عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

تأملات

للأسف لست من المهتمين بكرة القدم، ولذلك لم تهتز لى شعرة ببدء مباريات كأس العالم وهنا فى الجوار العربى فى قطر، ولذلك أيضا ليس لدي جدول مواعيد المباريات التى لا أعرف المتنافسين فيها من الأصل، ولم أعرف بمشاركة السعودية وفوزها إلا من خلال قرار منح إجازة لكافة العاملين فى المملكة. ورغم ذلك فقد استحوذت الدورة الحالية على جانب من اهتمامى فى جانب محدد، هو البعد المتعلق بالدين، وهو البعد الذى لا بد أن يثير الدهشة باعتباره أبعد الجوانب التى يجب أن تلتصق بكأس العالم. فى رأيى أن السمة الاساسية التى طبعت كأس العالم والذى يقام فى قطر هذه الدورة هى الأسلمة وهى سمة أضفت على الدورة وفعالياتها حالة أعتقد أنها غير مسبوقة.

فى حدود متابعتى البعيدة لما يجرى هناك سباق محموم بين تيارين على البعد الخاص بالمكون الدينى فى كأس العالم وهو أمر فى تقديرى وفى حدود معلوماتى البسيطة عن مثل هذه المسابقة لم يحدث من قبل وبهذه الصورة فى أى دورة سابقة. باختصار دورة قطر هى تجل واضح لفكرة أو مفهوم صراع الحضارات وليس حوارها، وهو صراع يجرى على أشده بين أطراف مختلفة. مرة ثانية لم أتابع التفاصيل ولذلك أكتب فى حدود المعلومات السريعة التى وصلت إلى علمى من خلال الوسائل المختلفة.

أولا هناك محاولة للبعض ربما تبدو فى شكلها ساذجة للترويج لفكرة أن تنظيم الكأس على أرض عربية إسلامية ممكن يكون فرصة لأسلمة الفرق والمشجعين الذين سيشهدون الكأس، فكان الحديث ومحاولة تجربة ما يسمى بالترويج للحجاب لنشره بين المشجعات اللواتى يشهدن الفعاليات. كما جرى كثير من الجدل حول إسلام الكثير من الأفراد على وقع وجودهم فى قطر هذا فضلا بالطبع عما أثير حول البعد المتعلق بانتشار الأذان وخلافه. ووصل الأمر إلى حد ما أشارت اليه «بى بى سى» فى أحد تقاريرها من أن البعض بدأ يتصور أن تنظيم قطر للدورة ربما بمثابة تحوله لمهرجان للتعريف بالإسلام وتعاليمه.

فى المقابل ولد ذلك رد فعل مضاد وهو حرص الكثير من المشاركين على رفع ما يعبر عن قيم مضادة لقيم الإسلام وكان أبرز سلوك لذلك المتعلق بالمثلية الجنسية إلى حد تورط وزيرة داخلية ألمانيا فى مثل هذا الخلاف بارتدائها ما يسمى بشارة «حب واحد» خلال مباراة منتخب بلادها، وهو الأمر الذى خطط له قادة منتخبات انجلترا وويلز وبلجيكا وهولندا وسويسرا قبل أن يوضح الفيفا بأن اللاعبين سيحصلون على بطاقة صفراء إن فعلوا ذلك.

أكتب هذه السطور والظاهرة – الأسلمة أو الصراع على خلفية القيم الدينية – فى طور الحدوث والتشكل، وكأس العالم تتواصل فعالياته ولم تنته بعد، وهو ما يصعب من التناول الرصين والعلمى للأمر، لكن بشكل مبدئى أتصور أن ما يحدث يقلل من التفاؤل بتجاوز حالة الصدام الحضارى، ويشير إلى أن الدين سيبقى أحد مقومات الاستقطاب بين المؤمنين به والرافضين له ولدوره فى حياتنا المعاصرة، وأنه هذا الاستقطاب لن يعدم الوسيلة التى يعبر من خلالها عن نفسه حتى لو من خلال ظاهرة كروية أبعد ما تكون عن مجاله، ويفترض أن تلعب دورا إدماجى وليس تفريقى على صعيد أفكار وعقائد من ينخرطون فيها.

ليس فى الأمر تزيد غير أن المنطق يقرر أنه ليس هكذا تورد الأمور سواء من قبل الفريق الإسلامى إن صح التعبير أو الفريق المناوئ ممن يرفض القيم التى يعبر عنها الإسلام أو يؤمن بقيم مخالفة، فربما تأتى هذه الممارسات بنتائج عكسية وهو ما تؤكده وقائع ما يجرى فى الدورة الحالية بقطر.

[email protected]