رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

ندى

كنت ضابطا بسلاح المركبات خلال حرب الاستنزاف عام 1969، وكنا نستخدم المياه لإزالة جبال الرمال خلال إنشاء السد العالى، عن طريق مضخات المياه فائقة الدفع، والتى تقوم بتجريف الأتربة والرمال.

وقتها كانت الجبهة مشتعلة، وكانت إسرائيل تتباهى بخط بارليف وارتفاعه الذى يميل بزاوية يصعب معها تحرك أى معدات أو جنود، وبشكل خاص فى ظل وجود خطوط النابالم الجاهزة للتخلص من أى محاولة للاقتراب من الساتر الترابى المحصن بكافة التجهيزات من حقول ألغام ونقاط قوية تستطيع صد ومنع عبور أى دبابة.

الكلام السابق للواء باقى زكى عاشق مصر, أحد تلاميذ العالم إسحق نيوتن صاحب قانون الجاذبية، وأبو العلوم المعاصرة، تعلم من نظريات نيوتن كيف يهدم خط بارليف الذى كان يحتاج لقنبلة نووية لهدمه فى حرب أكتوبر.

يحكى لنا «باقى» ملحمة حب جديدة للمحروسة قائلا: أنا خريج جامعة عين شمس، هندسة قسم ميكانيكا عام 1954، وبعد تخرجى بأيام قليلة طلبت القوات المسلحة ضباط مهندسين وبالفعل تقدمت وتم قبولى ونظرا لتخصصى تم تحويلى للعمل فى السد العالى، وتوليت هناك ما يسمى «جراج الشرق»، وذلك لأن تخصصى هو المركبات.

و بعد حدوث نكسة 5 يونيو 1967، طالبت القوات المسلحة كل العاملين بالقطاعات المدنية بالرجوع للجيش، وتم تعيينى رئيس فرع مركبات الفرقة 19 مشاة، فى نطاق الجيش الثالث الميدانى، وكانت شغلانتى: «راجل بتاع مركبات، أصين العربيات، وألف على سيارات الجيش الثالث».

وفى مايو 1969، حينما جمع اللواء سعد زغلول عبدالكريم قائد الفرقة 19 مشاة -آنذاك- القادة، بعد أن أخذ مهمة قتال للتدريب على العبور، واقتحام خط بارليف والساتر الترابى، حتى نكون جاهزين، وفى الساعة التاسعة مساءً، قال إننا أمامنا مهمة لاقتحام خط بارليف، وبدأ القادة المتخصصون فى الحديث، كل فى تخصصه، وشرحوا طبيعة العدو ومهماته وأفراده، وكنا وقتها جميعا فى رتبة مقدم، ورفعت يدى للحديث, وكان بداخلى بعض الاستفسارات أريد توضيحها، لأن رئيس المهندسين تعرض لفكرة فتح الثغرة، وكان قلقى فى نسبة الخسائر المنتظرة, فقال قائد الفرقة: هو أنت نمت يا «باقى»، أنت هتتكلم فى الآخر؟ فقلت له: «لا يافندم أنا عايز اتكلم فى اللى سمعته»، فقلت عندى قلق من الخسائر والزمن، ولخصت كل ما قاله القادة فى الجلسة.

القيادة كانت تناقش موضوع الساتر، فأوصلت فكرة استخدام المضخات لقادة الجيش المصرى، والذين قرروا على الفور تنفيذها، واتجه الرأى لتصنيع هذه المدافع المائية بالخارج وادعاء أن هذه المدافع سيتم استخدامها فى إطفاء الحرائق, ويتابع اللواء«باقي» حديثه: قبل طلب المضخات جربنا مضخات أصغر فى أماكن مختلفة، لنتأكد من نجاح الخطة، وبالفعل نجحت المدافع المائية فى تسوية الساتر الترابى بالأرض وتسهيل عبور الجنود المصريين للقناة وتحقيق الانتصار العظيم.

ولأن عقيدتنا فى قواتنا المسلحة أن نحقق الانتصار على أيدى أى شخص، لم أنطق بالسر إلا بعد 25 سنة من الحرب تقريبا، المهم أننا نجحنا فى تسليم الراية خفاقة للأجيال التى تلينا، وأن يكون كل شبر من أراضينا محررا، وهذا ما سيذكره التاريخ، فمصر هى الباقية.

وبعد أن تحقق نصر أكتوبر كانت الشوارع فى مصر كلها ترقص من الفرح, يكفى أننا محونا سنوات الهزيمة، وهو ما ظل كابوسا على أنفاسنا لسنوات ثقيلة، ولكن مع تنفيذ الخطة فى 6 أكتوبر 1973، بدأت جحافل الجنود والمعدات تزحف لتحرير أرض سيناء الغالية.

رحل اللواء باقى زكى يوسف فى ٢٣ يوليو 2018، ليترك سيرة كتبت أحرفها من نور، ويبقى اسمه علامة بارزة فى تاريخ العسكرية المصرية، نتذكرها مع انتصار السادس من أكتوبر، العاشر من رمضان, وتم تكريمه بمنحه نوط الجمهورية من الطبقة الأولى على أعماله الاستثنائية فى حرب أكتوبر، وشيعت جنازته من كنيسة مارمرقس كليوباترا بمصر الجديدة، فى مشهد رائع ومهيب.

رحم الله البطل العظيم وحفظ مصر وأهلها

[email protected]