رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

حكاية وطن

توقفت فى مقالى أمس عند الوزير السابق الذى كان مرشحاً للانتخابات البرلمانية فى إحدى دوائر الوجه البحرى، وقال للناخبين إنه نائب سياسى ولن يحمل حقيبة يدور بها على مكاتب الوزراء فيما يعرف بنواب الخدمات، وسيكون دوره كما جاء فى الدستور التشريع والرقابة على أعمال السلطة التنفيذية، والذى حدث بعد ذلك، كما ذكر لى أن الناخبين أعطوه ظهورهم وقالوا له يا عم أنت ما تنفعناش.

قلت له: ها وبعدين عملت إيه فى الفصل التشريعى التالى عندما التقيت بالمرشحين، بعد رسوبك فى الانتخابات كنائب خدمات، قال ولا حاجة لم أذكر فى أحاديثى مع المرشحين أى كلام عن طبيعة الدور الذى سأقوم به تحت القبة، وفهموا من نفسهم أننى لم يكن كلامى معهم تخلياً عن مشاكلهم الخاصة، ولكن هناك قضايا عامة لا بد أن تكون لها الأولوية فى الطرح تحت القبة، وحصلت على ثقة الناخبين.

تقسيم النواب ما بين نواب سياسة ونواب خدمات بدعة ابتدعها النظام السابق عندما كان الحزب الوطنى مسيطراً على الانتخابات عن طريق سياسة العصا والجزرة، وعن طريق الجزرة حول أكثر من 90٪ من أعضاء البرلمان إلى موظفين عند الوزراء وليسوا رقباء على أدائهم، بعض النواب أمسكوا بالعصا من المنتصف، والبعض عمل موظفاً فى مكتب الوزير!

الأمثلة كثيرة عن النائب الموظف، فقد كان هناك رئيس لجنة موظف فى إحدى الوزارات، وتصادف أن تقدم أحد النواب يطلب إحاطة إلى الوزير، وأحال رئيس مجلس الشعب الطلب إلى نفس اللجنة التى كان يرأسها الموظف لأنه يقع فى اختصاصها، ووقع رئيس اللجنة بين شقى الرحى، هل يقوم بدور رئيس اللجنة أمام الوزير رئيسه أثناء مناقشة طلب الإحاطة أم يقوم بدور الموظف الذى يدير إحدى الإدارات التابعة للوزير، وكان رئيس اللجنة شجاعاً، عندما دخل قاعة الاجتماع، وقال لزملائه النواب: «أنا آسف يا جماعة، حالياً أقوم بدور الموظف عند وزيرى، وضحك الوزير ولسان حاله يقول لرئيس اللجنة البرلمانية: أصيل يا..».

نواب آخرون كان يعملون مستشارين لوزراء، وكانوا يجمعون الطلبات من زملائهم النواب لتوقيعها من الوزير فى مكتبة وتسليمها لهم فى المجلس.

موقف النائب الموظف، وموقف نائب الخدمات، أضعف الرقابة البرلمانية رغم أن المحليات كانت موجودة فى ذلك الوقت، ومنتشرة فى كل المحافظات إلا أن معظم النواب تحولوا إلى ما يشبه تاجر الشنطة الذى يتردد على الوزارات لتوقيع طلبات أهالى الدائرة صباحاً، وتوزيعها مساء، وكان الأهالى أو الناخبون درجات فكانت الأولوية للذين وقفوا مع النائب فى الانتخابات.

كان منظر نواب الخدمات وهم يتكالبون ويتدافعون فى القاعة أمام الوزراء لا يليق بالسلطة بالتشريعية، وكان رئيس مجلس الشعب ينبههم بواسطة الشاكوش الذى يطرق به على المنصة وسط تحذيرات للنواب باتخاذ الإجراء اللائحين ضدهم، وتنبيه على الوزراء يعدم توقيع الطلبات أثناء الجلسة، كان رئيس مجلس الشعب يقول للنواب كفوا عن هذا السلوك الذى لا يليق بكم، ولكن كانت الحكومة سعيدة بهذا الالتفاف لأنه فيه إلهاء عن العمل الرقابى.

مهمة نواب الخدمات لم تكن سهلة ولكنها كانت تفيد النواب غير المتمكنين من الآليات التى فوضهم فيها الدستور، ولكنهم كانوا شطاراً فى قضاء المصالح الشخصية أو الفئوية رغم أنها كانت من اختصاص أعضاء المجالس المجلسة، أحد النواب كان قد حضر إلى الجلسة متأخراً على غير العادة لأنه كان مفوضاً من زملائه بالتوقيع لهم فى دفاتر الحضور، وتحدث عن سبب تأخره بأنه كان يحضر ولادة زوجة أحد الأهالى فى المستشفى ولو لم يفعل ذلك لاستغل منافسه الذى سقط فى الانتخابات وقام بهذا الواجب، وقال إنه سيقدم هدية فى «السبوع»، وأنه لا يتردد عن زيارة المرضى، وحضور الأفراح والمياتم. وإن كان ذلك التصرف محموداً إلا أن السلطة فى ذلك الوقت كانت تعتبر إلهاء للنواب لتتهرب من المحاسبة.

النائب السياسى الذى تحدثت عنه كان ضمن مجموعة لا تعد على أصابع اليد تقوم بالدور السياسى تحت القبة، تقدم الاستجوابات، وطلبات الإحاطة والأسئلة، وتناقش بيان الحكومة، ولكن كل ذلك كان يذهب أدراج الرياح، لأن نواب الحكومة أو نواب الخدمات كانوا جاهزين لإفساد كل جهود زملائهم، عندما يرفعون أيديهم بالموافقة عند الطلب.

نواب الخدمات موجودون حالياً ولكن عذرهم أن المجالس المحلية غائبة، وهم مضطرون أن يؤدوا الدورين السياسى والخدمى، ولكنها خدمات تتم بشكل يحفظ هيبة البرلمان وسلطاته فقد اختفى دور النائب الموظف وحمال الحقائب إلى الأبد فى برلمان 30 يونيو.