رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

حكاوى

ما زلت أواصل الحديث حول قضية المواطنة، وفى نهاية هذا الأمر اعتبر الفيلسوف الألمانى كارل شميت  أن مدخل شعوب الغرب الى الحداثة وثمارها العلمية والسياسية، هو مبدأ المواطنة والديمقراطية.. فهل يمكن أن يكون الاسلام مدخلا للحداثة؟ وهل تتناقض قيم الديمقراطية والمواطنة مع الإسلام وتعاليمه على اعتبار أنه جمع فى منظومة واحدة متماسكة بين ضمير الإنسان ونظامه الاجتماعى بين المادى والروحى والدنيوى والأخروى؟ وانعكس عمق  قيمه فى الوجدان والثقافة.

 إن هذا البحث الذى عرضته خلال عده حلقات ماضية يركز بالضرورة على ضرورة موقع المواطنة فى بناء الدولة وضروراتها، وما يمكن أن تواجهها من تحديات، وما تحتاجه من أدوات لتحقيقها، وأين تلتقى وأين تفترق مع ما جاء فى الاعلان العالمى لحقوق الانسان، ومفهومها فى أدبيات بعض حركات الاسلام السياسى فى ضوء ما تشهده المنطقة من صراع بين تيارين، الأول يدعو لاعتماد نموذج الدولة الغربية الحديثة، والثانى يدعو إلى الحفاظ على هوية وثوابت دينها من خلال التزاوج مع ما أنتجته الحضارة الغربية.

تعد المواطنة قيمة عليا ترتب على الفرد حقوقا وواجبات، فى إطار علاقة تبادلية يحددها العقد الاجتماعى أو القانون أو الدستور الذى يربط الفرد بوطنه رهينة لقدرة البناء السياسى على الاستجابة للبناء الاجتماعى والاقتصادى، ومن ثم توافر القدرة لدى المواطن على ممارستها وبالتالى تعزيزها فى المجتمع ويرتبط ذلك بقدرة وسائل الإعلام الحديثة على الاقتراب من قضايا المجتمع وتمثيلها من وجهة نظر الجماهير، وليس عبر منظور النظام القائم لتحقيق تحول المجتمعات نحو الحداثة والديمقراطية الحقيقية.

إن الوعى بمقومات المواطنة وما يتبعه من إحساس بالمسئولية وإلتزام بالواجبات نحو الوطن يتم اكتسابه بالتأهيل الاجتماعى والأسرى. ويتدخل المجتمع المدنى والمؤسسات السياسية ووسائل الإعلام والمناهج الدراسية، حيث يتم إعداد الطفل من المهد مواطنا قادرا على المشاركة الفاعلة فى خدمة وطنه وقادرا على تحمل مسئوليات هذه المشاركة اجتماعيا وسياسيا وثقافيا. وتتجلى أهمية المواطنة وتتبلور كضرورة وحاجة لبناء الدولة الحديثة، نظرا لارتباطها بالحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية للمواطنين. وتشمل الحقوق المدنية والسياسية كل ما يهدف إلى تأمين سلامة الإنسان المادية والمعنوية، والحماية من التمييز والمشاركة فى ممارسة السلطة كمرشح أو ناخب وتوفر الرقابة والمساءلة المتبادلة بين مؤسسات النظام السياسى، بما تضم الحقوق الاقتصادية حق المواطن فى مستوى معيشة لائق والحق فى الضمان الاجتماعى.

أما الحقوق الثقافية والاجتماعية فتعنى المشاركة فى حياة المجتمع وهويته الثقافية والاجتماعية، وهى تؤثر على الجوانب الحياتية المختلفة للفرد وتطويره لقدراته وتحقيقه لذاته، وتعتبر الحقوق القانونية الضمان الحقة لتنمية الممارسة السياسية السلمية البعيدة عن العنف وإدارة أوجه الخلاف ديمقراطيا. وهنا لابد من الإشارة إلى أن العملية السياسية والمشاركة فيها لا يمكن أن تتحقق ما لم تكن مسبوقة بتأمين الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والقانونية، ويعد الوصول إلى المواطنة الصالحة هدفا تسعى لتحقيقه الدولة والمجتمع. وقدم الإعلان العالمى لحقوق الانسان المثل الأعلى لجميع الدول، لتقر بما جاء فيه فكرا ونهجا، وهنا لابد من الإشارة إلى الظروف الاجتماعية والاقتصادية التى صدر خلالها وما هدفت إليه السلطة التى أصدرته لتمكين الناس من ممارسة حقوقهم الطبيعية، تفاديا للصراع الاجتماعى وإقرارا للسلم الداخلى وحماية المجتمع من الانهيار.