رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

ندى

 

 

لحظات المرض رغم ألمها وقسوتها, ومرارة أيامها , وصعوبة احتمال تبعاتها, إلا أنها فرصة كبيرة للتأمل ومراجعة النفس والبحث عن نعم المولى عز وجل التى لا تعد ولا تحصى.

وعندما تشتد المحن وتتعقد الأمور وتنتظر المجهول وتعيش أياما عصيبة, يأخذك اليأس تارة, ثم ما تلبث أن تعود إلى الأمل, يسرح خيالك إلى أشياء ربما تغير مصير حياتك القادمة طبقا لتوقعات الأطباء, ثم ترجع سريعا إلى محراب المولى عز وجل , بين هذه المشاعر المضطربة المتباينة  يظهر اسم «اللطيف»الذى يؤكد لك أنه لا مستحيل فى هذه الحياة، وأن الله قادر على كل شيء, وأن اختياره هو الأصلح لك.

ترى يد الله  تربت على كتفيك  لتذكرك بأنه معك, تشعر بلطف الله جليا  فى تخفيف الآلام , تستشعر قدرة المولى عز وجل فى تحقيق الخير لك , تسعد بقضاء الخالق الذى يخالف توقعات الخلائق, ثم لا تملك إلا أن تحاول شكره على منه وجوده وكرمه.

عندما تخرج من حولك وقوتك وتستلم إلى إرادة السماء- بعد أن استنفدت جميع الأسباب- وتعلق آمالك برب الأسباب ستجد لطفه يبهرك, وكرمه يغمرك, ورحمته تتسع لجميع مشاكلك, ويأتيك الفرج من أوسع الأبواب, وتحيطك العناية الربانية من جميع الجهات, فتصبح فى معية المولى عز وجل, ويصدق فيك قوله» يا ابن آدم، مرضت فلم تعدني، قال: يا رب، كيف أعودك وأنت رب العالمين؟ قال: أما علمت أن عبدى فلانًا مرض فلم تعده؟ أما علمت أنك لو عدته لوجدتنى عنده».

اللطيف يأتى بلطفه عظائم المقادير والتى تستبعدُ أكثر العقول خيالًا وقوعها, ها هى رؤيا من أعظم رؤى البشرية يراها يوسف عليه السلام وهو فى حالة تؤكد كل مؤشراتها الطبيعية استحالة تحققها يحكى رؤياه فيقول: « إِنِّى رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِى سَاجِدِينَ «.

تأويل الرؤيا أن أباه وأمه وأخوته الأحد عشر سيسجدون له إكرامًا له, كيف وأبوه نبى كريم، كبير فى السن ، وأخوته لا يكنّون له حبًا فكيف سيسجدون له، بل إن ذلك دفعهم لإلقائه فى البئر.

لكن اللطيف سبحانه يقدر الأقدار، ويصرف الأمور ويخرجه من السجن، ويجعله فى منصب رفيع، ثم يقدّر القحط على البلاد، ثم يأتى بإخوته فى ثياب الحاجة، وما تزال أقدار اللطيف تلتف لتحقق تلك الرؤيا القديمة، فيعجب يوسف لسجود والديه وإخوته ويقول: « وَقَدْ أَحْسَنَ بِى إِذْ أَخْرَجَنِى مِنَ السِّجْنِ وَجَاءَ بِكُم مِّنَ الْبَدْوِ مِن بَعْدِ أَن نَّزَغَ الشَّيْطَانُ بَيْنِى وَبَيْنَ إِخْوَتِى «.

هذا اختصار للطف الذى سيطر على المشهد ثم يضع التوقيع النهائى فيقول: « إِنَّ رَبِّى لَطِيفٌ لِّمَا يَشَاءُ «,  نعم إنه اللطيف إذا أراد شيئًا هيأ له أسبابه بكامل اللطف وتام الخفاء، حتى أنه ليقع ما يستحيل فى العادة ألا يقع لأنه الله اللطيف الخبير.

ولا بد للطيف أن يكون عليمًا، فكيف يكرمك ويمن عليك ويهديك بلطفٍ من لا يعلم مكامن هذا اللطف؟

اللطيف الذى يدرك بواطن الأشياء وخفاياها وسرائرها، الذى يسوق إلى عبده الخير، ويدفع عنه الشر بطرق لطيفة تخفى على العباد، ومن لطفه أنه يرى عبده عزته فى انتقامه، وكمال اقتداره، ثم يظهر لطفه بعد أن أشرف العبد على الهلاك, فإذا رأيت الله تعالى قد يسر العبد لليسرى، وسهل له طريق الخير، وذلل له صعابه، وفتح له أبوابه، ونهج له طرقه، ومهد له أسبابه، وجنبه العسرى فقد لطف به.

إن من صفاته عز وجل «اللطف بعباده» وهى رسالة للمؤمن فحواها أنه مهما اشتدت بك الكروب وعظم الخطب وضاق بك الحال واشتد البلاء فإن ما يخفف عليك الأمر علمك بلطف الله سبحانه وتعالى.

[email protected]