رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

حتى نلتقي

قال النجم أحمد مظهر إن (عبدالوهاب لن يتكرر)، رغم أنه غير مقتنع بحرف (لن)، لأنه يصادر على المستقبل، لكن بطل فيلم (الأيدى الناعمة) أكد أنه يستثنى نجيب الريحانى وعبدالوهاب من هذا الأمر، فهما، من وجهة نظره، لن يتكررا.

جاء هذا الكلام ضمن البرنامج التليفزيونى (من الألف للياء) الذى كان يقدمه الإعلامى المثقف المهذب جدًا طارق حبيب. والحق كله مع أحمد مظهر، فمحمد عبدالوهاب يعد أعجوبة مرت بحياتنا، فقد عاش الرجل نحو 94 عامًا، وهو عمر مديد لا يحظى به إلا قلة قليلة جدًا من الناس خاصة فى مصر.

اللافت أنه طوال هذا العمر ظل صاحب (الجندول) متمتعًا بصحة جيدة، فلا عطب فى عضو، ولا شكوى من مرض خطير، بل مارس حياته بحيوية وعشق وشغف، وها هو فى برنامج (النهر الخالد) يتحدث بلباقة إلى سعد الدين وهبة وهو فى الحادى والتسعين من عمره.

لاحظ من فضلك كيف كان يتكلم الموسيقار الأعظم طوال حلقات هذا البرنامج التى بلغت 30 حلقة. إنه حاضر البديهة... واسع الاطلاع... بالغ الأناقة... يقطر حكمة وذكاءً... يضع فوق رأسه (نصف أو ربع باروكة) من باب التجمل.

أسعد عبدالوهاب الملايين بموسيقاه الآسرة وصوته الجميل، ولأنه تلقى الثقافة الرفيعة على يد أحمد شوقى أميرالشعراء، لذا، فقد انتقى الكلمات التى يترنم بها، وأظنه أكثر من غنى قصائد بالفصحى لشعراء مثلوا معظم تاريخنا الشعرى، فقصيدة (أُعجبت بى بين نادى قومها) للشاعر مهيار الديلمى الذى رحل قبل ألف عام، وغنى أيضًا لنزار قبانى الذى غاب قبل ربع قرن!

لا تنس أن المجد الذى ناله عبدالوهاب لم يحظ به فنان من قبله ولا بعده، إذا استثنينا أم كلثوم، فقد انهمرت عليه الأوسمة والنياشين من رؤساء وملوك وحكام عرب وأجانب، لدرجة أن وكالة الأنباء الفرنسية قالت فى تقريرها عقب وفاته (إن الحكام العرب كانوا يخطبون ودّه).

العجيب أن هذا المجد رافقه بحنان منذ شبابه الأول نظرًا لموهبته الخارقة، فقد أرسل لى الناقد الموسيقى الأستاذ إيهاب فوزى العاشق المخضرم لعبدالوهاب والعارف الذكى بغنائه وتفاصيل حياته، هذا الخبر المنشور فى مجلة المسرح عام 1926، أى وعمره  29 سنة فقط. يقول الخبر: (تشرف محمد عبدالوهاب المطرب والملحن المشهور بزيارة دولة الرئيس الجليل سعد باشا زغلول، فلقى من دولته كل عطف دولته. وقد طلب منه دولة الباشا أن يغنى له دورًا، فاعتذر له عبدالوهاب بعدم وجود المذهبجية «السنيدة»، ولكن سرعان ما تقدم مصطفى باشا النحاس ووليم بك مكرم عبيد لسد هذا النقص، فغنى عبدالوهاب).

تخيل زعماء مصر فى الربع الأول من القرن العشرين يرغبون فى سماعه ويرددون خلفه مطلع الأغنية!

فور رحيل عبدالوهاب فى 4 مايو 1991 أعلنت فاتن حمامة: (عبدالوهاب أسطورة، ونحن محظوظون لأننا عشنا فى زمن هذه الأسطورة).

حقا... لقد صدقت فاتن حمامة كما صدق أحمد مظهر.