رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

حكاية وطن

الدستور هو أعلى قانون فى البلاد، وهو الوثيقة التى تحدد نظام الحكم والعلاقة بين الحاكم والمحكوم، وحقوق المواطنين وواجباتهم، وهو عبارة عن نصوص مكتوبة قابلة للتعديل والتغيير لمواكبة التطورات.

هناك بلاد ليس بها دساتير مثل بريطانيا وإسرائيل، ولكن رغم عدم وجود دستور مدون فى بريطانيا إلا أن المحكمة العليا هناك، تعترف بوجود مبادئ دستورية بما فى ذلك السيادة البرلمانية وسيادة القانون والديمقراطية، ولا ترغب إسرائيل فى أن يكون لها دستورمكتوب تقوم على أساسه كيانات الدولة ويحدد واجبات وحقوق المواطنين الإسرائيليين، ويرجع ذلك إلى عدم رغبة اسرائيل بإعلان نفسها دولة يهودية، حتى لا تجد عداء الكارهين لها، كما أنها لا ترغب فى تحديد حدودها لأنها تؤمن بأن أرضها من الفرات إلى النيل، بالإضافة إلى عدم الاتفاق بين الصهاينة أنفسهم على شىء معين للدستور، فهناك من يطالبون بدولة مدنية، وهناك من يطالبون بدولة دينية صهيونية، وهناك من يطالبون بدولة عرفية لبنى اسرائيل فقط، وتعمل إسرائيل كما تعمل بريطانيا وفقا لدستور غير مدون.

هناك فرق بين دولة يوجد بها دستور ودولة دستورية، فلا تكون الدولة دستورية إلا إذا كان دستورها معبرا عن توافق وطنى ويحظى برضا عام في المجتمع، وتبقى الدولة غير دستورية رغم وجود دستور فيها، إذا طغت السلطة التنفيذية فيها على القضاء والبرلمان، فصارت إرادتها غالبة ومعطلة لحق الشعب فى أن يكون مصدر السيادة، والدولة الدستورية هى التى تستمد السلطة التنفيذية فيها شرعيتها من الشعب ويكون القانون سيدا لها وليس عبدا تفعل به ما تشاء بلا رقابة أو مساءلة أو محاسبة. وهذا هو ما يعرف بمبدأ الدستورية الذى يقوم على تقييد السلطة التنفيذية واخضاعها للرقابة، وتمكين المواطنين من محاسبتها عبر الانتخابات.

من حيث الوضع الدستورى المصري فقد شهدت مصر فى الفترة ما بين عامى 1805 و1882 نضالا طويلا يتعلق بوضع دستور وطني كمرجع أساسى لنظام الحكم وتحديد السلطان وإقرار الحقوق والواجبات العامة، ظهرت ثماره مع أول مشروع لدستور مصرى فى عام 1879 والذى لم يحظ بتصديق الخديوى اسماعيل بسبب ملابسات عزله، وفى عهد الخليفة توفيق نجحت الحركة الوطنية فى عام 1882 فى استصدار أول وثيقة دستورية رسمية تحت اسم اللائحة الأساسية، لكن ما لبثت سلطات الاحتلال الانجليزى أن ألغته، فتواصل النضال الشعبى حتى صدر دستور 1923 وانعقد بموجبه أول برلمان مصرى فى 15 مارس 1924، ظل دستور 1923 قائما إلى أن صدر دستور 1930، ثم اوقف العمل به عام 1934، ثم أعيد العمل مرة أخرى بدستور 1923، وتم اسقاطه فى عام 1952، ثم صدر دستور 1956 فى عهد الجمهورية، ثم دستور 1958 فى ظل الوحدة مع سوريا، وبعد الانفصال صدر دستور 1964، وفى 12 سبتمبر 1971 صدر دستور «71» والذى طرأت عليه عدة تعديلات فى عام 1980، 2005، 2007، ثم صدر دستور 2012 بعد ثورة 25 يناير ودستور 2014 بعد ثورة 30 يونيو، والذى تم تعديله فى ابريل 2019.

ليس كل الدول جميعا نمطا واحدا من حيث تكوينها السياسى، وكيفية ممارستها للسلطة كدولة، ودولة بدستور أفضل من دولة بلا دستور، حيث تحظى الدساتير فى الدولة الحديثة بمكانة متميزة فالدستور هو القانون الأسمى للدولة، وهو الذى يحتوى على الأهداف الوطنية، والغايات المنشودة، والذى ينظم السلطات العامة فى الدولة، ويبين حقوق وحريات المواطنين، ومهما كانت عيوب الدستور فإنه يسهم بقدر كبير فى دعم الحرية وينظم الصراع على السلطة.

تعتبر دساتير الهند ونيجيريا والبرازيل والمكسيك من أطول دساتير العالم من حيث الكلمات، وهناك نظرية تربط طول الدستور وعدد كلماته بالزيادة السكانية فى الدولة، ولكن الصين كسرت هذه النظرية فإن عدد كلمات دستورها قليل يقترب من عدد كلمات دستور البحرين مثلا.

الدساتير أنواع: مرنة، جامدة، مفصلة موجزة، دائمة، مؤقتة، والدساتير المرنة تعدل أحكامها بالطريق التشريعى، أى بواسطة السلطة التى تسن القوانين العامة وهى السلطة التشريعية، وباتباع نفس الإجراءات والشروط والأشكال المقررة لتعديل القانون، والدساتير الجامدة هى التى تتمتع بشيء من الثبات والاستقرار بنتيجة الإجراءات الخاصة بتعديلها والتى تختلف من دولة لأخرى، لا يوجد دستور كامل أو مثالى فى العالم، ودستور مصر يعتبر من الدساتير الجامدة وتعديله يحتاج إلى إجراءات معقدة، عكس الدستور الفرنسى الذى يعتبر مرنا ويمكن تعديله فى جلسة واحدة.

على كل حال فإن الدستور فى أى دولة هو من صنع البشر، ليس مقدسا، أو كتابا أنزل من عند الله، ولذلك فهو قابل للتعديل حسب القواعد المتفق عليها لعلاج نصوص غير مناسبة.