خط أحمر
فى ٢٥ من هذا الشهر نشرت وكالة الأنباء الفرنسية صورة لمواطنين أوكرانيين يحتفلون بأعياد الميلاد فى العاصمة الأوكرانية كييف.
ولم تبادر الوكالة إلى نشر هذه الصورة لمجرد أنها صورة من صور أعياد الميلاد المعتادة، التى نتابعها فى مثل هذا الوقت من كل سنة، وإنما نشرتها لتقول إن الأوكرانيين احتفلوا من قبل بميلاد المسيح عليه السلام مرات ومرات، ولكنها المرة الأولى التى يحتفلون به فى هذا الموعد الجديد الذى يوافق التقويم الكاثوليكى، وليس فى السابع من يناير الذى تحتفل فيه الكنيسة الروسية الأرثوذكسية بالعيد نفسه فى العاصمة موسكو.
ولابد أن هذه ثمرة من ثمار الحصاد المر للعملية العسكرية الروسية، التى بدأها الرئيس الروسى فلاديمير بوتين على أوكرانيا فى الرابع والعشرين من فبراير.
إن معنى تعليق الوكالة الفرنسية على الصورة، أن الأوكرانيين كانوا إلى السنة الماضية يحتفلون بالعيد مع الروس، أو مع الكنيسة الروسية إذا شئنا الدقة، ولكنهم بدءًا من هذه السنة اختاروا لأنفسهم موعدًا جديداً، هو الذى تحتفل فيه أوربا فى غالبيتها بميلاد المسيح، وكرهوا أن يتزامن احتفالهم مع احتفالات الروس فى الشهر المقبل.
صحيح أن المسيح الذى يجرى الاحتفال به فى المناسبتين واحد، وصحيح أن المسيح هو المسيح فى الحالتين، ولكن وراء احتفال بعض الشعوب بميلاده فى ٢٥ ديسمبر، وبعضها الآخر فى ٧ يناير، أسبابًا تاريخية ليس هذا هو مجال الحديث عنها فى هذه السطور.
فالحديث هنا هو عن حصاد هذه الحرب التى لا مبرر لها، والحديث هنا هو عن الحصاد على مستوى الشعوب، لا على مستوى الحكومات، لأنه سيأتى وقت ترحل فيه حكومة بوتين فى روسيا، وسيأتى وقت ترحل فيه حكومة الرئيس الأوكرانى زيلينسكى.
ولكن الشعب الروسى سيبقى، وسيبقى معه الشعب الأوكرانى.. والمشكلة أن الأول لن يكون هو الشعب الذى يعرفه الأوكرانيون، ولا الشعب الثانى سيكون هو الشعب الذى يعرفه الروس، ولن نجد شيئًا يصور هذه الحالة بصدق، إلا العبارة التى تقول: الأفيال تتصارع.. والعشب يتكسر!
وليس العشب هنا سوى الشعبين الروسى والأوكرانى، وما يتكسر فى الحرب الدائرة ليس هذا الشعب ولا ذاك وفقط، ولكن تتكسر المشاعر بينهما، ولا شىء يدل على ذلك إلا هذه الصورة المنشورة!