رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

خط أحمر

يبدو التطرف وكأنه عدوى تنتقل بسرعة من مكان إلى مكان، ولا يكاد يظهر فى أرض حتى يفاجئنا بوجوده فى أرض أخرى مجاورة أو بعيدة.. لا فرق.

وإلا.. فما معنى أن يجتمع المتطرف الاسرائيلى إيتمار بن غفير، مع المتطرف السويدى الذى أحرق نسخة من القرآن الكريم، مع المتطرف الهولندى الذى مزق نسخة من المصحف الشريف.. ما معنى أن يجتمع الثلاثة فى حيز زمنى واحد لا يتجاوز الأيام المعدودة على أصابع اليدين؟!

إن المتطرف الاسرائيلى لم يشأ أن يبالى بنصائح كثيرين بألا يعتدى على حرمة المسجد الأقصى، فاقتحم باحات المسجد على مرأى من العالم، وبدا وهو يمارس عربدته فى الأقصى، وكأنه يتعمد أن يمارس ما كان يمارسه عن قصد على مشهد من الدنيا!

وما كاد الصخب الذى أحدثته حماقة بن غفير يهدأ، حتى استيقظنا على نبأ المجنون السويدى يحرق نسخة من القرآن الكريم فى عرض الشارع، متحديًا بما ارتكبه مشاعر مليار ونصف المليار مسلم فى أنحاء العالم.. وهو بالطبع ليس مجنوناً، لأن وصفه بالجنون يبرئه من فعلته ويعفيه من العقاب، ولكنه رجل فعل ما فعل وهو فى كامل قواه العقلية ثم وهو فى وعيه الكامل أيضاً.

ولا يختلف عنه المتطرف الهولندى الذى خرج يمزق نسخة من المصحف أمام الناس، وكأنه يزايد على زميله السويدى الذى لم نسمع إلى الآن أن حكومته قد عاقبته على ما ارتكب.. إن كل ما سمعناه فى الحالات الثلاث لا يتعدى الإدانات التى لا تغنى ولا تسمن من جوع، والتى لا تردع متطرفًا عن تطرفه، ولا توقف مهووسًا عن هوسه، ولا تضع جرائم الثلاثة فى مربعها الصحيح.

وليس أغرب من أن يحدث هذا كله ويتوالى فى بلاد تصف نفسها بأنها تحترم الانسان، وتبتعد عن كل ما يمكن أن يؤذى الانسان فى مشاعره، أو فى عاطفته، أو فى معتقده، أو فى كل ما ينال منه كإنسان.

نسمع ذلك فى السويد، ونسمعه فى هولندا، ونسمعه فى اسرائيل، التى تعتبر نفسها جزءًا من الغرب الذى يضم السويديين والهولنديين، ثم لا يصمد هذا كله عند لحظة الجد، ويسقط كل ما نسمعه منهم عند أول اختبار.. وكأن الانسان عندهم هو انسان الغرب، لا الانسان كإنسان، أيًا كان زمانه، وأيًا كان مكانه، وأيًا كان لونه، وأيًا كانت لغته!

ما حدث يقول إن التطرف ملة واحدة، وإنه قد تتعدد أشكاله ولكن جوهره يظل واحداً، وإن دعوة الأزهر إلى وضع تشريع دولى يجرم أى اعتداء على أى دين هى طوق النجاة من هذا العبث.