رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

حتى نلتقى

لماذا بهر أسلوب طه حسين الناس قديمًا وحديثًا؟ وكيف انفعل عشاق الأدب باللغة اليسيرة العميقة التى كتب بها توفيق الحكيم مسرحياته؟ وما السر فى أن فصاحة نجيب محفوظ اللغوية استحوذت على عقول القراء ووجدانهم من قرن إلى آخر؟ الإجابة عن كل هذه الأسئلة تكمن فى قدرة هؤلاء العباقرة على ابتكار لغة فصحى مترعة بالعذوبة والجمال. لغة قادرة على التحليق فى فضاءات السحر وهى محملة بأعمق الأفكار وأرق المشاعر وأنبل القضايا.

لكن يجب القول إن ابتكار لغة عذبة أمر شاق يحتاج إلى عوامل كثيرة، فوفقا لعالم النفس الأمريكى هوارد جاردنر (مولود فى 1943)، فإن الذكاء اللغوى أحد أنواع الذكاء التسعة التى يمكن أن يتحلى بواحد منها أو باثنين أو أكثر إنسان ما. أى أن القدرة على ترويض اللغة وتطويرها يعود فى المقام الأول إلى الموهبة التى منحها القدر لهذا المرء أو ذاك، لكن الموهبة وحدها لا تكفى أبدًا ليحقق المبدع إنجازا لغويًا بارزًا فى أى مجال من مجالات الأدب.

لذا، يجب الالتفات إلى العوامل الأخرى التى تعزز قدرات المرء الموهوب لغويًا على إنتاج نصوص إبداعية متفردة وممتعة. نصوص رفيعة القيمة والمقام. نصوص عامرة بالعبارات الحلوة والصياغات الآسرة.

عندى خمسة عوامل رئيسة تسهم فى تعظيم المهارات اللغوية لدى الإنسان، يمكن تلخيصها فيما يأتي:

1-   القراءة الجادة المتعمقة للكتب الدينية المقدسة (القرآن الكريم، والكتاب المقدس بعهديه القديم والجديد)، فهذه الكتب عبارة عن كنوز لغوية باهرة، بالإضافة إلى فضائلها الروحية المعروفة. وقد تأثر بها كثيرًا الثلاثة العباقرة فى تاريخنا الأدبي: طه حسين وتوفيق الحكيم ونجيب محفوظ.

2-   الاطلاع على أبرز ما أنتجه الإنسان فى مجال الفلسفة لأنها علم الغوص فى أعماق القضايا بلغة خاصة مميزة ينبغى التعرف إلى تراكيبها ومقوماتها.

3-   التعامل مع الشعر العربى بما يليق به من عظمة، فتاريخنا الشعرى حافل بقصائد مدهشة كتبها عشرات من الشعراء الأفذاذ، من أول إمرئ القيس وزهير بن أبى سُلمى حتى شوقى وحافظ وصلاح عبدالصبور وأحمد عبدالمعطى حجازى والسيّاب ونازك الملائكة ونزار قبانى ومحمود درويش مرورًا بالمتنبى وأبى نواس والبحترى وأبى فراس الحمدانى وغيرهم.

4-   إتقان لغة أجنبية عالمية واحدة على الأقل، حتى يمكن الاطلاع مباشرة على ما ينجزه أبناء هذه اللغة دون وسيط أو مترجم، ذلك أن التمكن من لغة عالمية أخرى يفتح آفاقا لا حدود لها فى اكتشاف العالم بتنوعه العجيب.

5-   التزود بما لذ وطاب من فنون المسرح والسينما والموسيقى والفنون الجميلة من نحت ورسم، فهذه الفنون وطرائق نقدها تهب المرء إمكانات جديدة تساعد على تهذيب لغته وتطويرها بما يلبى أشوق الناس إلى كل جديد وآسر وممتع فى دنيا اللغة.

أجل، إن حاجتنا تتفاقم باستمرار لاسترداد عذوبة اللغة فى ظل عالم غليظ تسطو عليه لغة خشنة منفرة.