رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

حكاية وطن

مسلسلات رمضان هذا العام، إعلانات «متعاصة» دراما، قابلها الجمهور بكثير من النقد وقليل من الارتياح، شدنى كما أنه قد حاز اهتمام الكثيرين مسلسل «سره الباتع الذى يذاع على on drama» للحكم على التجربة الأولى للمخرج المثير للجدل خالد يوسف فى الدراما التليفزيونية بعد مشوار طويل فى الإخراج السينمائى، من الحلقات الأولى للمسلسل تأكد أنه تدور أحداثه بين زمنين، العصر الحاضر وعصر الحملة الفرنسية على مصر فى عام 1798، المسلسل يعتبر قصة قصيرة ضمن مجموعة قصصية للكتاب يوسف إدريس، وتدور أحداثه حول شاب يبحث عن سر مقام «السلطان حامد» الموجود فى إحدى قرى الريف المصرى، ويقوده البحث عن اللغز إلى وقت الحملة الفرنسية على مصر ويكتشف أن صاحب المقام لعب دورا هاما فى مقاومة الاحتلال، حيث قام بقتل أحد الجنود الفرنسيين، ولذلك أطلق الجيش حملة للقبض عليه، خاصة أن له علامة مميزة وهى وشم عصفور على وجهه وأربع أصابع فقط فى يده!
ارتفع البناء الدرامى فى المسلسل من بداية الحلقة الثامنة التى تناول فيها خالد يوسف جزءا من جمعة الغضب التى اندلعت فيها المظاهرات الحاشدة يوم 28 يناير 2011 بعد ثلاثة أيام من ثورة 25 يناير، ومعروف فى الواقع أن المخرج خالد يوسف هو الذى التقط صور الحشود التى تجمعت فوق كوبرى قصر النيل التى كانت فى طريقها إلى ميدان التحرير، كما قام بتصوير الملايين التى خرجت فى جمعة التفويض للمشير عبدالفتاح السيسى لمواجهة الإرهاب وكانت هذه الصورة دليلًا قويًا وكبيرًا على تأييد المصريين «33 مليون مصري» زحفوا إلى الميادين لمنح التفويض للسيسى، فى مسلسل سره الباتع وحلقته الثامنة جاءت صور جمعة الغضب التى شهدت انسحاب الشرطة، واعلان خطر التجول من السادسة مساء حتى السابعة صباحا، كما تم قطع الاتصالات، وكانت اللقطة المضيئة هى أول نزول للقوات المسلحة إلى الميادين لتأمين المنشآت الحيوية، ونشر الأمن والاستقرار، الأمر الذى قابله المتظاهرون بالهتاف والتأييد والترحاب مما كان له أثره المطمئن فى النفوس، رغم الأحداث الجسام التى شهدته جمعة الغضب.
مشهد كوبرى قصر النيل، أصوات الآلاف علت لترج أركان الكوبرى بمن فوقه، هتاف واحد لم يكن هناك اتفاق عليه، طوفان من البشر عبروا الجسر المؤدى إلى ميدان التحرير، ولم يخرجوا منه إلا بعد رحيل مبارك عن السلطة، ملحمة كوبرى قصر النيل كانت فى أول جمعة تحصل على لقب «الغضب»، وتوالت بعدها الألقاب بين مئات الجمع التى مرت على مصر بألقاب مختلفة مثل «جمعة الكرامة» و«جمعة الرحيل» وجمعة «كشف الحساب» وجمعة «التفويض».
الحدث الذى ركزت عليه حلقة «سره الباتع» كان اقتحام مجموعة من اللصوص للمتحف المصرى محاولين سرقة الآثار التاريخية، وتزعم العصابة فى المسلسل «عمرو عبدالجليل» وقاموا فى الحلقة بتكسير الفتارين والاستيلاء على مجموعة من التماثيل الأثرية القيمة.
قيادات الأمن ردت فى الحلقة: البلد لو اتهدت هنعرف نبنيها، الآثار لو اتنهبت مش هنعرف نرجعها، وبعد وصول الجيش إلى الميدان هتف الجميع: قولوا لكل المصريين: مصر حضارة وفن ودين، وتم انقاذ المتحف.
المتحف المصرى هو أحد أكبر وأشهر المتاحف العالمية، يعود تاريخ إنشائه إلى عام 1835 وكان موقعه حينها بحديقة الأزبكية، حيث ضم وقتها عددا كبيرا من الآثار المتنوعة، تم نقل محتوياته إلى قاعة العرض الثانية بقلعة صلاح الدين، حتى فكر عالم المصريات الفرنسى أوجوست مارييت الذى كان يعمل بمتحف اللوفر فى افتتاح متحف يعرض فيه مجموعات من الآثار على شاطئ النيل عند بولاق، وعندما تعرضت هذه الآثار لخطر الفيضان ثم نقلها إلى ملحق خاص بقصر الخديو إسماعيل بالجيزة، ثم جاء عالم المصريات جاستون ماسبيرو وافتتح عام 1902 فى عهد الخديو عباس حلمى الثانى مبنى المتحف الجديد فى موقعه الحالى بالتحرير فى قلب القاهرة، ويعتبر المتحف المصرى من أوائل المتاحف فى العالم التى تأسست لتكون متحفا عاما على عكس المتاحف التى سبقته، ويضم أكثر من 180 ألف قطعة أثرية.
وعلق الدكتور زاهى حواس وزير الآثار الأسبق على واقعة اقتحام المتحف المصرى فى إحدى الفاعليات الواقعية بعد ذلك مؤكدا أن المتحف تم اقتحامه يوم 28 يناير 2011 فى خضم أحداث ذلك اليوم من حوالى «1000 شخص» قائلا: الحمد لله ربنا أنقذ المتحف يومها لأن «1000 جاهل» دخلوا المتحف، وكان هؤلاء الجهلة يبحثون عن الزئبق الأحمر، أو عن الذهب، ولكن الذهب كان موجودا داخل قاعة ويغلق عليه تماما ولم يسرق، وعملنا جرد -هكذا قال الدكتور زاهى- مبدئى فى هذا اليوم، وطلع مسروق 54 قطعة فقط وتم إعادتها، ويعتبر أن المتحف لم يسرق بالنسبة لعدد المقتحمين وحجم ما سرق!
أجاد المخرج خالد يوسف فى مسلسل سره الباتع وأجاد جميع الممثلين لأنه استطاع بذكاء ربط الماضى بالحاضر، وخاصة فى لقطات محاكمة الشاب المصرى المتهم بقتل الجندى الفرنسى، لكن جمعة الغضب نرجو ألا نراها مرة أخرى، وأن يجعل الله كل الجمع، سعادة وسرورًا واستقرارًا، لأننا خسرنا فى هذه الثورة، التى ركبها الشيطان، ولم نصحح الوضع إلا بثورة 30 يونيو التى استعدنا بها الوطن من عصابة مجرمة إرهابية.