عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

حكاية وطن

متى يبادر عضو البرلمان بالترحيب برفع الحصانة البرلمانية عنه، بل ويبادر بطلب رفع الحصانة إذا علم أنه مطلوب للتحقيق فى قضية، دون أن ينتظر إجراءات المجلس لإنقاذه أو تقديمه لجهات التحقيق؟!

فى الواقع حدثت مرة واحدة، حيث طلب حسن باشا رشدى عضو مجلس الشيوخ عام 1926 من المجلس رفع الحصانة عن نفسه، لأنه علم بأن شكوى قد قدمت ضده.. فبادر هو.. وحتى قبل علم المجلس.. بطلب رفع الحصانة.. وقرر المجلس رفعها للتحقيق فى طلبه أمام جهة المساءلة.

وفى الدراما حدثت مرة أيضًا، حيث قرر الدكتور النائب مصطفى الهلالى استجواب نفسه أمام مجلس النواب خلال مسلسل سكة الهلالى، بعد أن اكتشف أنه خان ضميره وفكر فى السفر أو الهروب إلى سويسرا برشوة معتبرة، وجائزة عبارة عن دكتوراه فخرية من إحدى الجامعات الأجنبية العريقة من خلال عصابة تهريب كانت وراء اغتيال صحفى شاب كشف حقيقتها بعد حصوله عن المستندات التى تدل على نشاطها فى سرقة البلد وتقديمها إلى الهلالى وبدلاً من قيام الهلالى بتقديم استجواب عن طريق هذه المستندات، خضع للرشوة من زعيم العصابة، وبعد قبوله العرض، كان الصحفى الشاب مضرجًا فى دمائه على الأسفلت.. دهسته سيارة تابعة للعصابة، استيقظ ضمير الهلالى قبل اتخاذ قرار السفر، ووقف أمام مجلس النواب فى سابقة تاريخية درامية (طبعًا) يستجوب نفسه ووزير التعليم العالى، ويطلب محاكمته، وقضت المحكمة بسجنه 5 سنوات لينضم إلى عصابات الاغذية الفاسدة وتهريب المخدرات الذين كان وراء دخولهم السجن بسبب استجواباته القوية التى كانت أولها ضد صديقه رجل الأعمال الذى تولى وزارة المشروعات حديثًا!

الحصانة البرلمانية فى مسلسل «سكة الهلالى» أطاحت بعقل المرشح عطية الساعاتى بعد سقوطه فى الانتخابات بعد عدة دورات كان فيها نائبًا عن دائرة كفر أصالة، أول رد فعل لـ الساعاتى بعد سقوطه: كده حاقعد دورة كاملة من غير حصانة وانقلب من نائب وطنى إلى التفكير فى الهروب للخارج بعد لم أمواله، وبعد وصلة ردح من رئيس أحد الأحزاب، تبادلا فيها الاتهامات بنهب أموال الدولة، الساعاتى اتقلب حاله، كان يشاهد مباراة فى كرة القدم بين مصر وكوت ديفوار، وبدأ فى تشجيع الفريق المنافس انتقامًا من سقوطه فى الانتخابات كان يردد خلال المباراة: العب يا دروجبا بالراس والركبة!!، داخل السجن أطلق الساعاتى لحيته وقال خلاص: عطية رمز الشفافية لن يفكر فى الحصانة من تانى وأدى آخرتها كل اللى وصلوا لـ«الكراسى» طلعوا على كتافى من يوم ما «مختار بك شال ايده!!» ويرمز مختار فى المسلسل إلى أحد الرموز الحزبية التى كان لها باع طويل فى عصر النظام السابق!!

مسلسل «الهلالى» حبكة درامية جيدة من تأليف الكاتب الكبير يوسف معاطى قدم فيه صياغة جيدة عن الانتخابات البرلمانية وما يدور فيها من منافسات شريفة ومنافسات فاسدة، وتحدث فيها عن الهليبة وعن الوطنيين وعن العصابات التى تختبئ خلف مرشحين لتمرير صفقاتها عن طريقها!

الحصانة البرلمانية فى الدراما عبر عنها النائب الفاسد عطية الساعاتى ، وعبر عنها النائب المحترم مصطفى الهلالى.

الحصانة فى الواقع ليست صكًا للاستغلال والتكويش، ولكن الدستور منحها لنائب البرلمان لغاية محددة؛ وهى تمكين النائب من أداء واجباته البرلمانية وحمايته من أى إجراءات كيدية قد تتخذ ضده بقصد تعطيله عن أداء واجباته.. خاصة إذا كان ذلك بتدبير من السلطة التنفيذية. ولكن الحصانة استغلها البعض فى المجالس السابقة أيام النظام السابق للإفلات من التحقيق والعقاب، وكانت الحصانة السبب فى المعارك الانتخابية الطاحنة للحصول على الصفة النيابية ليستظل الفائز بها بمظلة الحصانة.

لقد أوجبت محكمة النقض من زمنٍ على النائب أن يرتفع فوق الشبهات فيبادر إلى التخلى عن حصانته ويرحب بالتحقيق.. فيضرب القدوة والمثل بأنه أول المرحبين بتطبيق القانون شأن كل الناس بل هو أولى الناس رفعة وثقة.

انتهت لعنة الحصانة كما كان يطلب عليها الصديق الدكتور شوقى السيد عليه رحمة الله، وتم وضعها حاليًا فى موقعها الحقيقى من حكمتها وأصبحت هاديًا فى حماية المشروعية وسيادة القانون، عندما أغلق دستور 2014 الحالى الباب نهائيًا عن تلك الحصانة الملعونة عندما أكد فى مقدمته على حماية الإرادة الشعبية، وفى باب سيادة القانون حظر تحصين أى عمل أو قرار من رقابة القضاء.