رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

هذه الدنيا

الصدفة وحدتها قادتنى لأن ألتقى مع سيدتين من سوريا تعيشان فى مصر، لدى تحركى بالسيارة فى إحدى المحافظات، حيث فوجئت بهما تستوقفانى طالبتين أن أنقلهما فى طريقى إلى أقرب مكان يتجهان منه إلى محافظة الجيزة حيث تعيشان. سمحت لهما بصعود السيارة، ولفت نظرى من نبرة حديثهما أنهما ليستا مصريتين، فدفعنى الفضول لسؤالهما عن جنسيتهما، أجابتا بأنهما من سوريا وتعيشان فى مصر مع أسرتيهما، وكان من الطبيعى أن أسألهما عن سبب اختيارهما لمصر للمعيشة بها؟ فأوضحتا أن مصر أم الدنيا، وهذه ليست مجاملة أو مبالغة، فهى البلد الذى فتح أبوابه أمام السوريين ليعيشوا بين أهله، وكأنهم منهم دون أى قيد أو شرط.

قلت: ولماذا لم تذهبا إلى تركيا مثلا كما فعل بعض السوريين؟

أجابت إحداهما: أنا ذهبت فعلا إلى تركيا، وعشت هناك 10 أيام، والأسعار هناك أعلى من مصر بكثير، والجو هناك صقيع وثلوج، بينما فى مصر معتدل وأفضل بكثير من تركيا.

سألت: أليس وجود بشار الأسد أفضل لبلادكم من غيابه وفتح الباب أمام المجهول؟

قالتا: نعم وجود بشار أفضل.. لأن هناك سوريا موجودة، وعارف يمشى أمورها.

قلت: طالما الأمر كذلك.. فلماذا لم تبقيا فى بلادكما وتعيشا بها بعيدًا عن السياسة، ودون أن تكون لكما علاقة بمن يطالب برحيل بشار؟

أجابتا: أغلب السوريين لا علاقة لهم بالسياسة ولا بالرئيس بشار الأسد، ولكن الموقف فى سوريا معقد، ونحن لا نعرف من ضد من؟ الجبهات هناك كثيرة وتعمل ضد بعضها البعض، والضرب متبادل بين الجميع، حتى الشخص العادى صاحب مطعم، قد تكون له جبهة مسلحة وتقوم بتنفيذ عمليات. وفى هذا الوضع تصبح الحياة جحيمًا.

وفى ثنايا حديثهما علمت أنهما تعتمدان على بعض المساعدات من المصريين، فأشرت إلى وجود نماذج سورية ناجحة فى العمل الخاص، حيث يفتح الكثيرون منهم محالا للأطعمة بالقاهرة والمحافظات، إضافة إلى عمل بعضهم فى تجارة قطع غيار السيارات وخاصة بمنطقة الحرفيين بالقاهرة. وكان السؤال: لماذا لا يقوم السوريون بعمل كيان يجمعهم فى مصر؟ فالسورى -وخاصة ميسور الحال- أولى بمساعدة شقيقه السورى؟

قالتا: والله .. المصرى أحن علينا من السورى. ورغم كل الظروف إلا أننا نجد الخير لدى المصريين.

وأعربتا عن أمنيتهما بأن تنتهى الحرب فى سوريا، وطالبتا الدول العربية بالتحرك لإنهاء ما يحدث فى بلادهما منذ أكثر من 10 سنوات.

هذه هى مصر التى حملت وتحملت ومازالت تحمل عن العرب الكثير، حيث تشير تقديرات المنظمة الدولية للهجرة إلى أن مصر تحتضن نحو 9 ملايين لاجئ، يعد السوريون فى مقدمتهم، تتعامل معهم السلطات بسخاء دون أن يشعروا يوما أنهم لاجئون، بينما تشير تقديرات أخرى إلى أن العدد 6 ملايين. وسواء كان الرقم 6 أو 9 ملايين لاجئ، خاصة أن نسبة لا يُستهان بها منهم لا تحمل أوراقًا ثبوتية أو تأشيرات، فإن هذا الرقم يعادل تعداد سكان دولة كاملة أو أكثر أضيف واقعيًا وعمليًا إلى بلدنا.

مصر لم تقم المخيمات للسوريين أو غيرهم، بل احتضنتهم بين أهلها دون فرق فى مشهد فريد، يؤكد أن مصر تنحاز دومًا لقيمها الحضارية.

[email protected]