خط أحمر
تحولت بلدة فلسطينية اسمها حوّارة من قرية لا يكاد يسمع بها إلا سكانها القليلون، إلى اسم يتردد فى الإعلام هنا فى المنطقة، ثم فى خارجها على مستوى العالم.
البلدة تقع فى جنوب مدينة نابلس فى الصفة الغربية المحتلة، ويسكنها سبعة آلاف فلسطينى، ولم تكن تحب بالتأكيد أن يكون ترديد اسمها فى الإعلام المحلى والعربى والدولى مقترناً بمأساة عاشتها ولا تزال، وعاشها أبناؤها مثلها ولا يزالون.
وقد كان كل ذنبها أن اثنين من المستوطنين الاسرائيليين لقوا مصرعهم على مسافة قريبة منها، فوجدت نفسها تدفع ثمن ما حدث، دون أن يكون هناك دليل على أن الذى قتل المستوطنين الاثنين من بين أهلها، وقد هجم عليها مستوطنون فأحرقوا كل شيء وجدوه فى طريقهم، وأخضعوها لعقاب جماعى خرجت منه، وكأنها كانت ساحة لحرب انتقامية ثأرية مدمرة.
ومن سوء حظ هذه البلدة أن يتسئيل سموريتش، وزير المالية فى حكومة بنيامين نتنياهو، راح يزايد من ناحيته على المستوطنين الاسرائيليين الذين لم يتركوا حجراً فيها فوق حجر.
وزير المالية دعا إلى محو حوارة من الوجود، فقامت الدنيا فى العالم ولم تقعد، ولم تسمع عاصمة فى أنحاء الأرض بما قاله، إلا وخرج منها بيان شديد اللهجة يرفض ويشجب دعوته وكلامه.. والمشكلة أن هذه البيانات رغم قوتها المعنوية فى إنصاف القضية فى فلسطين، إلا أنها لا تؤدى إلى شيء حقيقى فى الواقع العملى للناس، سواء كانوا فى البلدة نفسها أو كانوا فى فلسطين كلها.
ومن بين العائد المعنوى للبيانات الرافضة، أن خمسة آلاف أمريكى وقّعوا عريضة وأرسلوها إلى وزارة الخارجية الأمريكية، وقالوا فيها إنهم يرفضون دخول هذا الوزير إلى بلادهم، وإنه لا يجب أن يحصل على تأشيرة دخول من الوزارة.
وكان الوزير الاسرائيلى يستعد للسفر إلى الولايات المتحدة لحضور مؤتمر ينعقد هناك منتصف هذا الشهر، ولا أحد يعرف ما إذا كانت هذه العريضة سوف تنجح فى مسعاها أم لا؟!
ولكن ما نعرفه أن هذه عريضة تدل على أن الأمل لا يزال له وجود بيننا، وأن أصحاب الضمائر الحية لا يزال لهم وجود كذلك، وأن مثل هؤلاء الموقعين على العريضة يمنحون التفاؤل للناس.