رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

حكاية وطن

 

 

 

زرت تركيا مرتين قبل ثورة 25 يناير مع وفد برلمانى برئاسة الدكتور أحمد فتحى سرور رئيس مجلس الشعب، كانت الوجهة إلى الجزائر للمشاركة فى اجتماعات الاتحاد البرلمانى العربى الذى استضافته الجزائر، نزلنا فى إسطنبول «ترانزيت» لمدة يومين فى طريق الذهاب إلى الجزائر، ولمدة يومين فى طريق العودة إلى القاهرة، وأقمنا فى فندق «مرمرة» الذى يقع على مضيق البوسفور فوق ميدان تقسيم، الذى يشقه شارع الاستقلال الذى شهد الحادث الإرهابى يوم الأحد الماضى.

فى بهو الفندق التف العديد من النزلاء من السائحين خاصة العرب حول الدكتور فتحى سرور وكمال الشاذلى وزير شئون مجلس الشعب، ولكن خطفت الأضواء من الجميع السيدة فايدة كامل والتى كانت ترأس لجنة الثقافة والإعلام بمجلس الشعب فى ذلك الوقت، ونائبة دائرة الخليفة، بالإضافة إلى أنها كانت حرم وزير الداخلية النبوى إسماعيل فى عهد مبارك، معظم حديث نزلاء الفندق مع فايدة كامل كان عن أغانيها الوطنية لكونها كانت مطربة، البعض كان يناديها بمديحة كامل على اسم الممثلة الشهيرة والتى كانت متوفاة فى تلك الفترة، وكانت الممثلة القديرة ندى بسيونى قد تواجدت بالصدفة فى الفندق حيث كانت فى زيارة خاصة لإسطنبول وتبادلت التحية مع أعضاء الوفد البرلمانى، فندق مرمرة شاهق الارتفاع، عبارة عن تحفة من الزجاج الخالص مما يجعلك تشاهد السفن وهى تمخر فى البحر الأسود وبحر مرمرة من كل جانب من الغرفة، والأمواج تتلاطم وكأنها تعبر فوقك مما أصاب السيدة فايدة كامل بالخوف الشديد، ورفضت المبيت بمفردها فى الغرفة، واضطر مسئول العلاقات العامة إلى دعوة المستشارة الإعلامية لمصر بإسطنبول بأن تقيم معها فى غرفتها خلال فترة الزيارة، فى الأمام من فندق مرمرة يقع ميدان تقسيم وبعده يبدأ شارع الاستقلال، وفى الميدان يقع تمثال مؤسس جمهورية تركيا كمال أتاتورك، وشارع الاستقلال الذى تجولت فيه وكنت أجلس على مقاهيه هو من أشهر شوارع مدينة إسطنبول، وتقع به العديد من المبانى الأثرية، ومحلات الملابس، والمعارض، والمكتبات ودور السينما والملاهى الليلية، كما يخترقه «ترام» شيد فى العهد العثمانى، ويعتبر وجهة رئيسية لزوار إسطنبول حيث يزوه يومياً آلاف السياح من مختلف دول العالم، وكان يعرف بـ«الشارع الكبير» حتى نهاية العهد العثمانى، وكان حينها مركزا للمثقفين الأتراك والأوروبيين، لكن مع إعلان تأسيس الجمهورية التركية الحالية فى عام 1923، تم تغيير اسم الشارع إلى شارع الاستقلال لإحياء ذكرى ما تطلق عليه أنقرة حرب الاستقلال التركية. والشارع مكان معروفاً لإحياء مناسبات عديدة مثل رأس السنة، ويشهد معارض للكتب، وأخرى للأعمال اليدوية إلى جانب أنشطة للأطفال والنساء والتى تقام فيه بشكل دورى، كما يضم العديد من الكافيهات، والمطاعم، كما يضم نصباً تذكارياً للجمهورية التركية، وعيد «التحرير والنصر»، ويتجول السياح فيه على مدار اليوم لالتقاط الصور، وقد شهد شارع الاستقلال عدة حوادث إرهابية بين عامى 2015، 2016، حيث تبنى تنظيم داعش تلك الهجمات التى أسفرت عن مقتل وإصابة المئات.

ويوم الأحد الماضى أعلنت السلطات التركية عن عمل إرهابى فى شارع الاستقلال سقط فيه العديد من القتلى والمصابين، وقالت الشرطة التركية إن منفذة الهجوم شابة سورية الجنسية تدعى أحلام البشير، هى من زرعت القنبلة فى الشارع المكتظ بالمواطنين والسياح، وقالت التحقيقات إن المتهمة تلقت تدريبها فى سوريا من قبل حزب العمال الكردستانى، ودخلت تركيا بشكل غير قانونى، من المنطقة بين إدلب وعفرين، ونفى حزب العمال الكردستانى أن يكون له دور فى الحادث، ولن يستهدف مدنيين بشكل مباشر!

معروف أن حزب العمال الكردستانى يخوض حرباً منذ عقود مع أنقرة، وتعتبره تركيا والولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبى منظمة إرهابية. واعترفت المتهمة فى التحقيقات أنها تصرفت بناء على أوامر من حزب العمال الكردستانى وتلقت تعليمات بتنفيذ العملية فى عين العرب «كوبانى» فى شمال شرق سوريا.

الإرهاب فى أى مكان عمل جبان وخسيس، ويشكل خطراً كبيراً على السلم والأمن الدوليين، وهو من أخطر المشكلات التى يواجهها عالمنا المعاصر، ولا يقتصر خطره على دولة دون أخرى أو على منطقة معينة دون غيرها، بل إنه يضرب فى كل مكان، وهو ظاهرة غريبة على التعاليم الدينية السمحة والتقاليد العربية الأصيلة، وضد حقوق الإنسان، وقد أدانت مصر العملية الإرهابية التى استهدفت تركيا بأشد العبارات، وقدمت التعازى لذوى الضحايا والشعب التركى والدولة التركية، وأعلنت رفضها كافة أشكال العنف والإرهاب مهما كانت مسبباته، ودعت العالم إلى التضامن فى مواجهة هذه الظاهرة البغيضة وتجفيف منابع دعمها مادياً أو فكرياً.

وكانت مصر قد واجهت الإرهاب بمفردها نيابة عن العالم عندما استهدف سيناء ودعت المجتمع الدولى للقيام بواجباته لمواجهة هذه الظاهرة التى ليس لها وطن ولا دين، كما توالت الإدانات من كافة دول العالم لرفض تهديد تركيا، وأكد الأزهر أن استهداف المدنيين فى كل مكان إفساد فى الأرض.

الدعوة التى بدأتها مصر لإيجاد تعاون دولى لمكافحة الإرهاب ما زالت مفتوحة، لمواجهة خطره الذى يهدد الأخضر واليابس، ويهدد الشعوب ويخل بالأمن والاستقرار، ويفتت الدول، وزاد خطره عندما انتقل من العمليات التقليدية غير المنظمة والتخريب والاغتيالات إلى جريمة دولية منظمة تساندها بعض الدول لما لها من قدرة مالية، وكفاءة فى العمليات الاستخباراتية، والمواجهة المطلوبة للإرهاب هو الانتقال من عملية الإدانة إلى التنفيذ لقطع دابر هذا الخطر الذى يهدد المجتمع الدولى.

< أتمنى="" أن="" تعود="" الحياة="" العادية="" سريعاً="" إلى="" شارع="" الاستقلال="" فى="" تركيا="" والذى="" قضيت="" فيه="" وقتًا="" سعيدًا،="" وأهمس="" فى="" أذن="" السلطات="" من="" يربى="" الأفاعى="" لا="" يسلم="" عادة="" من="">