رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

حكاية وطن

بدأت مصر استعداداتها لحرب السادس من أكتوبر عام 1973، عقب حرب يونيو 1967 مباشرة، وذلك من خلال سعى مصر السياسى والدبلوماسى إلى المنظمات الدولية، وعلى رأسها الأمم المتحدة، وإلى الدول العظمى خصوصا الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفييتي، وقد حققت مصر مكاسب دبلوماسية من هذه التحركات تمثلت فى إدانة العدوان الاسرائيلى على مصر والأراضى العربية، واصدار القرار رقم 242 من الأمم المتحدة الذى يطالب اسرائيل بالانسحاب من الأراضى المحتلة، إلا أن تل أبيب لم تنفذ القرار واستمرت فى الاحتلال، وقد بدأت مصر فى تجميع القوى العربية للضغط على المجتمع الدولى وتوصلت الى شعار «ما أخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة» فى توصيات مؤتمر القمة العربية فى الخرطوم، الذى عقد فى 29 أغسطس 1967، بمشاركة رؤساء احدى عشر دولة عربية، وهى دول المواجهة «مصر  والأردن وسوريا».

وعند تولى الرئيس الراحل أنور السادات مقاليد الحكم فى عام 1970، قام بدور دبلوماسى كبير، واستطاع أن يوحد القوى العربية فى تحالف واحد قوى والتنسيق معهم على تنفيذ الحرب واستعادة الأرض فى ظل تعنت اسرائيل ورفضها كل سبل السلام، وتجلت تحركات السادات وعصمت عبدالمجيد وزير الخارجية فى الأمم المتحدة وكواليسها على استعداد مصر للحرب.

كان الرئيس الراحل جمال عبدالناصر قد انشأ مجلس الدفاع الوطنى عام 1968 لإيجاد تنسيق فعلى بين مؤسسات الدولة بهدف تذليل العقبات أمام اتخاذ قرارات سريعة وحاسمة، والابتعاد عن الاجراءات الحكومية الروتينية المعروفة، وتسهيل كل العقبات التى تواجه أى خطوة فى الحرب.

تحول الاقتصاد المصرى قبل حرب أكتوبر الى «اقتصاد الحرب»، حيث قامت جميع المصانع بالتعبئة لتوفير احتياجات القوات المسلحة أولا،  كما لجأت مصر ضمن خطتها فى خداع العدو الى توقيع تعاقدات دولية لتوريد السلع الاستيراتيجية مثل القمح على مدد زمنية غير منتظمة، حتى لا تلفت انتباه العدو الى ان الدولة تقوم بتخزينها، وقد تم تحقيق الاحتياطى اللازم من هذه السلع ليكفى احتياجات الدولة لمدة 6 أشهر قبل الحرب مباشرة.

كما قامت مصر بإعادة بناء القوات المسلحة وتكوين قيادات ميدانية جديدة، وتم استحداث الجيشين الثانى والثالث  الميدانيين، وإعداد القيادات التعبوية الجديدة، وإعادة تشكيل القيادات فى السلاح الجوي، وإدخال نظم تدريب على مسارح مشابهة لمسرح عمليات الحرب. فتم انشاء سواتر ترابية مماثلة لخط بارليف على ضفة النيل وتدريب القوات على عبورها، كما احتفظت القوات المسلحة بالقوة الرئيسية من المجندين دون تسريحهم بعد انتهاء فترة تجنيدهم، حتى ان بعض المجندين استمروا فى تجنيدهم لمدة 7 سنوات، كما استعدت القوات المسلحة للحرب بكل ما هو حديث فى تكنولوجيا التسليح، وقامت بتطوير أسلحة المشاة  واستبدلت الدبابات القديمة بأخرى متطورة، وتم الدفع بطائرات حديثة وادخال طرازات جديدة من الصواريخ قصيرة ومتوسطة المدي، وكذلك لتطوير معدات المهندسين العسكريين وأجهزة الكشف عن الألغام وادخال أسلحة غير تقليدية ابتكرها هندسون مصريون، مثل قاذفات اللهب المحمولة على الأكتاف  ومسدسات المياه التى استخدمت فى تدمير خط بارليف، كما أصدرت القيادة العامة توجيهاتها قبل الحرب للتدريب على العمليات بدءا من إعداد الجندى للقتال  حتى اعداد الوحدة  والوحدة الفرعية للتشكيل للحرب، والتدريب على اسلوب اقتحام الموانع المائية والنقاط القوية المشرفة على حمايتها، واسلوب الدفاع عن مناطق التمركز والوحدات والمعسكرات  لمواجهة عناصر «المتكال» المتمركزة خلف خطوط الدفاع الاسرائيلي.

فى السادس من أكتوبر المقبل بعد أيام، تحتفل مصر بالذكرى الـ 49 للنصر المجيد الذى مازال يدرس فى الأكاديميات العسكرية العالمية، من حيث دقة التخطيط والتنفيذ والعقيدة القتالية لخير أجناد الأرض، لتظل حرب أكتوبر علامة مضيئة فى تاريخ العسكرية المصرية، ومناسبة عزيزة على قلوب جميع المصريين.