عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

لازم اتكلم

رحل سيد عبد العاطى ، ولم ترحل مبادئه ومهنيته  وانسانيته ، وقيمه التى زرعها فى زملائه وتلاميذه وأصدقائه .
رحل الصديق الصدوق ، صانع نجوم الصحافة والإعلام ، وبقيت روحه فى الوفد جريدة وبوابة إلكترونية ، تحيطنا و تحاصرنا ، أينما تحركنا داخل المؤسسة الإعلامية التى شارك فى صنعها مع العمالقة فؤاد باشا سراج الدين وأساتذتي الراحلين ، مصطفى شردى وجمال بدوى وعباس الطرابيلى فى ثمانينيات القرن الماضى.
كنت قد قررت أن لاأكتب  لكوني غير مصدق حتى هذه اللحظة رحيله، ولأننى مهما كتبت عنه سأعجز عن الوفاء بما يستحقه ، فيبدو قلمى مقصرا، غير منصف لكاتب فذ وعملاق مثله ، إلا أن ما رأيته يوم تشييعه إلى مثواه الأخير هزنى هزا.
واختصارا..أبدأ  من ذات المساء الذى  جاءنى فيه نبأ دخوله المستشفى فى حالة غيبوبة، فاسرعت إلى هناك وانا فى  الطريق أبلغت رئيس المجلس الأعلى للاعلام ورئيس الهيئة الوطنية للصحافة ونقيب الصحفيين بحالته ،وكانو جميعا فى قمة التعاون وسعوا بالفعل لإنقاذ الزميل، قبل أن يصدر رئيس الجمهورية قراره الانسانى بعلاج سيد على نفقة الدولة ..
عدت فى ذلك المساء مغموما حزينا منهارا، تسبقنى دموعى  إلى مكتبى ببوابة الوفد الالكترونية، فالفارس ترجل عن حصانه ودخل فى غيبوبة اللاعودة للأبد.
تداعت المواقف منذ أن زاملته وتذكرت يوم أن احتفى بقدومى الى الوفد محررا صغيرا ، وظل يدعمني ويشجعنى ، بل كان يصر أحيانا أن يكتب أسمى قبل اسمه فى تحقيقات صحفية قوية وجريئة أمدنى بمصادرها ونسى سيد عبد العاطى أنه الأكبر والأقدم والأكثر خبرة ومهنية.
انظروا كيف كان يصنع العظيم قائدا يخلفه أو على الأقل يسير على نهجه وخطاه ،على عكس مانراه هذه الأيام من محاربة للشباب والموهوبين فى كل مكان
.وتذكرت يوم أن ترك منصبه مجبرا بسبب مانشيت ثورى خانته ولأول مرة فيه جرأته، فحمل بكل هدوء وأدب دفاتره وأغراضه وغادر المكتب  ، تاركا قلبه فى كل من كان يؤمن بمهنيته التى كلفته الكثير والكثير.
فلم يكن سيد عبد العاطى منبطحا ولا مهادنا ولا يستسلم بسهولة، كان يهوى اقتحام المجهول وأعشاش الدبابير، يضرب بقوة فوق رؤوس الفاسدين ويكسر عظامهم ، وتلك كانت كلمة سر قوته.
أما فرحته الحقيقية فكانت تكمن فى اسعاد البسطاء والكادحين فى المزارع والمصانع والباحثين عن لقمة العيش فى الشوارع ، وسكان المقابر و المجانين  والهائمين على وجوههم ، يلتحفون بالسماء ويحتمون بالأرصفة .
 رحل الأصيل الذى ولد فى قرية طملاى مركز منوف بمحافظة المنوفية فاصطبغت جيناته بملح أرضهم وبساطتهم ، قبل أن تحط أسرته الرحال بشبرا ثم يرتبط بالزميلة هالة الشقيرى ويسكن مدينة نصر.
  رحل من كان طيب العشرة ، خفيف الظل ، دمث الخلق ، ظل فى أخر ندوة له بالوفد قبل دخوله الغيبوبة بشهرين يدافع عن زملائه و أبنائه الصحفيين ، يفتخر بما صنعوه من مجد عندما كنا نوزع أكثر من مليون نسخة ونطبع طبعتين وأحيانا ثالثة، ويقف العشرات ينتظرون جريدتنا عند الباعة بفعل كتيبة التحقيقات الصحفية الجريئة التى كانت تعمل تحت قيادته على مدار الساعة. وهو ماجعلهم يصطفون حوله فى فناء وحديقة الحزب ويلتقطون معه صور الوداع..
فى يوم تشييعه، استيقظت مبكرا وذهبت إلى مقابر طريق الفيوم أبحث عن مكان دفنه فلم أجد مقبرة باسمه وهو الذى ساعد الكثيرين فى شراء بيت الأخرة ، حتى اهتديت إلى مقبرة مملوكة لأحد أقاربه فوقفت معه حتى تم فتحها وتنظيفها وفيها يوارى نظيف اليد الثرى تاركا لأسرته معاشا متواضعا للغاية هو كل ما يملكه من حطام الدنيا ورحلة ٤٠ عاما فى بلاط صاحبة الجلالة، لم يكن يكفيه لشراء علاج السكر والضغط وأمراض الصحافة.
ويشاء القدر أن تكون هذه المقبرة أمام مقبرتى  ولايفصلنى عنه سوى شارع واحد ، ليبقى سيد عبدالعاطى بجوارى دنيا وأخره ان شاء الله..فهو ومن قبله من أساتذة سابقون ونحن بهم لاحقون ولانملك الا الدعاء بالرحمة والمغفرة وللأهل والزملاء الصبر والسلوان .
وكل ما أتمناه وأرجوه من نقيب الصحفيين الدكتور ضياء رشوان أن يخصص جائزة باسمه تخلد ذكراه. وأن يبادر محافظ المنوفية بإطلاق اسمه على أحد شوا رع قريته ومسقط رأسه أو يأمر الرئيس عبدالفتاح السيسي الأب والأنسان أن يطلق اسمه على أحد المحاور والطرق التى تعيد بناء مصر ... ولما لا وسيد عبد العاطى ابنها  الذى رواها بقلمه الجرىء وشرب من نيلها ، وانا لله وانا اليه راجعون.


[email protected]