رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

كبسولة النجاح بـ300 جنيه وأكثر:

المراجعات النهائية «سبوبة» موسم الامتحانات

مراكز الدروس الخصوصية
مراكز الدروس الخصوصية

أولياء الأمور: نلجأ إليها حرصًا على مستقبل أبنائنا.. والأسعار خارج السيطرة

 

بات موسم المراجعة النهائية مثله مثل موسم حلول شهر رمضان أو العيد أو دخول المدارس، يحتاج لميزانية خاصة فى كل بيت ومزيد من الترقب والانتظار للحاق بموعد التسجيل والحجز.

 وتحمل مشقة وعناء ارتفاع الأسعار التى تجاوزت الـ 300 جنيه ووصلت فى بعض المناطق إلى 500 جنيه فى الحصة الواحدة، وذلك بالتزامن مع إطلاق وزارة التربية والتعليم والتعليم الفنى ماراثون امتحانات نهاية العام للعام الدراسى الحالى 2022/2023.

 

تبريرات المعلمين والقائمين على مراكز الدروس الخصوصية استندت فى ردها على التساؤلات التى أثيرت حول أسباب ارتفاع أسعار حصص المراجعة النهائية إلى زيادة التكاليف بسبب استئجار قاعة كبيرة فى أحد النوادى أو النقابات لاستيعاب أكبر عدد ممكن من الطلاب الذين تتزايد أعدادهم من عام إلى آخر.

مراكز الدروس الخصوصية تسعى لـ«الشو».. والتعليم بالمهرجانات يهدد العملية التعليمية

ليس هذا فحسب، بل أيضًا استحدث هؤلاء أفكارًا أخرى للتربح كإعداد المذكرات والملازم وتوزيعها على الطلاب بسعر 100 وحتى 200 جنيه للملزمة التى تحمل عنوان «المراجعة النهائية»، بما يفتح بابًا جديدًا من أبواب استنزاف جيوب أولياء الأمور، تزامنًا مع موجات ارتفاع الأسعار التى تخيم على باقى مناحى الحياة.

 

أولياء الأمور أكدوا أن لجوءهم لمثل هذه الحصص ما هو إلا محاولة منهم لتقديم الأفضل والمزيد لأبنائهم حتى لا يتولد لديهم شعور «بالتقصير» فى مستقبلهم، بينما يرى آخرون ضرورة مواجهة هذه الظاهرة ومحاربة الدروس الخصوصية، وتفعيل مجموعات التقوية، وزيادة المتابعة المنزلية للأبناء والرقابة لضمان أن الأبناء يقومون بواجباتهم الدراسية على أكمل وجه، وعدم اللجوء للدروس الخصوصية والمراجعات النهائية إلا فى أضيق الحدود.

خبراء: مطلوب تفعيل دور القنوات التعليمية وتعزيز دور مجموعات التقوية المدرسية

ووافق الخبراء التربيون على هذا الرأى، خاصة بعدما باتت ظاهرة المراجعة النهائية نوعًا من أنواع «الشو» والترويج للمعلم ولمراكز الدروس الخصوصية وسبوبة لاستنزاف جيوب المواطنين، خاصة وأن القدرة الاستيعابية للطلاب فى حصص المراجعة النهائية فى ظل وجود مئات الطلاب قد تكون منعدمة تمامًا وليست فقط ضعيفة.

وأشار الخبراء إلى ضرورة إحكام الرقابة لمواجهة هذه الظاهرة التى أصبحت منتشرة فى الشوارع والطرقات بإعلانات تفوق حتى إعلانات الأعمال الدرامية والسينمائية، وكذلك عبر مواقع التواصل الاجتماعى، ووقف الترويج لها، وإحكام السيطرة عليها وتفعيل مجموعات التقوية بالمدارس لتخفيف العبء عن أولياء الأمور وضمان مستقبل أفضل للطلاب من خلال تلقٍ جيد للمعلومة بدلًا من الحضور الجماعى الذى يصل إلى تكدس الآلاف فى القاعات دون جدوى استيعابية، فضلًا عن إطلاق حملات التوعية التى تركز على فئة أولياء الأمور لرفع مستوى الوعى الثقافى لديهم بخطر هذه الظواهر على مستقبل أبنائهم على عكس ظنونهم.

يقول سامح رسلان ولى أمر أحد الطلاب إن أبناءه فى مراحل تعليمية مختلفة ومنهم من يعتمد على الدروس الخصوصية فى المراكز، ومنهم من يعتمد على الدروس فى المنزل، الأمر الذى يزيد من التكلفة والعبء عليه فى ظل زيادة الأسعار التى تشهدها جميع مناحى الحياة.

وأوضح رسلان فى حديثه لـ "الوفد" أنه قرر أن يضيف لأبنائه الدروس الخصوصية رغبة منه فى عدم الشعور بالتقصير فى حقهم والعمل على توفير كافة المستلزمات والمناخ والبيئة الملائمة والعوامل التى تجعل منهم طلابًا متفوقين، إلا أن ظاهرة المراجعة النهائية التى باتت منتشرة فى كافة الأنحاء وبأساليب جديدة ومستحدثة لا تروق أبدًا له كولى أمر إلا أنه لا يرغب فى أن يشعر بالتقصير ناحية أبنائه بأى شكل ممكن.

واستنكر رسلان أسعار حصص المراجعة النهائية التى تجاوزت الـ 600 جنيه فى منطقة المقطم للحصة الواحدة التى لا تتجاوز الساعتين، وبحضور مئات بل آلاف الطلاب فى قاعات ودور مناسبات، فضلًا عن فرض نظام الحجز وإلزام الطلاب بشراء الملازم وذلك دون رقابة حقيقية، بالإضافة إلى أن بعض من يقومون بعملية التدريس فى المراكز من خارج الحقل التعليمى ومن هواة المهنة أو الباحثين عن عمل، وغير خاضعين لأية قوانين أو ضرائب أو أى غطاء قانونى يمكن من خلاله السيطرة عليهم، كما أن هذه الظاهرة تضيع حقوق غير القادرين الذين لا يستطيعون الحصول على مثل تلك الحصص.

من جانبها تقول رنا عماد ولية أمر إن فكرة الدروس الخصوصية مرفوضة من الأساس، ووليا الأمر أب وأم مسؤولان مسؤولية كاملة عن مستقبل أبنائهما بالمتابعة المستمرة واستقطاع وقت من اليوم لمذاكرة الدروس معهم، حتى لا يُتركوا إلى أنياب مراكز الدروس دون أن يعلموا حقًا إذا كان ابنهم قد استفاد استفادة حقيقية من وجوده فيها أم لا.

وأكدت رنا أن ظاهرة الدروس الخصوصية الآن أصبحت «شو» وترويجًا لتداول اسم معلم بعينه، وكسب مزيد من الطلاب لتحقيق أرباح أكثر وهو ما يزيد من أعباء الأسرة المصرية، مشيرة إلى أنه فى ظل وجود وسائل التواصل الاجتماعى توسعت مثل هذه الإعلانات فى الانتشار، خاصة فى مواسم الامتحانات لحجز حصص المراجعة النهائية قبل انطلاق الامتحانات بفترة زمنية ليست بقليلة، لحصد أموال الحجز واستئجار القاعات التى نشاهدها عبر السوشيال ميديا وهى تضج بالمهرجانات والأغانى والتكدس والازدحام.

وتساءلت رنا: كيف يمكن لهذه الأعداد أن تستوعب دروسها وهى فى اللحظات الأخيرة قبل الامتحان؟، وهل يمكن فعلًا أن تتذكر شيئًا مما يتردد؟، مضيفة: ما يحدث مجرد شو من أشخاص غير مدركين هم الطلاب ولا أولياء أمورهم، وآخرين مستغلين يعملون من أجل حصد الأموال سواء كان من الطلاب أو حتى من حصد الأرباح من المشاهدات التى تتحقق على مواقع السوشيال ميديا، وجميعها استنزاف لجيوب أولياء الأمور المتساهلين غير المدركين وغير الواعين بهذه الأفعال.

أما عزة خالد، والدة إحدى الطالبات، فقالت: منذ بداية الامتحانات تفرغت ابنتى للمذاكرة، بينما تفرغت أنا لحجز المراجعات النهائية لها، ورغم أنها تحصل على دروس خصوصية لدى هؤلاء المدرسين طوال العام، إلا أننى أعانى فى الحجز لديهم، وهم يبررون ذلك بأن الشرح شىء والمراجعة شىء آخر، كما أنهم يستغلون رهبة الطلاب وأولياء الأمور من الامتحانات لتحقيق أكبر مكاسب ممكنة خلال هذه الفترة.

وقال إبراهيم عبد القادر، معلم على المعاش من محافظة المنيا إن مراجعات ليلة الامتحانات أكبر سبوبة بالنسبة للمدرسين، وتضم المنيا العديد من مجمعات الدروس الخصوصية، التى تستقبل أعداداً تتجاوز الـ200 طالب فى الحصة.

ضغط

عبير أحمد، مؤسس اتحاد أمهات 

وأضافت عبير أحمد، مؤسس اتحاد أمهات مصر للنهوض بالتعليم، وائتلاف أولياء الأمور، إن فترة الامتحانات وما قبلها مباشرة تسبب ضغطا وعبئا ماديا كبيرا على أولياء الأمور بمختلف المراحل التعليمية.

وأضافت عبير، فى تصريح خاص لـ "الوفد"، أن معلمى السناتر أصبحوا يقسمون المراجعة النهائية للمادة الواحدة على عدة أيام فى متوسط 100 جنيه تقريبا -تزيد حسب المناطق وسنوات الدراسة- فى اليوم الواحد، وهو ما يمثل عبئًا ماديًا على ولى الأمر، بعدما كانت المراجعة النهائية تتم فى يوم واحد فقط.

 

وأوضحت عبير أن أولياء الأمور والطلاب يضطرون إلى الحصول عليها بهذه الأسعار وأكثر مراعاة لمستقبل أبنائهم، والبعض الآخر يضطر للحصول عليها فى الشهادات فقط مثل الثانوية العامة أو الإعدادية، وبعض سنوات النقل القادرين ماديا، بينما يعتمد البعض الآخر على مراجعات اليوتيوب والملازم.

ولفتت عبير النظر إلى أن معلمى السناتر الذين يقسمون المراجعة النهائية للمادة على عدة أيام يقومون بعمل ملزمة يدفع الطالب ثمنها -اختياريا- بخلاف ثمن المراجعة، ويبدأ سعرها بـ ٢٠ جنيها فأكثر.

 

وأضافت مؤسس اتحاد أمهات مصر للنهوض بالتعليم وائتلاف أولياء الأمور، أن الأعداد داخل سناتر الدروس الخصوصية تكون كبيرة للغاية وتصل إلى ٣٠٠ طالب وطالبة وأكثر، والبعض يستفيد والبعض الآخر لا يستفيد ثم يتوجهون إلى القنوات والملازم الأخرى.

تحالف

الدكتور مجدى حمزة الخبير 

وتعليقا على ذلك قال الدكتور مجدى حمزة الخبير التربوى إن ظاهرة حصص المراجعة النهائية وما يسبقها من زحام شديد للحجز انتشرت بصورة كبيرة جدًا فى الآونة الأخيرة، وأصبح وراءه تحالف من بعض الشخصيات العامة والبرلمانيين، حيث يتم استئجار قاعات الأفراح الكبيرة لتستوعب عددا كبيرا من الطلاب فى حصص المراجعة، وذلك بغض النظر عن مدى استيعاب الطلاب فى ظل وجود هذه الأعداد الغفيرة، مؤكدا أن الاستيعاب فى هذه الأجواء مستحيل.

 

وأوضح حمزة خلال حديثه لـ "الوفد" أن انتشار المراكز لا يعنى بالضرورة الموافقة عليها وتأييد بقائها، بل هى تعود لفكرة «الانسياق وراء العقل الجمعى» بمعنى انسياق الآلاف من الطلاب خلف زملائهم الذين يبحثون عن فكرة «المراجعة النهائية» وذلك دون تفكير أو أى أدنى لإعمال العقل حول ما إذا كان هذا مُجديا ومفيدا أم لا، وهل هذا التجمع فى مثل هذه الأماكن صحى أم لا؟، قائلًا: لن نجد إجابة قطعًا سوى أن هذا «كذب» لأنه يستحيل أن يتم مراجعة المنهج كاملًا فى حصة أو اثنتين خلال ساعتين أو حتى 4 ساعات.

وأشار الخبير التربوى إلى أن هذه الظاهرة تكشف عن غياب الوعى ليس فقط لدى الطلاب وإنما حتى لدى أولياء الأمور الذين ينساقون خلف مطالب أبنائهم وتلبيتها دون تفكير، مبينًا أن هذا يمثل عبئًا ماديًا كبيرًا وخسارة مالية واستنزافا لجيوب أولياء الأمور وإهدارا للوقت إذ يلجأ بعض الطلاب لهذه الحصص كحيلة للخروج من المنزل والهروب من المذاكرة.

وأكد حمزة أن مواجهة ظاهرة المراجعات النهائية فى مراكز الدروس الخصوصية وغيرها لن يتحقق فى يوم وليلة، وإنما يحتاج لحملات وعى كبيرة لأولياء الأمور والطلاب، بالتوازى مع انتظام مجموعات التقوية فى المدارس والاستعانة بخبراء التعليم فى تنظيم مراجعات نهائية حقيقية عبر وسائل الإعلام للقضاء على هذه السبوبة التى للأسف لها قبول كبير لدى الشعب المصرى.