خط أحمر
أحب الفنان عادل أمام، ولكنى أحب الحقيقة أكثر، والحقيقة تقول إن احتفالنا بعيد ميلاده لا يجب أن يمنعنا من الإقرار بأن مسرحية مدرسة المشاغبين لم تكن مسرحية موفقة بأى معنى فى تاريخه الفنى.. إننى أهنئه بعيد ميلاده الذى وافق ١٧ من الشهر، وأتمنى له وهو يطفئ الشمعة الثالثة والثمانية أن يعيش عُمرًا مديداً، وأن ينعم فيه بالصحة والعافية، وأن يظل يسعد جمهوره على الدوام.
ولكن هذا لا يمنعنى فى المقابل من الأسف البالغ على ما ألحقته هذه المسرحية بالتعليم فى مصر من ضرر بلا حدود، لأن لنا أن نتصور عواقب مسرحية تقوم فى جانب كبير منها على الاستهزاء بالمدرس، وعلى الضحك عليه فى الفصل، وعلى تدبير المقالب ضده من جانب الطلاب.
يرحم الله الفنانة سهير البابلى التى قامت بدور المدرس، والتى عانت من تلاميذها ما يعرفه كل الذين تابعوا المسرحية على الشاشة أو فى المسرح.
لا أقول بالطبع إن حال التعليم الآن يرجع إلى تأثير هذه المسرحية وحدها.. فأسباب وصوله إلى ما هو عليه كثيرة، ومتعددة، ومتنوعة.. ولكن بما أن التعليم مدرس فى الأصل، فإن علينا ألا نغفل أبدًا عن تأثير مدرسة المشاغبين على صورة المدرس فى عيون التلاميذ، وبالتالى على المهمة التى لا بد أن ينهض بها كل مدرس فى مدرسته.
كنت أعرف الراحل الكبير على سالم، مؤلف المسرحية، وتمنيت لو كنت قد سألته عن رأيه فى هذا الموضوع، ولا أعرف كيف فاتنى هذا الأمر فى حياته، ولا أفهم كيف على كثرة المرات الذى رأيته فيها، لم أستطلع رأيه فى قضية هو طرف مباشر فيها؟!
إننا كثيرًا ما نقرأ عن فلان من الناس الذى فعل ما فعل تأثرًا بعمل فنى رآه على الشاشة، وكثيرًا ما يدهشنا أن يصل تأثير الفن على مشاهديه إلى هذه الدرجة، ولذلك، فالمؤكد أن المسرحية أثرت سلبيًا على أجيال من وراء أجيال من الطلاب، والمؤكد أن هذه المسألة فى حاجة إلى دراسة علمية نرى من خلالها ماذا بالضبط جرى فى التعليم من وقت عرض المسرحية على الناس إلى اليوم؟!
لو كنت فى مكان الفنان عادل إمام، ما وجدت أى حرج فى أن أطلب وقف عرضها على المشاهدين، لأن احترام المدرس فى مدرسته أساس لأى عملية تعليمية ناجحة، ولأن عدم الاحترام للمدرس فى نظر كل تلميذ من تلاميذه يعنى ألا تعليم فى الأساس.