويجز.. ومع كل التقدير للآراء المعترضة على ملابس سعد وغيره من المطربين.. ولكن...!

أعتقد أن المشكلة ليست فى الملابس فقط وإنها أكبر من ذلك بكثير.. ولو كان على الملابس لكان الأمر سهلا ولا يستدعى حتى الانزعاج منها ولا الكتابة عنها.. ولكنها الحالة السائدة عامة الآن.. وهى عدم التقبل والقبول بأى شيء ومنها مثلًا مشروعات الدولة من طرق وكبارى وأنفاق ومصانع.. وحتى الآراء ووجهات النظر فى السياسة والاقتصاد.. وعمومًا هناك ميول عام نحو المحافظة!

وهناك فرق بين التقبل والقبول.. فالتقبل هو أن تقبل بأفعال الآخرين وتوافق عليها، أما القبول هو الشعور الإيجابى أو السلبى تجاه شخص ما أو سلوك ما ولا تكون مجبرًا على تبنى أفكاره أو سلوكياته.. ولكن فى النهاية علينا احترام أفعال الآخرين طالما هم أشخاص مسئولون عن أفعالهم.. أما الرفض المطلق فهو الأزمة!

إذًا المشكلة ليست فى ملابس المطرب أحمد سعد أو غيره.. ولا حتى فى مشروعات الدولة ولا فى رأى فلان أو علان ولكن فى حالة الرفض السائدة بصفة عامة والانتقاد المستمر لكل شيء وأى شيء.. وهى حالة لها علاقة أساسية بارتفاع سقف احتياجات الناس إلى أعلى درجة من ناحية والشعور بعدم الرضا من ناحية أخرى!

ولا شك أن انتشار وسائل التواصل الاجتماعى أدى كذلك إلى انتشار الانتقاد المستمر والرفض المتواصل.. ولست بالطبع ضد النقد ولا حتى الانتقاد ولكننى ضد الوقوف أمام الآخرين لممارسة حريتهم فى اختيار ما يناسب أفكارهم ووظائفهم من أول الملابس حتى وجهات النظر!

والخطورة فى أن رفضك اليوم لحرية الآخرين.. يعطى الفرصة لرفض الآخرين لحريتك غداً!

[email protected]