عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

ندى

 «إن العرب - يقصد المصريين- هم خير من رأيتهم من الجنود، فهم يجمعون بين النشاط والقناعة والجلد على المتاعب مع انشراح النفس وتوطينها على احتمال صنوف الحرمان، وهم بقليل من الخبز يسيرون طوال النهار يحدوهم الشدو والغناء، ولقد رأيتهم فى معركة «قونية» - فى ديسمبر ١٨٣٢ التى استمرت سبع ساعات وانتهت بهزيمة ساحقة للعثمانيين- يبقون ساعات متوالية فى خط النار محتفظين بشجاعة ورباطة جأش تدعوان إلى الإعجاب دون أن تختل صفوفهم أو يسرى إليهم الملل أو يبدو منهم تقصير».

 هذه شهادة حق يقدمها سليمان باشا الفرنساوى، أحد أشهر جنرالات عصر محمد على مؤسس نهضة مصر الحديثة, يمتد عمرها لأكثر من مئة وخمسة وخمسين عامًا لقائد عسكرى مشهود له بالكفاءة عن جنود وضباط الجيش المصرى فى بداية تأسيسه, حيث كان له الفضل فى بناء نواته الأولى التى أهلت مصر لتكون ندًا للدول الأوروبية القوية آنذاك. اسمه الحقيقى الكولونيل أوكتاف جوزيف أنتيلمى سيف ولد عام 1788 فى مدينة ليون بفرنسا، وجاء إلى مصر مع الحملة الفرنسية وبقى بها واعتنق الإسلام، وعينه محمد على قائدًا للجيش, وبعد أن تخلص محمد على من أغلب المماليك بمذبحة القلعة فى 1811, بدأ مشروعه التحديثى لمصر، وكان مقتنعا أن أولى دعائم الدولة القوية تأسيس جيش قوي, فعمد إلى تأسيس جيش على الأصول الحديثة، وبدأ هذا المشروع بتصفية الجيش القديم وإعادة بناء جديد على النظم الأوروبية واستخدام الأساليب العسكرية الحديثة, وكلف «سيف» الكولونيل الفرنسى السابق بجيش نابليون بتأهيل مصريين لتأسيس جيش يكون ولاؤه لمحمد علي؛ وليس للسلطان العثماني, وبدأت مهمة إعداد الجيشه الجديد عام 1819، بعد عام من تكليف محمد على, فاختار له «سيف» 400 جندى كانوا نواة أول مدرسة للضباط أنشأها فى أسوان جنوب مصر، لتكون بعيدة عن المماليك، وفى أثناء عمله اعتنق الإسلام، واختار الوالى اسم سليمان له، ومنحه لقب أغا، وقضى ثلاث سنوات فى تدريب الضباط الذين أصبحوا فيما بعد نواة الجيش المصرى، وكان لهم أبلغ الأثر فى الانتصارات العسكرية التى حققها إبراهيم باشا، كما شارك سليمان فى أغلب المعارك التى خاضها، وكان أولها حرب «المورة» باليونان عام 1824.

 وتمتع «سليمان» بعلاقة قوية بالأسرة المالكة المصرية، وأنجب عدداً من الأبناء، أشهرهم الأميرة نازلى زوجة الملك فؤاد ووالدة فاروق الذى تنازل عن عرش مصر بعد قيام الثورة، وكان آخر من حكم مصر فعليًا من أسرة محمد على باشا, ولاحقًا صار«سليمان» الذراع اليمنى للقائد إبراهيم باشا ابن محمد على ونال إعجاب الجميع حتى وصل لأعلى المناصب وترقى حتى وصل إلى منصب «رئاسة الجهادية» أى ما يعادل «وزير الحربية» وأنعم عليه محمد على سنة 1834 بالباشوية عقب الحرب السورية الأولى؛ فعرف من ذلك الحين بسليمان باشا الفرنساوى، واشترك فى الحرب السورية الثانية، وظل يواصل مهمته حتى عصر سعيد باشا.

 وتقديرًا من المصريين لهذا الرجل أقاموا له تمثالًا فى الميدان المسمى باسمه «ميدان سليمان باشا»، وأطلقوا اسمه على أحد شوارع القاهرة، وبعد قيام ثورة يوليه 1952 أزيل التمثال، وأودع فى ساحة المتحف الحربى، وأقيم بدلًا منه تمثال لطلعت حرب، رائد الصناعة المصرية, لكن حتى الآن لا يزال معظم المصريين لا يعرفون إلا التسمية الأولى رغم رحيله فى 12 مارس 1860، ودفنه  بجوار حصانه فى «قبة الفرنساوي» والتى أنشأها زوج ابنته محمد شريف باشا فى منطقة مصر القديمة, كأثر فريد للعمارة العلوية فى مصر وتقع بالقرب من شاطئ النيل فى مواجهة مقياس النيل بجزيرة الروضة فى ميدان يعرف باسم ميدان سليمان باشا الفرنساوى، وتم بناؤها عام ١٨٦٢ووضع تصميمها المهندس الألمانى كارل فون ديبتش واستعان بعدد من الفنانين الألمان وتأخذ شكل حجرة مثمنة الشكل تفتح بأربعة أضلاع.

حفظ الله مصر وأهلها

[email protected]