رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

ندى

عاش عيشة اليتامى الفقراء، وحفظ القرآن الكريم فى السابعة من عمره وبدا ذكاؤه الشديد فى سرعة حفظه له، ثم اتجه إلى حفظ أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، يستمع إلى المحدثين فيحفظ الحديث بالسمع، ثم يكتبه على الخزف أحيانا، وعلى الجلود أحيانا أخرى.
ثالث الأئمة الأربعة عند أهل السنة والجماعة، وصاحب المذهب الشهير فى الفقه الإسلامى، ومؤسس علم أصول الفقه.
أحب الإمام الشافعى مصر حبًا صادقا حقيقيا، حتى إنه قال فيها شعرا وهو الذى ترك لنا فى الشعر ديوانًا ممتعًا رقيقًا يمتاز بالحكمة على صغره، وعند وصوله إلى ديارها وجد أهلها ينقسمون بين مذهبين، فبعضهم على مذهب أستاذه مالك والبعض الآخر على مذهب أبى حنيفة، فعلت همته وارتقى طموحه إلى أن ينشغل المصريون بمذهب مختلف يجمع حسنات المذهبين ولا يزال الكثير فى مصر حتى يومنا هذا يتبعون مذهبه.
وللإمام الشافعى مكانة عظيمة فى نفوس المصريين، ولزيارة ضريحه لدى بسطائهم هيبة وجلال، فبعضهم يلقون برسائلهم إليه طلباً لعدل افتقدوه، أو أملاً فى نصر على خصم ليس لهم طاقة لمواجهته، أو حتى استشارة فى أمر استعصى عليهم.
وله من الفضائل ما لم يجتمع لغيره من شرف نسبه، وصحة دينه ومعتقده، وسخاوة نفسه، ومعرفته بصحة الحديث وسقيمه، وناسخه ومنسوخه، وحفظ الكتاب والسنة وسيرة الخلفاء وحسن التصنيف، قال عنه الإمام أحمد بن حنبل:
«ويروى عن النبى صلى الله عليه وسلم أن الله عز وجل يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة رجلا يقيم لها أمر دينها، فكان عمر بن عبدالعزيز على رأس المائة، وأرجو أن يكون الشافعى على رأس المائة الأخرى»
وأضاف «بن حنبل»: «كان الشافعى كالشمس للدنيا وكالعافية للبدن فهل ترى لهذين من خلف أو عنهما من عوض».
قدم الإمام الشافعى مصر وقد روى عن الربيع بن سليمان أنه قال: وقال لى يومًا -يقصد الشافعى-: «كيف تركت أهل مصر؟»، فقلت: تركتهم على ضربين فرقة منهم قد مالت إلى قول مالك، وأخذت به واعتمدت عليه وذبت عنه وناضلت عنه، وفرقةٌ قد مالت إلى قول أبى حنيفة، فأخذت به وناضلت عنه، فقال: أرجو أن أقدم مصر إن شاء الله، وآتيهم بشيء أشغلهم به عن القولين جميعًا.
وكان له السبق فى التوفيق لأول مرة بين مدرسة أهل الحديث والأثر التى مثلها أستاذه الإمام مالك، ومدرسة أهل الرأى والقياس التى قادها أبوحنيفة رحمه الله، فجاء مذهبه وسطيا يجمع بين تقديس الآثار الواردة عن الرسول صلى الله عليه وسلم، والاحتفاء بها والوقوف عند منطوقها وبين إعمال العقل واحترام الرأى.
وأقام الشافعى فى مصر ما يربو على خمس سنوات، أعاد خلالها النظر فى مذهبه، فعدل عن بعض ما كان يقول به قديمًا إلى جديدٍ من الآراء والأقوال.
وفى مصر التف حول الإمام طائفةٌ من أنبغ فقهائها، كانوا بمثابة «الحاضنة العلمية للمذهب»، صحبوه، وسمعوا منه، ونهضوا لحفظ مذهبه والترويج له، حتى زاحم مذهبَ مالكٍ وجعل يزحزحه شيئًا فشيئًا عن موقع السيادة الشعبية التى كان يحظى بها، أو كما يقول المقريزي: «فقد كتبوا عن الشافعى ما ألَّفه، وعملوا بما ذهب إليه، فلم يزل أمر مذهبه يقوى بمصر.
ولما اشتد المرض على الشافعى فى أيامه الأخيرة سأله أحدهم عن مرض موته فقال هذه الكلمات «أصبحت من الدنيا راحلاً، ولإخوانى مُفارقاً، ولسوء فعالى ملاقياً، وعلى الله وارداً، ما أدرى روحى تصير إلى الجنة فأهنيها، أو إلى النار فأعزيها»، وتوفى -رضى الله عنه- بالقاهرة عام 820م، ودفن فى ضريحه بعد أن صلت عليه السيدة نفيسة حسب وصيته وكان يجلها ويحترمها ويسألها الدعاء خاصة فى حالات مرضه.
رحم الله الإمام الجليل وحفظ مصر وأهلها.

[email protected]