هَذَا رَأْيِي
ما يحدث فى التعليم خاصة الجامعى يحتاج وقفة.. تنسيق الجامعات والتباين الحاصل فى القبول خاصة الكليات العملية أمر شديد الغرابة.. كيف نأمن لطبيب فى علاج مريض حصل على شهادته الجامعية بفلوسه وليس بقدرته العلمية وتفوقه.. كيف نأمن على أرواحنا لمبنى أشرف على بنائه مهندس حصل على شهادة بفلوسه ومقدرة أهله المالية.. ماذا ننتظر من خريجى كليات نظرية سواء فى الاقتصاد أو المحاسبة أو التدريس أو الأدب أو الثقافة حصل على شهادة الثانوية بـ٥٠% والجامعية بالمال؟
لا نريد هذا التفاوت المرعب فى قبول الطلاب بالمرحلة الجامعية بين الجامعات الحكومية والأهلية والخاصة ناهيك عن العبث والفوضى فى الجامعات الخارجية وكيف يحصل الطلاب على شهادات هذه الجامعات خاصة فى الكليات العملية.
حسنا فعلت الدولة فى افتتاح العديد من الجامعات الأهلية والتى بلغت إثنتى عشر جامعة أهليه تابعة لجامعات حكومية علاوة على أربع جامعات أهلية لها تنسيق خاص وحتى وإن كان عليها بعض التحفظات.
وجود جامعات أهلية توجه محمود من الدولة ليكبح جماح الجامعات الخاصة وشجع العديد منها، علاوة على التصدى لتوجه الطلبة إلى الجامعات الخارجية ودفع آلاف الدولارات مقابل الحصول على شهادة تمنحه لبس البالطو الأبيض أو الخوذة.
التوسع وإتاحة الفرصة للتعليم الجامعى توجه محمود ولكن بشروط وضوابط.. علينا أن نهتم بجودة التعليم الجامعى واحتياجات سوق العمل فليس المهم الكم ولكن الأهم هو الكيف.. أهلا وسهلا ومرحبا بمزيد من إتاحة التعليم الجامعى مع وجود الجودة لضمان خريجين أكفاء.. توفير أعضاء هيئات تدريس وتوفير معامل ومراكز بحثية ومستشفيات تعليمية لا يقل أهمية عن وجود مبنى جميل ومدرجات حديثة.. كيف يمكن لجامعة أهلية أو خاصة أن يكون لديها كلية طب بشرى أو أسنان أو علاج طبيعى ولا يوجد لديها مستشفى بعدد أسرة مناسب وعدد وحدات كراسى أسنان ومعامل لتدريب الطلاب.
كيف يمكن لجامعة أن يكون لديها كلية هندسة ولا يوجد بها مراكز تدريب وبمناهج وامتحانات وتصحيح لا يمكن أن تضمن خريجًا كفئًا يمكن أن نعتمد عليه ونأمن له على حياتنا وأرواحنا.
علينا أن نهتم بالتجهيزات اللازمة حتى نتمكن من توفير فرص تدريبة لخريجى هذه الجامعات تمكنهم من العمل بكفاءة.. تحميل تدريب هؤلاء الطلاب على الجامعات الحكومية والمستشفيات الجامعة قد يكون حلًا مؤقتًا لإنقاذ موقف ولكن الاعتماد عليه كمنهج أمر شديد الخطورة، لكون هذه الجامعات يعانى طلابها الأمرين فى التدريب لقلة الإمكانات علاوة على وجود هؤلاء الخريجين وقدرتهم على دفع مبالغ لشراء هذه الفرص التدريبية أمرًا معيبًا، فالعلم ليس سلعة لمن يدفع..
على النقابات المهنية خاصة الطبية والهندسية أن تتصدى بكل قوة لهذه الظاهرة حفاظًا على سمعة الخريجين وأعضاء المهنة وهذا هو أولى مهام النقابات المهنية للحفاظ على المهنة والارتقاء بها، وتحسين مستوى أعضائها.
وحسنت فعلت نقابة العلاج الطبيعى وعلى رأسها الدكتور سامى سعد بعدم قيد خريجى الجامعات الخارجية بسجلات النقابة كما نتمنى أن يتصدى اتحاد المهن الطبية (بشريين وأسنان وصيادلة) وكذلك نقابة المهندسين لهذه الظاهرة.
تدمير أى أمة لا يحتاج إلى قنابل نووية أو صواريخ بعيدة المدى ولكن يحتاج إلى تخفيض نوعية التعليم وتسطيحه والسماح للطلبة بالغش وشراء الشهادات.
فيموت المريض على يد طبيب نجح بالغش وبشهادة دفع ثمنها نقدا وعدا، وتنهار البيوت على يد مهندس نجح بالغش وبشهادة اشتراها بالمال من دكاكين لبيع هذه الشهادات.
انهيار التعليم يعنى انهيار الأمة.. فخذوا حذركم.