رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

»اللحمة« أصبحت حلم البسطاء

اللحوم
اللحوم

سعر الكيلو وصل 400 جنيه.. وتوقعات بمزيد من الارتفاع قبل عيد الأضحى

 

«يا محمد انزل هات لينا كيلو لحمة».. قالتها الزوجة استعدادًا لبدء تحضير الطعام، ليرد زوجها قائلاً «ده لو عرفت أجيب.. الكيلو وصل لـ330 جنيه وده حرام». 

يذهب الزوج لمحل الجزارة الكائن بجوار محل إقامته فى فيصل وهنا أصيب بصدمة كبيرة حينما قال له الجزار: «إيه دول 330 جنيه.. الكيلو بقى 360 يا بيه ولو عايز اللحمة صافى بـ400 جنيه». 

وقف الزوج صامتًا من الصدمة يحاول سريعًا أن يفكر فى حل ليرد قائلاً: «طيب هات نص كيلو بس»، يحاول الجزار أن يهون على الزبون بعد صدمته وقال له على الرغم من ارتفاع الأسعار ووصول سعر الكيلو لـ 400 جنيه إلا أنه كصاحب محل يتعرض لخسائر كبيرة خاصة وأن جميع الزبائن قللوا مشترياتهم لأقل من نصف الكمية.

الحال لا يختلف لدى الغالبية العظمى من المواطنين الذين حرصوا على اقتصاد الشراء من اللحوم حتى يستطعيوا توفير جزء من رواتبهم لاستكمال باقى احتياجاتهم على مدار الشهر، فيما يشعر الجميع بالظلم كلما رفع الجزارون سعر كيلو اللحمة بشكل يومى حتى وصل سعر الكيلو إلى 400 جنيه للحمة الصافية بدون دهون بدلاً من 360 جنيهاً فى مناطق الدقى وجاردن سيتى وشوارع فيصل الرئيسية فيما تختلف عن سعر اللحوم فى المناطق الشعبية، وتختلف أيضا من شارع لآخر فى المنطقة الواحدة! 

مليون ونصف الطن حجم استهلاك المصريين من اللحوم سنويًا ونقيب الفلاحين: الإنتاج المحلى يغطى 60% من الاستهلاك

«لما كيلو اللحمة يصل لـ360 جنيه وفيه بـ400 جنيه تبقى أكلة يوم الخميس واقعة علينا بـ1000 جنيه».. قالها بحسرة «أحمد درديرى»، والذى كان يشترى 2 كيلو لحمة أسبوعيا حينما كان سعر الكيلو 180 جنيهًا، وبعدما وصل السعر إلى 330 جنيهًا اكتفى بشراء كيلو فقط..

وتابع: «دلوقتى أكتفى بكيلو واحد.. ويادوب كل واحد نص نايب لعيالى الأربعة وأنا وأمهم». 

أمام لافتة تتصدر واجهة أحد محلات الجزارة مكتوب عليها كيلو اللحمة بـ360 جنيهًا وقف عبدالصمد حائرًا.. وسأل نفسه : «هل أشترى نص كيلو ولا أجيب فراخ أحسن؟». 

يشير صاحب الأربعين عامًا إلى أنه خلال الفترة الأخيرة عزف عن شراء اللحمة لارتفاع ثمنها بشكل كبير مفضلا شراء الفراخ: «لما كيلو اللحمة يصل إلى 350، يبقى الأفضل أروح أجيب فرختين يكفونى أسبوعين.. لكن كيلو اللحمة بيخلص فى طقة واحدة مع العيال». 

«عبدالصمد» مثل غيره من المواطنين الذين فضلوا الاعتماد على الدواجن فى تناول وجباتهم كل خميس، وتابع: «قولت أعمل مقاطعة وناس كتير عملت كده لكن برضو الأسعار مولعة نار».

«لما الجزار يقولى الكيلو بـ360 جنيه وفيه بـ400 جنيه وبيخسر المفروض نعمل إيه؟.. قالتها بغضب «ريهام»، والتى اكتفت بشراء نصف كيلو فقط من اللحوم لإرضاء أطفالها الذين أصروا على تناولها بعد عدة أسابيع من المقاطعة. 

قاطعها الحديث الجزار قائلاً: «فيه غيرى قفل المحل بتاعه علشان خسر كتير..». 

فخدة لحمه

يشير الجزار إلى أن قرار كثير من المواطنين اقتصاد شراء اللحوم للنصف سبب خسائر كبيرة للجزارين، فمع قانون العرض والطلب كان من المفترض أن تنخفض أسعار اللحوم مع مقاطعة الكثير من المواطنين لكن الاسعار ارتفعت أكثر لان المعروض من اللحوم أقل بكثير من ربع احتياجات المواطنين للشراء بالتالى المقاطعة فشلت فى ترويض سوق اللحوم.

تصريحات صادمة أدلى بها هيثم عبد الباسط، نائب رئيس شعبة القصابين بغرفة القاهرة التجارية، بشأن أسعار اللحوم الفترة المقبلة، مؤكدًا أن الأسعار ستواصل الارتفاع على الرغم من وصول سعر كيلو اللحمة إلى 400 جنيه.

وقال «عبدالباسط» إنّ السبب فى ارتفاع أسعار اللحوم الحمراء الركود التجارى والمالى الذى يتعرض له الجزارون، مشيرا إلى أنّ الأزمة الاقتصادية التى تعرض لها العالم نتيجة حرب روسيا وأوكرانيا، سببت قلة استيراد المواشى من أوكرانيا كما كان معتادًا.

وتابع: أسعار اللحوم فى الفترة الحالية تتراوح ما بين 330 إلى 380 جنيهًا بحسب المنطقة، ولكن فى الهايبرات وصلت إلى 400 جنيه.

وتوقع رئيس الشعبة زيادة سعر اللحمة خلال الفترة المقبلة وخاصة مع اقتراب عيد الأضحى، متابعًا: أزمة الإنتاج الداخلى أو المحلى للعلف هي السبب الرئيسى فى ارتفاع أسعار لحوم المواشى، والخاسر الأكبر من ارتفاع الأسعار هم التجار لأنهم مُلزمون بدفع رسوم نقل وعلف بخلاف إيجارات المحلات التجارية الخاصة بهم والكهرباء، فالأمر بالنسبة لهم لا يتوقف فقط عند تربية المواشى أو استيرادها.

واختتم: أحد الاتجاهات التى يفكر القصابون فيها حاليًا هى غلق المحال حتى اقتراب عيد الأضحى، والغرض من ذلك توفير الطاقة الاستهلاكية لعدم حدوث مضاعفات أخرى بالأسعار، وبالفعل أغلق كثير من تجار اللحوم الحمراء محلاتهم.

وأضاف أن من عوامل نقص المعروض من اللحوم فى الأسواق، عزوف المربى البسيط عن تربية الماشية، ففى الأرياف كان الفلاحون يعتمدون على تربية المواشى، للحصول على ألبانها ثم بيعها للحصول على الأرباح، ولكن مع ارتفاع أسعار الأعلاف ومدخلات التربية، عزف المربى الذى كان يربى على الأقل رأس ماشية عن التربية، ففقدنا موردا هاما من موارد إمداد الدولة باللحوم.

وتابع: «أسعار اللحوم فى مصر مرتبطة بأسعار الدولار، إذ إنه يجرى استيراد ٩٥٪ من خامات الأعلاف، الأمر الذى يؤثر على أسعار اللحوم فى السوق المصرية»، مشيرًا إلى أن مصر أصبحت تستورد اللحوم من البرازيل، أكثر من أى دولة أخرى».

استهلاك المصريين مليون ونصف الطن سنويًا

قال حسين عبدالرحمن أبوصدام، نقيب عام الفلاحين، إن صافى الإنتاج من اللحوم الحمراء يغطى أقل من 60% من احتياجات المواطنين.

وأضاف نقيب الفلاحين أن مصر تفتقد وجود مراعٍ طبيعية الأمر الذى دفع مربى الماشية للاعتماد بشكل أساسى على الأعلاف المزروعة أو المصنعة عالية التكاليف، مشيرا إلى أن أسعار اللحوم ارتفعت فى الآونة الأخيرة ارتفاعا كبيرا ما بين 300 إلى 400 جنيه حسب نوع اللحمة ومكان البيع.

ونوه «أبوصدام» إلى أن ارتفاع أسعار اللحوم لها العديد من الأسباب منها كثرة الإقبال على شراء اللحوم الحمراء مع قلة المعروض، مع انخفاض درجات حرارة المناخ وحاجة المستهلكين إلى اللحوم كمصدر أساسى للبروتين فى ظل زيادة عدد السكان لأكثر من 105 ملايين نسمة والذى لا يقابلها زيادة فى أعداد المواشى والتى لا تزيد على 8 ملايين رأس ماشية تقريبا بجانب نحو 2 مليون و900 ألف رأس من الأغنام والماعز والجمال.

وطالب نقيب الفلاحين الحكومة بالدعم المادى والمعنوى لقطاع الثروة الحيوانية لتقليل الفجوة ما بين الانتاج المحلى والاستهلاك من اللحوم الحمراء والحفاظ على استمرار عمل ملايين العاملين فى هذا القطاع الحيوى والذى يعتبر هذا القطاع هو مصدر رزقهم الرئيسى.

تفاصيل جديدة كشف عنها غريب جمال، مربى حيوانات، قال إن حجم استهلاك مصر سنويًا من اللحوم زاد بشكل كبير حتى وصل لمليون ونصف الطن لحومًا حمراء، و٤٠٪ منها مستوردة من الخارج.

وأشار مربى الحيوانات إلى أن عدد رؤوس الثروة الحيوانية ٧.٥ مليون رأس ماشية فى العام الماضى بحسب بيانات وزارة الزراعة، وتراجع نصيب المواطن من اللحوم الحمراء من ١٠.٧ كيلوجرام عام ٢٠١٧ إلى ٧.٨ كيلوجرام فى ٢٠٢٠، فى المقابل ارتفع نصيب الفرد من اللحوم البيضاء والدواجن من ١٠ كيلوجرامات عام ٢٠١٧ إلى نحو ١٥.٢ كيلوجرام عام ٢٠٢٠.

لحمه الجزار

وأشار إلى أن مصر تأثرت بشكل كبير بالأزمة الاقتصادية العالمية، خاصة فى مدخلات إنتاج الأعلاف، ونتيجة احتجاز عدد كبير من مدخلات الإنتاج فى الموانئ، ارتفعت أسعار الأعلاف، ما نتج عنه إيقاف كثير من أصحاب المزارع نشاطهم موقتًا لحين حل الأزمة لعدم قدرتهم على تحمل الكلفة والأعباء.

الأمر نفسه أكدته دراسة أكاديمية أجراها الدكتور فالح عبدالنعيم أمين محمد، بقسم الاقتصاد الزراعى كلية الزراعة بجامعة أسيوط بعنوان بعض العوامل العامة المؤثرة على أسعار اللحوم الحمراء المحلية فى مصر. 

وأشارت الدراسة إلى أن السلع الغذائية بوجه عام واللحوم الحمراء على وجه الخصوص سلعاً ضرورية ذات طلب ضعيف المرونة، وفى ظل الارتفاع السريع فى أسعارها فى الفترة الأخيرة قد يعتبرها بعض المستهلكين من سلع الأغنياء.

وأكدت الدراسة أن زيادة الفجوة فى اللحوم الحمراء ترجع إلى زيادة الاستهلاك المحلى من اللحوم الحمراء من ناحية وعدم كفاية الإنتاج المحلى منها من ناحية أخرى. 

وأشارت الدراسة إلى أن كمية الإنتاج المحلى من اللحوم الحمراء تتزايد بمعدل سنوى أقل من معدل الزيادة فى الاستهلاك، ومن ثم يتضح انخفاض نسبة الاكتفاء الذاتى وتزايد الفجوة الغذائية وتناقص نصيب الفرد السنوى من اللحوم الحمراء.

أوضحت الدراسة أن هناك أثراً سلبياً للأزمة الغذائية والاقتصادية على أسعار اللحوم المحلية، فى حين كان أثر الأزمة الغذائية والاقتصادية على سعر اللحوم الحمراء المستوردة موجباً.

وأظهرت نتائج الدراسة أن هناك علاقة عكسية بين سعر اللحوم الحمراء المحلية وكمية الإنتاج المحلى منها، وعلاقة طردية مع كل من الكمية المستوردة وسعر الاستيراد؛ فى حين تتأثر الكمية المستوردة من اللحوم الحمراء بالفجوة الغذائية، وهذا يتماشى مع المنطق الاقتصادي؛ حيث تعتبر حجم الفجوة الغذائية ونسبة الاكتفاء الذاتى هى الموجه الأساسى للاستيراد. أما عن العوامل المؤثرة على سعر اللحوم الحمراء المحلية فى ظل السياسة النقدية الاقتصادية بتحرير سعر الصرف التى بدأ تطبيقها فى نوفمبر 2016.

وتابعت الدراسة: لوحظ أن السعر المحلى للحوم الحمراء يزداد بزيادة سعر الصرف للعملة الأجنبية والكمية المستوردة وسعر الاستيراد وكذلك أسعار الدجاج الحى. ولذلك توصى الدراسة بتشجيع المشروعات الزراعية الصغيرة من خلال دعم الأعلاف ومشروع تسمين البتلو، للوصول لزيادة فى المعروض من اللحوم الحمراء من الإنتاج المحلى، والتى من شأنها محاولة ثبات الأسعار عند الحد الذى وصلت إليه فى عام 2015.