رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

لعل وعسى

تعرض الاقتصاد المصرى خلال الفترة الماضية لمجموعة كانت أهمها عدم توافر العملات الأجنبية، ووجود سوق موازية، مع وجود مجموعة من الصدمات الثانوية خاصة بعدم قدرة السياسة النقدية على فرض السياسة التشددية، وقد مثل ذلك عوامل محركة للتوجه نحو سعر الصرف المرن، هذا التوجه تحكمه مجموعة من الركائز المهمة يجب أن تتوافر فى أى اقتصاد يسعى إليه، يأتى على رأسها وجود سوق نقد أجنبى يتصف بالعمق والسيولة، مع التمتع بحزمة من السياسات المتماسكة تحكم البنك المركزى فى سوق النقد الأجنبى خاصة فيما يتعلق بممارسات الشراء والبيع للعملة المحلية، نضيف إلى ذلك التمتع بركيزة رسمية ملائمة تحل محل سعر الصرف الثابت الذى أسهم فى زيادة الأزمات المصرفية، وأزمات العملة، خاصة عندما يكون الاقتصاد غير متطور، وغير مرتبط بالأسواق العالمية، كذلك فإن وجود نظم فعالة لتقييم وإدارة مخاطر سعر الصرف فى القطاعين العام والخاص من الأمور التى تحكم التوجه نحو سعر الصرف المرن، لذلك تأتى موافقة المجلس التنفيذى لصندوق النقد الدولى لعقد اتفاق مدته 46 شهراً مع مصر بقيمة ثلاثة مليارات دولار فى إطار برنامج تسجيل الصندوق الممدد، يمثل حزمة شاملة من السياسات الهادفة للحفاظ على استقرار الاقتصاد الكلى، واستعادة الاحتياطيات النقدية الوقائية الخارجية، مع التمهيد لتحقيق معدل نمو اقتصادى شامل بقيادة القطاع الخاص، يقوم على المنافسة العادلة، لذا يأتى التحول نحو نظام سعر الصرف المرن لتعزيز الصلابة فى مواجهة الصدمات خاصة الخارجية، وضمان تراجع مسار الدين العام إلى النسب المقبولة مقارنة بإجمالى الناتج المحلى الإجمالى، وقد يكون إعادة بناء هوامش الأمان الداعمة للفئات الضعيفة والمهمشة، وإجراء مجموعة من الإصلاحات الهيكلية الواسعة هو أمر تتطلبه طبيعة المرحلة للسعى نحو تقليص بصمة الدولة، وزيادة المنافسة العادلة من أجل تعزيز حوكمة الشركات، وزيادة منظومة الشفافية فى إدارة المشروعات الاستثمارية الوطنية الداعمة للاستقرار الاقتصادى، وتمويل المناخ الاستثمارى الذى لن يستقيم فى ظل تدنى نسبة استثمارات القطاع الخاص التى لا تزيد على 350 مليار جنيه من إجمالى استثمارات تتعدى 1450 مليار جنيه، وبنسبة تقل عن 25% وهو أمر يدعو إلى العمل على مضاعفة هذه النسبة، وهى دعوة من سيادة الرئيس الذى طالب بألا تقل مشاركة القطاع الخاص فى مصر عن 50% فى أدنى حالاتها، وذلك عبر ست محركات تقوم على عودة الإنفاق إلى داخل الدولة، وانتعاش السياحة، ووجود معارض متنقلة، ومراكز تسويق جديدة، مع تطوير قطاع البيع والتجزئة فى جميع أنحاء الجمهورية. لذلك قد يكون اتفاق مصر مع صندوق النقد الدولى على قرض بقيمة 3 مليارات دولار أمراً محورياً للتحول الدائم إلى نظام سعر الصرف المرن، وأمور أخرى أهمها قيادة القطاع الخاص لعملية النمو الشامل فى الدولة، ولكن قد تكون هناك مزايا من هذا الاتفاق مع صندوق النقد الدولى لعل أبرزها هو إتاحة المزيد من التمويل من الشركاء الدوليين والإقليميين، وبقيمة لا تقل عن 14 مليار دولار شاملة موارد تمويلية جديدة سواء من مجلس التعاون الخليجى، أو من الشركاء الآخرين، معتمدين على عمليات البيع الجارية فى الأصول المملوكة للدولة، وقنوات التمويل التقليدية من الدائنين الثنائيين ومتعددى الأطراف. وتبقى الميزة الثابتة المتمثلة فى شهادات المؤسسات الدولية بصلابة الاقتصاد المصرى عبر الأزمات السابقة، خاصة أزمة جائحة كورونا التى كلفت الاقتصاد العالمى حتى عام 2024 نحو 13,8 تريليون دولار، ثم الأزمة الروسية الأوكرانية التى كلفت الاقتصاد العالمى أكثر من 2,8 تريليون دولار، الشىء الذى يدعونا إلى ضرورة إعادة صياغة واقع اقتصادى جديد فى مصر هو ما أفرزته هذه الأزمات من بلورة مواطن الضعف القائمة فى جسد الاقتصاد، وخروج التدفقات الرأسمالية، ما أسهم فى تراجع الاحتياطيات من النقد الأجنبى وانخفاض صافى الأصول الأجنبية لدى البنوك، وما نجم عنه من تفاقم اختلالات فى أسعار الصرف، لذلك فإن هذا الاتفاق مع صندوق النقد الدولى قد يمثل التزاماً لمصر بمواصلة استمرار تطبيق نظام سعر الصرف المرن، الذى قامت بتطبيقه فى نوفمبر 2016 لتوفير العملات الأجنبية، وضمان عدم وجود السوق الموازية، وإعادة لهوامش الأمان التى توفرها السياسات الاقتصادية. سعر الصرف المرن أسلوب من الأساليب التى تؤدى إلى تخفيض الصدمات، واستقلالية السياسة النقدية، لأن قوة السوق هى المحرك الرئيسى الذى يضمن وجود سوق أجنبى فعال يتسم بالعمق والسيولة، ويسهم فيه وجود سياسات اقتصادية كلية احترازية تمثل الخطوة الحاسمة للتخفيف من حدة المخاطر، وتحقيق أهداف برنامج تسهيل الصندوق الممدد، الداعمة لوجود سعر صرف مرن عابر للحدود. ويضمن التخفيف من حدة المخاطر وحالة عدم اليقين المسيطرة على واقع الاقتصاد العالمى، والأهم هو البحث عن الآليات غير التقليدية الكفيلة بمواجهة جائحة التضخم. وهو ما سنتناوله بإذن الله فى المقال القادم.