رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

حكاية وطن

قديماً كان أعضاء مجلس الشعب ينقسمون إلى قسمين، نواب سياسة ونواب خدمات وما بين القسمين كانت هناك فئة ثالثة ولكنها قليلة تعرف بـ "نواب الكارنيه"، وهؤلاء كانوا لا يعرفون عن مجلس الشعب إلا حفل الاستقبال الذى سيخرجون فيه بطاقة العضوية ولا يظهرون مرة أخرى حتى بدء الانتخابات التالية، جميع تعاملاتهم مع المجلس أو الأمانة العامة كانت تتم عن طريق مندوبيهم الذين يتسلمون أحيانا وليس دائما جدول الأعمال الذى يجدونه فى الصناديق، ويتسلمون مكافأة العضوية عن الجلسات واللجان وكافة الامتيازات والمكافأة الشهرية وخلافه.

قد يسألنى أحد وكيف يحصل نائب غائب على مكافأة حضور الجلسة ومكافأة حضور اللجنة، وهل لايوجد غياب وانصراف فى المجلس منصوص عليه فى اللائحة، أجيبه بأن النواب كانوا يوقعون لبعضهم قبل تطبيق النظام الإلكترونى، حيث كانت الأمانة العامة تعلق كشوفا على "سبورة" أمام القاعة الرئيسية للجلسات، كل كشف يحتوى على نواب محافظة، وكان نواب كل محافظة يكلفون واحداً منهم للتوقيع للباقين بواسطة القلم المربوط بخيط على اللوحة "قلم رصاص"، وكل من وقع حضر، ويكتشف رئيس المجلس بعد دخوله القاعة أن الحاضرين يعدون على أصابع اليد الواحدة، وأحياناً يؤجل الجلسة بعض الوقت، وأحياناً يبدأ بهم الجلسة ولكنها تكون غير قانونية ولكن كانت تمر على طريقة "ناسبنا الحكومة وبقينا حبايب!" لأن المجلس هو مجلس الحكومة وأكثر من 90٪ من النواب، نواب الحكومة أيضا والمال مال الله! ويحصل عليه عباد الله بالطريقة التى يرتضونها أو يقبلونها على أنفسهم، وكذلك اجتماعات اللجان كانت تتم على طريقة الجلسات العامة!

أما عن نواب الخدمات الذين كانوا يشكلون النسبة الكبيرة من الأعضاء فهم الذين يقدمون الخدمات لأهالى الدائرة، اسم على مسمى، والمعرفون ب"نواب التأشيرات" الذين يقفون أمام الوزراء للحصول على توقيعاتهم على طلبات المواطنين التى تتضمن التماساتهم للوزراء فيما يتعلق بالبحث عن العمل أو توصيل مرافق أو النقل من الوظيفة أو من مكان الوظيفة، وكان بعض النواب يقدمون هذه الخدمات مجانا، وبعضهم كانوا يحصلون على المقابل من صاحب الخدمة، وبعضهم كان يعمل الخدمة لله، ويزيدون فيها، مثل التردد على المرضى وأداء واجبات العزاء وواجبات الأفراح، ومعاودة مستشفيات الولادة للاطمئنان على زوجات أهالى الدائرة، وبعضهم يفتح بيته لإطعام المساكين وأبناء السبيل وكله ليوم معلوم ترد فيه الواجبات وهو الأصوات التى ينتظرها النائب فى الانتخابات القادمة.

نواب الخدمات أكثر حظا من غيرهم، حيث إن لهم رصيدا كبيرا عند محبيهم، أما نواب السياسة فهم الذين يصرون على أداء المهام الدستورية للنائب ويترجمون سلطة مجلس الشعب فى التشريع والرقابة، هم الذين يتقدمون بالأسئلة وطلبات الإحاطة والاستجوابات ويناكفون مع الوزراء، لا يبغون إلا المصلحة العامة، هذا من معظمهم، ولكن آخرين منهم يكون لهم مآرب أخرى من استخدام آليات الرقابة.

نائب الخدمات طبعا يكسب، قال لى أحد الوزراء السابقين فى عهد "عبدالناصر" الذى أصبح رئيس أحد الأحزاب فى العهد السابق، ونائبا عن إحدى الدوائر فى الوجه البحرى، عندما سألته عن سبب عدم فوزه فى الانتخابات السابقة، وكان ذلك فى منتصف التسعينيات عندما شاهدته يصول ويجول فى اللجنة التشريعية بالمجلس، قال لى سأحكى لك أغرب حكاية واجهتنى فى انتخابات95 ، قلت له احكى، قال: أنا نزلت الدائرة من أجل الدعاية الانتخابية، والتقيت بعض الناس فى مضيفتى وذهبت إلى بعضهم، وكنت أحدثهم بأننى نائب سياسى يعنى أحاسب الحكومة وأقدم تشريعات وأناقش الموازنة العامة للدولة، وأكشف الفساد والمفسدين، وأقيم برنامج الحكومة وأطالب باستبعاد المقصرين من الجهاز الإدارى، ولن أكون نائبا يحمل حقيبته يلف بها على الوزارات أو أقف أمام وزير فى القاعة أستجديه التوقيع على طلب لمواطن، الخدمات يقوم بها أعضاء المجالس المحلية، وهم عندكم، أما عضو البرلمان فدوره مختلف، لن أكون نائب شنطة ألّف على المستشفيات والمصالح الحكومية، قلت له وبعدين حصل إيه؟! قال لى: سقطت!! قلت له وهذه الدورة ناوى على إيه؟ قال سأوازن بين دورى السياسى ودورى الخدمى لأن المواطن اتعود على كده، عاوز مصلحته الخاصة، وأنا كنت عاوز أحل المشاكل بشكل عام، يعنى وظائف بدون وساطة، وعلاج بدون إلحاح، وتعليم فى مستوى الجميع، يعنى أكون نائبا سياسيا وليس نائب خدمات لأن مثلى هكذا قال: "لا يصح معه الاستجداء وأنا بحكم الدستور رقيب على السلطة التنفيذية".

وللحديث بقية