رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

حكاية وطن

على سبيل الاستطلاع سألت مجموعة من المواطنين عن أمنيتهم فى العام الجديد، فكانت إجاباتهم واحدة وهى: أن تتوقف أسعار السلع عن الارتفاع ليتمكنوا من التقاط أنفاسهم، والكف عن اللهث وراء تدبير احتياجاتهم الأساسية من محل إلى آخر، كل محل بـ«يبيع بمزاجه».

حكاية يبيع بـ«مزاجه» مشكلة خطيرة، وهى مسئولية الحكومة ممثلة فى جهاز حماية المستهلك أولاً، وثانيًا جميع المحافظين، وثالثًا الوزراء المعنيين، ورابعًا رئيس الوزراء.. المسئول الذى يتراخى فى أداء المهمة المكلف بها «يركن» على جنب، قوت الناس لا يحتمل أى تقصير، ضبط السوق أصبح ضرورة لإحداث التوازن ومواجهة التضخم الذى يدفع التجار إلى رفع الأسعار.

لا شك أن الأزمة الاقتصادية هى أزمة عالمية التى تسببت فيها الحرب الروسية - الأوكرانية، والتى كانت وراء ارتفاع أسعار كل شىء، يشعر بها كل الناس على وجه الأرض، العالم الغنى والعالم الفقير. فى مصر تشهد الأسواق موجهة تضخمية وارتفاعًا فى أسعار العديد من السلع بزيادة غير مبررة، وراءها تجار أعماهم الجشع وجمع المال عن آلام الناس الصابرة المحتسبة، والتى تتحمل أعباء هذه الأزمة، ولكنها لا تتحمل الزيادة المستمرة فى أسعار أبسط السلع من قرص الطعمية حتى حديد التسليح!. سيطرت أوكرانيا المنكوبة بحربها مع روسيا على حوالى 29٪ من تجارة القمح عالميًا، مما أدى إلى زيادة أسعار الدقيق الذى أثر على سعر رغيف الخبز ومنتجات الدقيق الأخرى مثل المكرونة، بخلاف زيادة أسعار الذرة الصفراء وصناعة الأعلاف واللحوم والألبان والدواجن، بخلاف زيادة الأسعار نتيجة الحرب فى روسيا وأوكرانيا التى رفعت أسعار النقل، فهناك احتكار من التجار الذين دأبوا على تخزين السلع وتعطيش الأسواق مع قرب شهر رمضان.

للأمانة فإن الحكومة بدأت تحارب غلاء الأسعار وجشع التجار، وعقدت اجتماعات لضبط أسعار السلع ومراقبة الأسواق فى ظل ما أكدته التقارير من وجود تفاوت فى الأسعار وارتفاعات غير مبررة لبعض السلع، وطلبت من التجار الإعلان عن أسعار السلع، وهددت باتخاذ الإجراءات ضد أى مكان لا يعلن أسعاره مثل إغلاق منفذ البيع ومصادرة السلع وإعادة بيعها لصالح المواطنين.

وإلى جانب الإجراءات التى بدأت الحكومة فى تطبيقها لكبح جماح الأسعار، فهناك آراء الخبراء لا يمكن تجاهلها عند التصدى لهذه الأزمة، والتى تتركز فى أهمية سد الفجوة بين المعروض فى الأسواق لتوفير احتياجات المواطنين الضرورية، ومواجهة عملية احتكار التجار للسلع المختلفة، وإقامة المعارض السلعية لتخفيف الضغط على الأسواق، وتفعيل دور جهاز حماية المستهلك وإنفاذ القانون، وتغليظ العقوبات على المتلاعبين بالأسعار، وحث المواطنين على التعامل الرشيد فى عمليات الشراء وطبقًا لاحتياجاتهم، وعدم تخزين السلع، والتعايش مع هذه الظروف خلال الفترة القادمة لعدم وضوح أى نهاية للحرب الروسية - الأوكرانية، وتأجيل النفقات الرفاهية غير الأساسية، والاستفادة من ارتفاع الفائدة البنكية لمن لديهم حسابات بنكية.

هناك دور كذلك على المجتمع المدنى والأحزاب السياسية ورجال الأعمال يجب القيام به للتخفيف من أزمة ارتفاع الأسعار عن طريق تقديم حلول خارج الصندوق فى هذه المرحلة مثل قيادة الرأى العام لمواجهة جشع التجار والمحتكرين، وطرح وجهات نظر لسياسة اقتصادية رشيدة تنفذها الحكومة تستعيد بها دورها الاجتماعى تجاه المواطنين، وتوعية المواطنين بأهمية إلغاء مظاهر الإسراف، وإهدار الطعام فى ولائم رمضان.

حالة التضخم الحالية هى حالة عالمية لا يمكن إلقاء اللائمة فيها على أحد، ولابد من تكاتف الجميع للعبور منها، حتى نجتاز الأزمة.

من حق الناس أن تحلم ولكن ليست الحكومة مسئولة عن تحقيق كل الأحلام، هناك ظروف صعبة يمر بها الاقتصاد العالمى، ولابد أن يكون الجميع على وعى بها، هناك ارتفاع ملموس فى أسعار السلع، وهناك معاناة حقيقية يمر بها الناس، لكن هناك وعى يتمتع به الناس عليه دور كبير فى التخفيف من حدة الأزمة وهى الاقتصاد فى الإسراف قدر الإمكان حتى مرور هذه الظروف ولا داعى للانزعاج، أو الحلم بالجوع أو بالسوق، فالسلع موجودة داخل الدولة، وهناك مخزون استراتيجى يكفى عدة شهور، وأى زيادة فى الأسعار هى نتيجة جشع التجار الذين سيواجهون بشدة، ولن يكون هناك جائع فى مصر.