رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

حكاية وطن

يبدأ اليوم القرن الثانى على تحويل مصر من سلطنة إلى مملكة دستورية، حيث يمر 101 عام على تصريح 28 فبراير، الذى صدر فى مثل هذا اليوم عام 1922.

التصريح رغم أنه أعطى مصر استقلالاً صورياً أكثر منه جدياً، إلا أنه نقل القضية المصرية للأمام، وأمكنها من الاستقلال ببعض شئونها، وأن تتخذ الدستور نظاماً للحكم فيها، لأن السيادة الناقصة والدستور الناقص كان خيراً من الحماية ومن الحكم الاستبدادى معاً.

التصريح أعاد منصب وزير الخارجية إلى مصر بعد أن ألغى فى عهد الحماية البريطانية، واستطاعت مصر تحقيق التمثيل السياسى والقنصلى، كما أزال الاعتراف بمصر دولة ذات سيادة العقبة التى كانت تعترض إعلان الدستور وبزوال هذه العقبة تمكنت مصر من أن تجعل نظام الحكم فيها دستورياً، ولأول مرة بعد إعلان التصريح تظهر الخريطة مملكة مصر بدلاً مما كانت ولاية أو خديوية كما كان الوضع قبل عام 1914، أو محمية مصر تحت الحماية البريطانية قبل عام 1922. كما تسبب التصريح فى رفع لقب حاكم مصر من سلطان إلى ملك مصر وهو السلطان فؤاد الأول الذى أصبح الملك فؤاد.

ويرجع السبب فى اتخاذ بريطانيا لهذا التصريح أو من بين أسبابه هو لحماية مصالح الامبراطورية البريطانية واتصالاتها فى الشرق وحماية مواطنى الدول الأجنبية: «من تفشى التعصب أو التحيز العنصرى المحتمل، والذى تسبب فى الماضى فى حوادث خطيرة فى مصر، كما يرجع السبب كذلك إلى التهديد بمقاطعة التجارة البريطانية فى مصر مما أزعج أقطاب التجارة والصناعة، ورجال السياسة فى انجلترا وخشوا إذا عمت حركة المقاطعة أن تصاب التجارة والصناعة البريطانية بالبوار فى مصر، فاضطرت بريطانيا إلى التسليم لمصر ببعض حقوقها المغتصبة. كما كانت بريطانيا ترغب فى تهدئة الأوضاع فى مصر من خلال الحفاظ على مصالحها فى الدول التى تقع تحت حمايتها نظراً لصدور التصريح بعد نهاية الحرب العالمية الأولى، كما كان هناك سبب مهم وأساسى لبريطانيا فى صدور التصريح وهو تأمين المصالح الإمبريالية، خاصة السيطرة على الاتصالات عبر قناة السويس.

 كان للحركة الوطنية رأى آخر فى تصريح 28 فبراير، فى الوقت الذى وصف فيه عدلى يكن باشا والأحرار الدستوريون التصريح بأنه أساس طيب للاستقلال وأنه لأول مرة تاريخ مصر الحديث يتم الاعتراف بمصر دولة مستقلة ذات سيادة وقال إسماعيل صدقى: إن وزارة عبدالخالق ثروت التى كنت أحد أعضائها أعلنت استقلال مصر وشكلت لجنة الدستور ولكن فى الجانب الشعبى وصف الزعيم سعد باشا زغلول تصريح 28 فبراير بأنه «أكبر نكبة على البلاد» ووصف لجنة الدستور بـ«لجنة الأشقياء» وكان الحزب الوطنى يؤيد سعد باشا والوفد فى هذه المواقف، حيث كانت الحركة الوطنية تسعى فى ذلك الوقت إلى تحرير مصر من الاحتلال البريطانى وليس الانفصال عن الدولة العثمانية والاستقلال التام عنها، لأن ذلك فى نظر الشعب المصرى كان من شأنه أن يفتت وحدة العالم الإسلامى، ولكن هذا الوضع أخذ يتغير عندما قامت الحرب العالمية الأولى (1914 - 1918)، ودخلت الدولة العثمانية فى حرب ضد إنجلترا، وقد انتهزت إنجلترا الفرصة لإنهاء السيادة العثمانية وفرض الحماية البريطانية فى نوفمبر 1914، وفى الوقت نفسه كانت الظروف العالمية تتهيأ على نحو يخدم الشعب المصرى، فلكى تجذب الولايات المتحدة شعوب العالم للتحالف ضد ألمانيا وتركيا والنمسا، فقد أعلن رئيسها «ويلسون» مبدأ حق تقرير المصير ومبدأ تأليف «عصبة الأمم» لحل المشكلات سلمياً دون حرب، وبعد انتهاء الحرب وهزيمة الدولة العثمانية وسقوط فكرة الجامعة الإسلامية معها أدرك الشعب المصرى أنه غير ملزم بقبول السيادة العثمانية وبرزت فكرة الجامعة المصرية وهكذا تبلورت الحركة الوطنية على فكرتين أساسيتين إنهاء الاحتلال البريطانى وإعلان مصر دولة مستقلة ذات سيادة، وقد تعلق أمل المصريين فى تحقيق هذين الهدفين على «مؤتمر الصلح» والمقرر عقده فى باريس 28 يونيو 1919، وقررت انجلترا نفى سعد زغلول وانزلعت ثورة 1919 فى كل مكان وعلمت انجلترا أنها أمام ثورة شعبية شاملة، فسارعت بالإفراج عن «سعد» والسماح للوفد بالسفر إلى «مؤتمر الصلح» لطرح قضية استقلال مصر، ولكن سدت الطريق أمام الوفد من خلال اعتراف دول المؤتمر بالحماية على مصر ولكن الشعب المصرى لم ييأس، وظل سعد زغلول فى باريس يقود الحركة فى مصر من خلال لجنة الوفد المركزية، ونفى «سعد» للمرة الثانية إلى جزيرة سيشل تمهيداً لإعلان تصريح 28 فبراير، الذى أعطى مصر استقلالاً صورياً بسبب استمرار فرض الأحكام العرفية ووجود جيش بريطانى فى مصر، وحرمان مصر من تكوين جيش مصرى، وفصل مصر عن السودان، ولذلك رفض الشعب المصرى تصريح 28 فبراير، ورغم ذلك فإنه كانت له إيجابيات هو دخول مصر فى المرحلة الليبرالية، وأصبحت الأمة المصرية مصدر السلطات، وتألفت لجنة وضع الدستور الجديد 1923، إلا أن الملك تدخل لإعطاء نفسه بعض الصلاحيات فى الدستور وأصبح من حقه حل البرلمان دون قيد أو شرط أو إقالة الوزارة مهما كانت رغبة الشعب.