عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

حكاية وطن

 

ذكرتنى دراسة قرأتها عن الأنظمة المختلفة لإجراء الانتخابات البرلمانية بظاهرة النواب المستقلين الذين يرشحون أنفسهم فى الانتخابات خارج مرشحى الأحزاب السياسية، رغم أن الدستور المصرى يؤكد فى المادة الخامسة أن النظام السياسى يقوم على أساس التعددية السياسية والحزبية، وهذه الظاهرة كنت أطلق عليها خلال فترة عملى محررًا برلمانيًا من بداية التسعينيات حتى قيام ثورة 25 يناير ظاهرة «الهرولة».

والهرولة كانت تتم عندما كان يفوز المرشحون المستقلون فى الانتخابات ويسارعون إلى الحزب المسيطر للاستفادة من ذهبه واتقاء لسيفه، والذى كان يوزع الهدايا على طريق العصا والجزرة للاستحواذ على الأغلبية الميكانيكية فى مجلس الشعب، وللأمانة أن المستقلين فى مجلس الشعب كانوا يتمسكون باستقلالهم، ويرفضون ضغوط الحزب الوطنى للانضمام إليه، احتراماً للثقة التى منحها لهم الناخبون، وكانت لهم مواقف مشرفة فى التعامل مع آليات الرقابة البرلمانية لكشف الفساد الذى كان ينخر فى جدار مؤسسات الدولة، وقدموا استجوابات كانت كفيلة بسحب الثقة من الحكومة، ولكن الحكومة كانت تحتمى فى الأغلبية التى كانت تسقط الاستجوابات.

النظام الحاكم فى هذه الفترة استغل ظاهرة المستقلين لإضعاف الحياة الحزبية، وتعزيز الانتماءات الفرعية، كما حاولت الأحزاب استغلالها لتجاوز الحرمان السياسى الذى فرضه النظام، ولكن كان المستقلون يفضلون حزب الأغلبية وخاصة رجال الأعمال للاستفادة من المزايا التى كان يمنحها لأعضائه ويحرم منها الآخرين، تزايد المستقلين تسبب فى حل مجلس الشعب عدة مرات، فعندما أجريت الانتخابات فى عام 84 بنظام القوائم الحزبية فقط، اعتبرت المحكمة أن القانون حرم المستقلين غير المنتمين لأحزاب سياسية من الترشح، وتم حل المجلس فى عام 87، كما تم حل برلمان 87 الذى تشكل لتفادى أخطاء البرلمان السابق، لكن المحكمة أيضاً اعترضت على اتساع الدوائر الانتخابية، لأنها لم تحقق عدالة المنافسة بين المستقلين ومرشحى الأحزاب، كما سمح القانون للأحزاب بالدفع بمرشحين لها على المقاعد الفردية التى كانت فى الأساس مخصصة للمستقلين مما يعنى جمع الأحزاب بين القوائم والفردى وتم حل هذا المجلس أيضاً.

عاد المستقلون بقوة تحت قبة البرلمان فى انتخابات عام 2005 عندما فازوا بنسبة 60٪ من المقاعد، وحصل الحزب الوطنى فقط على 32٫8٪ وفقد الأغلبية، وهمهم المستقلون بأنهم سيشكلون الحكومة، وبذل الحزب الوطنى بكافة مستوياته حيث كان رئيس الجمهورية فى ذلك الوقت رئيساً للحزب، وعن طريق التهديد والوعيد والوعود والتنازلات والمنح استطاع الحزب الوطنى أن يستعيد أغلبيته بضم عدد من المستقلين، وكانت للمستقلين هيئة برلمانية داخل مجلس الشعب يمثلها أحدهم، ولهم تمثيل فى اللجنة العامة للمجلس، وأولوية فى الحديث، ثم بدأ النظام السياسى يحاول تهميشهم والحد من تواجدهم تحت القبة، حتى صدر قانون يحظر تغيير الصفة التى ترشح عليها العضو.

وهناك آراء ودراسات ترى أن المستقلين ظاهرة سلبية، ولا يمكن أن تقوم الحياة السياسية على أكتافهم، وأن سبب قوتهم يرجع إلى ضعف الأحزاب السياسية وغيابها عن الشارع، مما أدى إلى تمكن المستقلين من سحب البساط من الحزبيين، ولكن هناك مطالبات عند أول تعديل لقانون الانتخابات وقانون الأحزاب السياسية أن تتم مناقشات موسعة لإلغاء ترشح المستقلين للبرلمان، وأن يكون الترشح من خلال الأحزاب السياسية فقط لتفعيل المادة الخامسة من الدستور، وتقوية الأحزاب السياسية عن طريق التركيز على الأحزاب القوية والنشطة والتى لها تواجد فى الشارع وكثافة عضوية.

المطالبون بإلغاء ظاهرة المستقلين يرون أنها ظاهرة سلبية ينبغى تفكيكها، لأن المستقل هو مستقل عن إطار حزبى ويخوض الانتخابات معتمداً على قدرته المالية أو قوة عائلته وأبناء منطقته، ويحمل أجندة شخصية، ولكنه قادر على تشكيل حزب يخوض به الانتخابات، ولا يوجد فى نظر المعارضين للمستقلين أى معنى لخوض الانتخابات مستقلاً.

أصحاب الرأى المعارض للمستقلين يرون أيضاً أن السياسة تكون حاضرة أكثر فى الانتخابات التنافسية على أساس البرامج والرؤى السياسية التى تتوفر للأحزاب، وتغيب هذه البرامج عن المستقلين الذين يعتمدون على أموالهم فقط.

المناقشات حول تعديل القوانين السياسية ستتطرق إلى وضع المستقلين فى ضوء عملية النهوض بالأحزاب السياسية التى سنحتاج إليها فى المستقبل.